نايك
في سنغافورة ظهر ابتكار لافت يجمع بين عالم الموضة والتقنية وصناعة ألعاب الفيديو حين أقدم المصمم غوستافو بونزانيني على تطوير حذاء رياضي مميز قادر على تشغيل ألعاب سوبر نينتندو الكلاسيكية كما لو كان جهازا متكاملا بحد ذاته. جاء هذا الابتكار الفريد احتفاء بالذكرى الخامسة والثلاثين لإطلاق جهاز اس ان اي اس في اليابان وهو أحد أشهر الأجهزة التي طبعت ذاكرة جيل كامل من محبي الألعاب القديمة. وقد حمل الحذاء اسم اير اس ان اي اس وهو نسخة معدلة بعناية من حذاء نايكي اير ماكس تسعين بحيث لا يقتصر دوره على كونه قطعة أزياء جذابة بل يتحول ايضا الى منصة لعب حقيقية تعمل بكفاءة مدهشة.

استوحى بونزانيني فكرته من موجة التعاون المتصاعدة بين شركات الأحذية وشركات الألعاب حيث لاحظ خلال السنوات الأخيرة زيادة المشاريع التي تجمع بين تصميم الأحذية والرموز البصرية المأخوذة من ألعاب الفيديو. إلا ان المصمم أراد تجاوز فكرة الاكتفاء بالشكل الخارجي الذي يوحي بعالم الألعاب ليطرح سؤالا مختلفا تماما وهو هل يمكن صناعة حذاء يبدو وكأنه مستلهم من الألعاب ولكنه قادر فعلا على تشغيلها مثل جهاز حقيقي. هذا التساؤل تحول لاحقا الى مشروع فعلي دفعه الى العمل على دمج مكونات إلكترونية دقيقة داخل الحذاء مع الحفاظ على شكله الخارجي ووظيفته الرياضية.
استغرق العمل على اير اس ان اي اس عدة مراحل بدأها المصمم بدراسة المكونات الأساسية لجهاز سوبر نينتندو وطريقة تشغيله للألعاب ثم تكييف تلك المكونات لتناسب المساحة المحدودة داخل الحذاء دون التأثير في راحة من يرتديه. كما تطلب الأمر تعديلات دقيقة لضمان وجود فتحات تهوية مناسبة ومنافذ اتصال صغيرة تسمح بتوصيل الحذاء بشاشة خارجية بالإضافة الى وحدة تحكم تمكن اللاعب من استخدامه بطريقة عملية. وعلى الرغم من أن المشروع يبدو للوهلة الأولى مجرد تجربة فنية إلا أنه في الواقع يجمع بين الهندسة والإبداع في آن واحد.
الحذاء نفسه يحتفظ بروح تصميم نايكي الكلاسيكي حيث يظهر بمظهر رياضي جذاب مع لمسات لونية مستوحاة من جهاز اس ان اي اس الأصلي مثل درجتي الرمادي واللمسات الحمراء التي كانت تميز الجهاز في نسخته اليابانية. ومع ذلك يضم داخله وحدة معالجة صغيرة وذاكرة وبرمجيات تسمح بتشغيل الألعاب القديمة تماما كما كانت تعمل على الجهاز الأصلي. وقد أكد بونزانيني ان الهدف من هذا العمل ليس فقط إعادة إحياء ذكرى الجهاز الشهير بل ايضا تقديم تجربة تحفز الخيال وتدفع المتلقي الى إعادة التفكير في الحدود الفاصلة بين الموضة والتقنية.
يعتبر اير اس ان اي اس مثالا مهما على قدرة التصميم الحديث على إعادة تصور منتجات مألوفة وتحويلها الى أدوات مبتكرة بوظائف جديدة كليا. كما أنه يعكس شغف المصمم بعالم الألعاب الكلاسيكية ورغبته في خلق شيء يجمع بين الحنين الى الماضي وروح الابتكار. وبذلك يتحول الحذاء من مجرد قطعة يرتديها الناس في حياتهم اليومية الى تجربة فنية وتقنية من نوع خاص تدعو الجميع الى النظر الى الأشياء التقليدية بعيون مختلفة وإدراك أن الابتكار يمكن أن يأتي من أبسط الأفكار وأكثرها جرأة.
تم تطوير هذا الحذاء بطريقة تجمع بين الإبداع التقني واللمسة الجمالية، حيث تم إدماج جهاز Raspberry Pi Zero W داخل لسان الحذاء ليكون بمثابة قلب النظام الذي يدير تشغيل الألعاب. يعمل هذا الجهاز الصغير بكفاءة عالية رغم حجمه المحدود، وقد تم تهيئته بواسطة محاكي RetroPie الذي يتيح تشغيل ألعاب جهاز سوبر نينتندو الكلاسيكية. هذا الدمج يخلق تجربة فريدة تجمع بين عالم الألعاب القديمة وثقافة الأحذية الحديثة، مما يحول الحذاء من مجرد قطعة للأزياء إلى منصة ترفيهية متكاملة.
تم تزويد الحذاء ببطارية داخلية قادرة على توفير ما يقارب ثلاثين دقيقة من اللعب المتواصل. ورغم أن مدة التشغيل ليست طويلة مقارنة بأجهزة الألعاب المحمولة الحديثة، إلا أنها تفي بالغرض المطلوب وهو تقديم تجربة تفاعلية سريعة ومبتكرة. كما أن وجود هذه البطارية داخل جسم الحذاء يطرح تحديات هندسية، وقد تم تصميم الحذاء بحيث يحافظ على التوازن بين الوظيفة التقنية والراحة أثناء الارتداء.
ولأن تجربة اللعب لا تكتمل بدون عرض بصري مناسب فقد تم دمج منفذ HDMI داخل الحذاء ليتيح للمستخدم توصيله مباشرة بأي شاشة تدعم هذا النوع من التوصيل. يضيف هذا الخيار مرونة كبيرة حيث يمكن تشغيل الألعاب على شاشات مختلفة دون الحاجة لأي أجهزة وسيطة. ولمن يفضلون أساليب العرض الكلاسيكية تم تضمين محول عرض تناظري من نوع RCA ليتناسب مع الشاشات القديمة التي كانت شائعة في فترة انتشار جهاز سوبر نينتندو، وهو ما يجعل التجربة أكثر أصالة لمحبي الألعاب القديمة.
أما في ما يتعلق بالتحكم فقد تم تصميم الحذاء ليكون متوافقا مع يد التحكم الأصلية لجهاز سوبر نينتندو، مما يعيد للمستخدمين إحساس اللعب التقليدي نفسه. ولمن يبحثون عن مزيد من المرونة يمكن استخدام مجموعة تعديل من شركة ثمانية بت دو والتي تتيح تحويل يد التحكم الأصلية إلى جهاز لاسلكي يعمل عبر البلوتوث، ما يسمح بالتحكم في الألعاب دون الحاجة إلى كابلات ويضيف لمسة عصرية إلى التجربة الكلاسيكية.
وقد وصف بونزانيني هذا المشروع بأنه وسيلة للاحتفال بثقافتين مختلفتين ودمجهما في منتج واحد يعكس ما يمكن أن تصل إليه ثقافة الأحذية عند تداخلها مع التكنولوجيا. فالحذاء هنا ليس مجرد قطعة فنية أو تقنية بل هو رمزية للابتكار والقدرة على الابتعاد عن النمط التقليدي وإعادة تقديم شيء مألوف بطريقة جديدة ومختلفة. يجسد المشروع روح الإبداع التي تربط الماضي بالحاضر ويقدم مثالا على كيفية إعادة إحياء التقنيات القديمة بأسلوب جديد ومعاصر.
ورغم الاهتمام الكبير الذي أثاره هذا الحذاء إلا أنه نسخة واحدة فقط تم تصنيعها خصيصا للاحتفال بالذكرى المتعلقة بالجهاز والأسلوب الذي يمثله. لذلك فهو غير متوفر للبيع ولا توجد خطط حاليا لتصنيعه بشكل تجاري. ومع ذلك فقد نجح المشروع في ترك بصمة واضحة وإلهام الكثير من المهتمين بمجالات التكنولوجيا والتصميم وصناعة الأحذية، حيث يفتح الباب أمام أفكار جديدة تجمع بين الموضة والتقنية في منتجات فريدة وغير تقليدية.




