آبل

آبل تؤكد انفتاحها على الاستحواذات في مجال الذكاء الاصطناعي وسط توسع استثماري ملحوظ وتحديات تنافسية
في خطوة تعكس التحول الاستراتيجي المتسارع لشركة آبل نحو تعزيز مكانتها في مجال الذكاء الاصطناعي، أعلن الرئيس التنفيذي للشركة، تيم كوك ، عن استعداد آبل الكامل للانخراط في عمليات الاستحواذ والاندماج ضمن هذا القطاع الحيوي، مؤكدًا أن الشركة “منفتحة” على جميع الخيارات الممكنة التي من شأنها دعم رؤيتها التكنولوجية المستقبلية.

تأتي تصريحات كوك في توقيت بالغ الأهمية، إذ تزامنت مع إعلان النتائج المالية للربع الثاني من عام 2025، والتي كشفت عن أداء مالي قوي، حيث حققت الشركة إيرادات بلغت 94 مليار دولار خلال الفترة الممتدة من أبريل إلى يونيو، ما يمثل نموًا بنسبة 10% مقارنةً بالربع نفسه من عام 2024، بحسب ما نقلته شبكة CNBC الإخبارية.
التحول نحو الذكاء الاصطناعي
ورغم النجاح المالي المتواصل في قطاعات الشركة التقليدية، فإن تصريحات كوك تسلط الضوء على تغير استراتيجي جوهري في توجهات آبل، إذ لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة مساعدة ضمن منتجاتها، بل أصبح محورًا رئيسيًا في خططها المستقبلية. وقال كوك إن آبل تعيد توزيع الموارد البشرية داخل الشركة، حيث يعمل الآن عدد متزايد من الموظفين على مشاريع الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تُعد جزءًا من عملية التحول الشاملة التي تخوضها الشركة حاليًا.
وأكد كوك أن آبل تعمل على دمج الذكاء الاصطناعي بعمق في أنظمتها البيئية، بدءًا من الأجهزة مثل الآيفون والماك، مرورًا بأنظمة التشغيل المختلفة، ووصولًا إلى الخدمات الرقمية مثل iCloud وApp Store. وشدد على أن الشركة تركز على تقديم تجارب قائمة على الذكاء الاصطناعي تكون آمنة، مخصصة، وفعالة للمستخدمين، مع احترام كبير للخصوصية التي طالما كانت ركيزة أساسية في فلسفة آبل.
سعيٌ للحاق بالمنافسين
وعلى الرغم من الثقة التي أبداها كوك، إلا أن الشركة لا تزال تواجه تحديات ملموسة في مجال الذكاء الاصطناعي. فوفقًا لتقارير متعددة، تُعد آبل متأخرة نسبيًا مقارنةً بمنافسيها الرئيسيين مثل مايكروسوفت، جوجل، وميتـا، الذين ضخوا استثمارات ضخمة في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي والمساعدات الذكية. وقد شهدت آبل في الأشهر الماضية خسارة عدد من مهندسي الذكاء الاصطناعي البارزين ، بعد انتقالهم للعمل لدى ميتا التي أغرتهم بعروض مالية كبيرة، ما أثار تساؤلات حول قدرة الشركة على الاحتفاظ بالمواهب الحيوية في هذا القطاع.
ردًا على هذا الواقع، تشير تقارير صحفية إلى أن آبل أصبحت تعتمد بشكل متزايد على التعاون مع شركات ناشئة متخصصة في الذكاء الاصطناعي، كما فتحت المجال لإجراء استحواذات استراتيجية بهدف تسريع وتيرة التطوير الداخلي. فقد ذكرت وكالة بلومبرغ أن آبل أجرت محادثات مع كلٍ من OpenAI و Anthropic ، وهما من أبرز الشركات العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، لمناقشة إمكانية دمج تقنياتهما في مشروع جديد لإعادة تصميم المساعد الرقمي سيري ليصبح أكثر ذكاءً وسلاسة.
استحواذات قيد البحث وتغييرات تنظيمية
ومن بين التحركات اللافتة التي ظهرت مؤخرًا، كان اهتمام آبل بشركة Perplexity AI ، وهي شركة ناشئة متخصصة في تطوير محركات بحث مدعومة بالذكاء الاصطناعي. ورغم أن الصفقة لم تكتمل بعد، فإن مجرد طرح الفكرة يعكس استعداد آبل للذهاب بعيدًا في سعيها لتقوية بنيتها التحتية في هذا المجال.
على صعيد الهيكلة الداخلية، فقد كلّفت الشركة مايك روكويل ، الذي قاد سابقًا تطوير نظارة الواقع المختلط Vision Pro، برئاسة فريق الذكاء الاصطناعي في الشركة منذ مارس 2025. ويُعد هذا التعيين خطوة لافتة تعكس نية آبل في دمج جهود الذكاء الاصطناعي مع مشاريعها الأخرى في مجالات الواقع المعزز والافتراضي، ما قد يُنتج تفاعلات غنية مستقبلًا بين هذه التقنيات.
تطوير سيري وتخصيص التجربة
وفي سياق التطويرات التقنية، أشار كوك إلى أن الشركة تحرز تقدمًا جيدًا في تطوير نسخة جديدة من سيري، تعتمد على نماذج لغوية أكثر تقدمًا، ما يسمح بجعل تجربة المستخدم أكثر تخصيصًا وفعالية. إلا أن كوك تحفّظ على تحديد موعد لإطلاق النسخة الجديدة، مشيرًا إلى أن الشركة تواصل العمل على اختبارها بدقة لضمان الجودة والخصوصية.
أداء مالي قوي رغم التحديات
رغم هذه التحديات التقنية، فإن الوضع المالي للشركة ما يزال قويًا. فقد واصلت آبل تسجيل نتائج إيجابية في مختلف قطاعاتها الأساسية. ففي قطاع الهواتف الذكية، ارتفعت إيرادات الآيفون بنسبة 13% لتصل إلى 44.6 مليار دولار خلال الربع الثاني، مدفوعة بارتفاع الطلب في الأسواق الآسيوية والأمريكية. كما سجلت أجهزة ماك إيرادات بلغت 8.1 مليار دولار، وذلك بعد إطلاق نسخة محدثة من MacBook Air في مارس الماضي، والتي حظيت بإشادة واسعة من المستخدمين.
أما في قطاع الخدمات، فقد حققت آبل نموًا لافتًا، إذ ارتفعت الإيرادات بنسبة 13% لتصل إلى 27.4 مليار دولار ، وهو أعلى مستوى لها على الإطلاق. ويشمل هذا القطاع خدمات مثل iCloud، Apple TV+، وApple Music، ما يعكس نجاح الشركة في بناء نظام خدمات رقمي متكامل.
آيفون 17 وتصميم iOS 26
ومن المنتظر أن تكشف الشركة عن سلسلة آيفون 17 الجديدة خلال حدثها السنوي في سبتمبر المقبل، إلى جانب إصدار نظام التشغيل الجديد iOS 26 ، الذي سيأتي بتصميم بصري جديد يُعرف باسم “Liquid Glass”. وقد أثار هذا التصميم بالفعل نقاشات واسعة بين المستخدمين، حيث رحّب به البعض بسبب جماليته، فيما اعتبره آخرون تغييرًا مبالغًا فيه.