تقنية

آبل

أعلنت شركة “أبل” عن توقيع سلسلة من الاتفاقيات الجديدة في أوروبا لتوليد 650 ميغاواط من الطاقة المتجددة، ضمن جهودها المستمرة للحد من الانبعاثات الكربونية وتعزيز اعتمادها على مصادر الطاقة النظيفة. وتشمل هذه الاتفاقيات مشاريع لتوليد الكهرباء من مصادر شمسية ورياح، بعضها دخل حيز التشغيل فعليًا، في حين أن البعض الآخر على وشك الانطلاق قريبًا.

آبل
آبل

وتأتي هذه المبادرة كجزء من استراتيجية “أبل” الأشمل لتحقيق الحياد الكربوني، حيث تسعى الشركة إلى تعويض استهلاك الطاقة الناتج عن استخدام أجهزتها حول العالم. ووفقًا لتقرير صادر عن موقع “تك كرانش”، فإن ما يقارب ثلث البصمة الكربونية لشركة “أبل” مرتبط باستخدام المستهلكين لأجهزتها، مثل أجهزة MacBook وiPhone وApple Watch. وهو ما يجعل الاستثمار في الطاقة المتجددة أمرًا بالغ الأهمية ضمن أولويات الشركة البيئية.

وقد وقّعت الشركة عقودًا لشراء الطاقة من محطات شمسية بطاقة إجمالية قدرها 110 ميغاواط في كل من اليونان ولاتفيا، إضافة إلى 131 ميغاواط من مشروع طاقة شمسية في إسبانيا، و40 ميغاواط من محطة في بولندا. وتُعد هذه الخطوة جزءًا من سلسلة من الاستثمارات التي قامت بها الشركة في السنوات الأخيرة، لدعم مشاريع الطاقة النظيفة حول العالم، لا سيما في المناطق التي تشهد استخدامًا مكثفًا لمنتجاتها.

وتهدف “أبل” من خلال هذه الاستثمارات إلى تعزيز مصادر الطاقة المتجددة في شبكة الكهرباء الأوروبية، وتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري. كما أن هذه المشاريع تساهم في دعم الاقتصاد المحلي للدول المستضيفة، من خلال خلق فرص عمل جديدة وتوفير مصادر طاقة مستدامة على المدى الطويل.

تجدر الإشارة إلى أن “أبل” كانت قد أعلنت في وقت سابق أنها حققت حيادًا كربونيًا في عملياتها المباشرة منذ عام 2020، وهي تسعى الآن لتوسيع هذا الالتزام ليشمل سلسلة التوريد العالمية الخاصة بها، وكذلك دورة حياة منتجاتها بأكملها بحلول عام 2030. وتشمل جهود الشركة استخدام المواد القابلة لإعادة التدوير، وتحسين كفاءة الطاقة في مصانعها، إلى جانب دعم المشاريع البيئية عالميًا.

وتُظهر هذه الخطوة أن “أبل” لا تكتفي بتطوير التكنولوجيا فحسب، بل تأخذ على عاتقها مسؤولية بيئية متزايدة تتماشى مع التوجه العالمي نحو الاستدامة. ومن المتوقع أن تُلهم هذه المبادرة شركات تكنولوجيا أخرى للسير على النهج ذاته، في ظل تنامي الضغوط العالمية للحد من تغير المناخ والبحث عن بدائل نظيفة ومستدامة للطاقة.

في إطار توجه عالمي متسارع نحو الطاقة النظيفة، تتوسع الشركات التكنولوجية الكبرى في تنفيذ مشاريع طاقة متجددة، حيث أعلنت جهات عدة عن خطط استثمارية جديدة لتعزيز الاعتماد على مصادر طاقة مستدامة. وتشمل هذه الخطط تنفيذ مشاريع لطاقة الرياح بقدرة 99 ميغاواط في رومانيا، إلى جانب جزء من حزمة طاقة هجينة (شمسية ورياح) بقدرة 129 ميغاواط في إيطاليا، ما يعكس الاهتمام المتزايد في أوروبا بتوسيع البنية التحتية للطاقة المتجددة لدعم التحول الأخضر وتقليل الانبعاثات الكربونية.

وفي السياق ذاته، كشفت شركة “أبل” عن استثمار جديد بقيمة 150 مليون دولار في الصين، موجه لدعم سلسلة مورديها في التحول إلى استخدام مصادر الطاقة المتجددة. وذكرت الشركة أن أكثر من 90% من عمليات التصنيع والإنتاج الخاصة بها في الصين تعتمد حالياً على الطاقة النظيفة، ما يبرز التقدم الكبير الذي أحرزته الشركة في التزاماتها البيئية ضمن سلاسل الإمداد العالمية.

اللافت أن “أبل” اختارت نشر هذه الإعلانات على مواقعها الإقليمية في أوروبا وآسيا، بينما غابت عن موقعها الأميركي الرسمي. واعتبر مراقبون أن هذا القرار قد يكون محاولة لتجنب الجدل السياسي في الولايات المتحدة حول مسألة دعم الطاقة المتجددة، وهي قضية باتت محل انقسام داخلي في الأوساط السياسية الأميركية.

وتأتي هذه المبادرات في وقت تشهد فيه صناعة التكنولوجيا سباقاً متسارعاً نحو تأمين مصادر طاقة مستدامة، خصوصاً في ظل التوسع الهائل في مراكز البيانات ومشروعات الذكاء الاصطناعي التي تتطلب طاقة عالية لتشغيلها. ففي هذا الإطار، أضافت شركة “ميتا” خلال هذا العام أكثر من 2 غيغاواط من الطاقة الشمسية إلى شبكتها، فيما وقّعت “مايكروسوفت” اتفاقيات جديدة رفعت من خلالها قدرتها الإنتاجية من الطاقة المتجددة بنحو 1.5 غيغاواط.

ويرى خبراء الطاقة أن هذا التحول لم يعد فقط استجابة لضغوط بيئية أو تشريعات دولية، بل أصبح خياراً اقتصادياً بامتياز، حيث تتيح الطاقة الشمسية والرياح تكلفة أقل وسرعة تنفيذ أعلى مقارنة بمصادر الطاقة التقليدية مثل الفحم والغاز. كما أن بناء محطات الطاقة الشمسية، على سبيل المثال، لا يستغرق أكثر من 18 شهراً، ويمكن تنفيذها وتشغيلها بشكل مرحلي، مما يمنح الشركات مرونة كبيرة في تكييف مشاريعها مع الطلب المتزايد.

من هنا، يتضح أن التحول نحو الطاقة المتجددة في قطاع التكنولوجيا لم يعد مجرد اتجاه مستقبلي، بل أصبح ضرورة استراتيجية، تدفعها عوامل بيئية واقتصادية وتقنية، مدفوعة بتسارع استخدام الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، ما يتطلب بنية تحتية طاقوية مرنة ومستدامة لدعم المستقبل الرقمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى