آيفون
تعمل شركة أبل الأميركية على تعزيز تجربة مستخدمي هواتف آيفون من خلال تطوير مزايا الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، وهي تقنية حديثة تتيح للمستخدمين البقاء على اتصال حتى في المناطق النائية أو التي تفتقر إلى الشبكات الأرضية التقليدية. ويهدف هذا التوجه إلى تمكين المستخدمين من تشغيل مجموعة من التطبيقات الحيوية دون الاعتماد على تغطية شبكات المحمول التقليدية، بما في ذلك تطبيقات الخرائط التي تساعد على تحديد المواقع والتوجيه، بالإضافة إلى خدمات التراسل الفوري التي تتيح إرسال واستقبال الرسائل في أي مكان، مهما كانت الظروف الجغرافية أو البيئية صعبة.

وتسعى أبل من خلال هذا التطوير إلى توسيع نطاق الخدمات التي تقدمها لمستخدمي هواتف آيفون بشكل ملحوظ، بحيث لا يقتصر الاستخدام على الوظائف الأساسية للهواتف الذكية فقط، بل يشمل مجموعة واسعة من التطبيقات التي تعتمد على الاتصال المستمر والموثوق. وقد بدأت فكرة الاتصال عبر الأقمار الصناعية في هواتف آيفون بهدف توفير وسيلة طارئة للتواصل في حالات الطوارئ، بحيث يمكن للمستخدمين إرسال رسائل قصيرة من خلال نظام SMS حتى عند عدم وجود تغطية لشبكات الهاتف المحمول التقليدية. ومع مرور الوقت، تطورت هذه الميزة لتصبح أكثر شمولاً، حيث أصبح بالإمكان تبادل الرسائل النصية بين جميع المستخدمين، وليس فقط في حالات الطوارئ، مما يعكس رغبة الشركة في دمج هذه التكنولوجيا بشكل أكثر تكاملاً في الحياة اليومية للمستخدمين.
وبحسب التقارير التي نشرتها وكالة بلومبرغ، فإن أبل تركز حالياً على توسيع استخدام هذه التقنية لتشمل مجموعة متنوعة من التطبيقات والخدمات. فعلى سبيل المثال، يمكن لمستخدمي آيفون الاعتماد على الاتصال عبر الأقمار الصناعية لتحديث مواقعهم على الخرائط بشكل مباشر في الوقت الفعلي، مما يسهل عملية التنقل والوصول إلى الوجهات المختلفة حتى في الأماكن التي يصعب الوصول إليها. كما يمكن لهذه التقنية أن تدعم التطبيقات التي تتطلب تواصلاً فورياً بين المستخدمين، بما في ذلك تطبيقات التراسل الفوري والمراسلة الجماعية، الأمر الذي يرفع مستوى الاعتماد على هواتف آيفون في الظروف الطارئة والرحلات الخارجية والمغامرات في المناطق النائية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن توسع أبل في هذا المجال يعكس التزام الشركة بالابتكار المستمر وحرصها على تقديم حلول تكنولوجية متقدمة تواكب احتياجات المستخدمين الحديثة. فقد أصبحت القدرة على التواصل في أي وقت ومن أي مكان جزءاً أساسياً من تجربة المستخدم، ولذلك تركز الشركة على تطوير هذه المزايا بطريقة تجعل الهواتف أكثر قدرة على تلبية احتياجات المستخدمين في مختلف الظروف والمواقف. كما أن دمج الاتصالات عبر الأقمار الصناعية مع تطبيقات الهواتف الذكية يسهم في رفع مستوى الأمان والراحة للمستخدمين، حيث يمكنهم الاعتماد على هواتفهم لإرسال واستقبال الرسائل وتحديث المواقع حتى في غياب الشبكات التقليدية.
من خلال هذا التطوير المستمر، تسعى أبل إلى توفير تجربة استخدام متكاملة تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة لتوسيع نطاق الخدمات المقدمة لمستخدمي آيفون، بما يتجاوز حدود الاتصال التقليدي ويضمن التواصل المستمر في جميع الظروف. ويشير هذا التوجه إلى المستقبل الذي تطمح إليه الشركة، حيث يصبح الهاتف الذكي أداة متعددة الاستخدامات تعتمد على الاتصال عبر الأقمار الصناعية لتقديم مزايا فريدة تلبي مختلف احتياجات المستخدمين اليومية والطوارئ على حد سواء.
خدمات أوسع لمستخدمي آيفون
أفاد مارك جورمان، محرر الشؤون التقنية في “بلومبرغ”، في نشرته الدورية “Power On”، أن شركة أبل تعمل على تطوير واجهة برمجية جديدة للمطورين، تمكّنهم من تصميم تطبيقات تستفيد من خدمات الاتصال عبر الأقمار الصناعية، مع الإشارة إلى أن بعض الميزات داخل هذه التطبيقات قد لا تكون متاحة للتشغيل عبر الأقمار الصناعية في البداية.
كما تسعى أبل إلى تطوير خرائطها Apple Maps لتسمح للمستخدمين بالتفاعل معها بشكل طبيعي دون الحاجة للاتصال بشبكات الهاتف التقليدية أو شبكات الواي فاي، مع الاعتماد الكامل على الاتصال بالأقمار الصناعية.
ولتقديم تجربة تراسل أكثر ثراءً، تعمل أبل على إتاحة إمكانية مشاركة الصور ضمن الرسائل النصية المرسلة عبر الاتصال الفضائي.
يشهد سوق الهواتف الذكية تنافساً شديداً بين الشركات لتقديم أجهزة تجمع بين قدرات الهاتف الذكي وخدمات الأقمار الصناعية. وفي هذا الإطار، تسعى أبل إلى تسهيل الاتصال بالأقمار الصناعية، إذ يحتاج المستخدم حالياً إلى وجود اتصال بصري مباشر مع السماء لتوجيه الهاتف، لكن الشركة تطور تقنية تُعرف باسم “الاستخدام الطبيعي” ليظل الهاتف متصلاً حتى عند وضعه في الجيب.
ويتوقع التقرير أن تدعم هواتف آيفون 18 تقنية 5G NTN، التي تتيح لأبراج الشبكات توسيع نطاق خدماتها عبر الأقمار الصناعية، ما يسمح بتمرير البيانات حتى في الأماكن المنعدمة التغطية لشبكات الأرضية التقليدية.
تحديات تقنية
تتطلب هذه الميزات تحديثات كبيرة في البنية التحتية للأقمار الصناعية التي تديرها شركة “جلوبال ستار”، والتي شاركت أبل في تمويلها خلال السنوات الماضية. وفي حال استحوذت شركة “سبيس إكس” على “جلوبال ستار”، فإن ذلك سيسرع من وتيرة تنفيذ التحديثات وإطلاق الخدمات الجديدة.
لكن هذا قد يدفع أبل لإعادة التفكير في استراتيجيتها للأقمار الصناعية، إذ سيكون أمامها خياران: التعاون المباشر مع “سبيس إكس” للاستمرار في تقديم خدمات مستقرة، أو تطوير أقمار صناعية خاصة بها لتوسيع سيطرتها التقنية.
وقد بدأت أبل مشروعاً داخلياً يحمل الاسم الكودي “Stewie” لمناقشة إمكانية دخول سوق الأقمار الصناعية للاتصالات، بهدف تحقيق استقلالية تقنية والتحكم الكامل بتجربة المستخدم من الأجهزة إلى البرمجيات وصولاً إلى العتاد الفضائي، مع التركيز على الأمان والخصوصية.
وتسيطر عدد قليل من شركات الاتصالات الأميركية مثل T-Mobile وAT&T على خدمات الأقمار الصناعية، مما يتيح لأبل فرصة لملء الفجوة عبر توفير خدماتها الفضائية مباشرة على هواتف آيفون، بغض النظر عن مزود الخدمة.
جهود داخلية
يشرف فريق “مجموعة اتصالات الأقمار الصناعية” Satellite Connectivity Group على تطوير خدمات الاتصال الفضائي داخل أبل، بقيادة مايك تريلا، ويعمل الفريق بتنسيق مع وحدات تطوير البرمجيات والعتاد والأعمال والشؤون التنظيمية لضمان الامتثال للقوانين والمعايير الدولية.
وقد أطلقت أبل مؤخراً خدمات الاتصال الفضائي لساعات أبل ووتش 3 ألترا، مع دراسة إتاحتها لأجهزة آيباد باستخدام رقائق مودم مطورة داخلياً، بدل الاعتماد على رقائق كوالكوم.
تغيير الاستراتيجية
اعتمدت أبل منذ البداية على تقديم ميزات أساسية مجانية في خدماتها الفضائية، مثل خدمة الطوارئ عبر الأقمار الصناعية، بهدف تعزيز تجربة المستخدم وتشجيع الترقية إلى الأجهزة الأحدث. وفي المقابل، ستتيح الشركة للمستخدمين الراغبين بخدمات متقدمة الدفع مباشرة لمزودي الخدمة، سواء شركات تقليدية أو متخصصة مثل سبيس إكس.
وتشير التقارير إلى أن أبل ستقدم مع هواتف آيفون 18 مواصفات محسنة لمعالجاتها الجديدة A20، مع الجمع بين خدمات أساسية مجانية وخيارات مدفوعة متقدمة بالشراكة مع مزودي البنية التحتية الفضائية، بينما تركز سبيس إكس على تقديم خدمات مكالمات ومحادثات فيديو عبر الأقمار الصناعية.
وقد تتضح نتائج التعاون بين أبل و”ستارلينك” المملوكة لسبيس إكس مع إطلاق آيفون 18 العام المقبل، ما يمهد لمرحلة جديدة من خدمات الاتصال الفضائي لمستخدمي أبل.




