آيفون إير
يبدو أن رهان شركة «أبل» على سلسلة «آيفون إير» الجديدة لم يحقق النجاح الذي كانت الشركة العملاقة تأمل فيه. فبحسب تقارير حديثة صدرت عن مصادر صناعية موثوقة، شهدت مبيعات هذا الهاتف تراجعًا ملحوظًا مقارنة بطرازات «آيفون بلس» السابقة التي كانت الشركة قد أوقفت إنتاجها في وقت سابق من هذا العام. وتشير هذه التقارير إلى أن النتائج التجارية الأولى لهاتف «آيفون إير» جاءت دون التوقعات، الأمر الذي دفع «أبل» إلى اتخاذ خطوة غير معتادة بتقليص حجم إنتاج هذا الطراز بشكل واضح خلال الأشهر الأخيرة.

كانت «أبل» قد قررت التخلي عن سلسلة «آيفون بلس» بعد عدة سنوات من إطلاقها، وذلك نتيجة ضعف الإقبال عليها وتراجع شعبيتها أمام الإصدارات الأعلى مثل «آيفون برو» و«آيفون برو ماكس». واعتقدت الشركة أن الوقت قد حان لتقديم منتج جديد يحمل هوية مختلفة، يجمع بين الأداء القوي الذي تشتهر به أجهزتها وبين سعر أكثر اعتدالًا وتصميم أكثر نحافة وخفة. ومن هنا جاء مشروع «آيفون إير»، الذي رُوّج له على أنه الهاتف المثالي للمستخدمين الباحثين عن تجربة متوازنة تجمع بين الكفاءة والسعر المقبول.
لكن ما حدث على أرض الواقع لم يكن كما توقعت الشركة. فوفقًا للتقارير الصادرة عن مصانع التجميع وشركات المكونات في آسيا، فإن الطلب على «آيفون إير» كان أقل من المتوقع بكثير، حتى إن بعض الأسواق الرئيسية مثل الولايات المتحدة والصين وأوروبا شهدت مبيعات ضعيفة مقارنة بالإصدارات الأخرى. ويُعتقد أن السبب في ذلك يعود إلى عدة عوامل، من بينها قرب السعر بين «آيفون إير» و«آيفون برو»، ما جعل المستهلكين يميلون إلى دفع مبلغ إضافي مقابل الحصول على ميزات أقوى وكاميرات أفضل.
إضافة إلى ذلك، يرى بعض المحللين أن استراتيجية «أبل» في تسويق الهاتف الجديد لم تكن واضحة بما يكفي. فبينما تم التركيز على نحافة التصميم وخفة الوزن، لم تقدّم الشركة فروقات جوهرية تميّز الجهاز عن بقية فئات «آيفون» من حيث المزايا التقنية أو الأداء العملي، مما جعل المستخدمين يشعرون بأن المنتج لا يقدّم قيمة مضافة حقيقية. كما أن السوق العالمي للهواتف الذكية يشهد حاليًا منافسة شرسة من شركات آسيوية مثل «سامسونغ» و «شاومي» و«أوبو» التي تطرح أجهزة بمواصفات عالية وأسعار أقل، وهو ما زاد من صعوبة مهمة «آيفون إير» في جذب شرائح جديدة من المستخدمين.
وفي ضوء هذه النتائج، تشير مصادر داخلية إلى أن «أبل» بدأت بالفعل في إعادة تقييم خطتها الإنتاجية، وقلّصت طلبات المكونات الخاصة بـ«آيفون إير» من الموردين بنسبة كبيرة. كما يُتوقع أن تعمل الشركة على مراجعة استراتيجيتها التسويقية وربما إدخال تعديلات تصميمية أو تقنية في الإصدارات المقبلة بهدف تحسين الأداء التجاري للجهاز.
ومع أن «أبل» لم تصدر بيانًا رسميًا حول هذه التقارير، إلا أن المؤشرات الحالية توحي بأن الشركة تواجه تحديًا جديدًا في محاولتها الحفاظ على زخم مبيعات «آيفون» وسط تشبّع السوق وتزايد المنافسة. ويبدو أن تجربة «آيفون إير» ستكون درسًا إضافيًا لصانع التكنولوجيا الأمريكي حول مدى حساسية السوق لأي تغيير في التوازن بين السعر، الأداء، والهوية التقنية لمنتجاته.
انقسام بين المستخدمين
أثار إطلاق الهاتف الجديد موجة واسعة من الجدل بين المستخدمين حول العالم، إذ انقسمت الآراء بشكل واضح بين معجبين بخصائصه الحديثة ومنتقدين لبعض جوانبه التقنية. فبينما أشاد فريق من المستخدمين بالتصميم الأنيق وخفة الوزن واللمسة العصرية التي أضفتها الشركة على الهيكل الخارجي، أعرب آخرون عن استيائهم من تراجع أداء البطارية وضعف جودة الكاميرا مقارنة بطراز “آيفون 17” السابق، وهو ما دفع شريحة منهم إلى استبدال الجهاز بإصدارات “برو” أو العودة إلى النسخة الأساسية التي أثبتت استقراراً أكبر في الأداء اليومي.
ويرى مراقبون أن هذا الانقسام يعكس التحول في توقعات المستخدمين تجاه الهواتف الذكية، حيث لم يعد التصميم وحده كافياً لكسب رضا السوق، بل بات الأداء والاعتمادية والعمر الطويل للبطارية من أهم عوامل التقييم. ومع ازدياد المنافسة بين الشركات الكبرى مثل “أبل” و”سامسونغ” و”شاومي”، أصبح المستهلك أكثر وعياً ودقة في اختياره للجهاز الذي يواكب احتياجاته التقنية والعملية في آنٍ واحد.
تزامن هذا الجدل مع إعلان شركة “سامسونغ” المفاجئ عن وقف إنتاج هاتف Galaxy S26 Edge بعد عام واحد فقط من طرحه في الأسواق، في خطوة فُسّرت على نطاق واسع بأنها نتيجة مباشرة لانخفاض المبيعات وتراجع الإقبال على هذا الطراز. وأشارت الشركة إلى أن المستهلكين أظهروا ميلاً أكبر نحو طرازات “بلس” الأكثر توازناً من حيث السعر والمواصفات، ما جعل استمرار خط إنتاج “إيدج” غير مجدٍ اقتصادياً في الوقت الراهن.
وقد أثار هذا القرار تساؤلات كثيرة بين المحللين حول ما إذا كانت شركة “أبل” قد تتخذ خطوة مشابهة بإيقاف إنتاج سلسلة آيفون إير الجديدة، خاصة بعد الملاحظات السلبية المتعلقة بالبطارية والكاميرا. إلا أن أغلب الخبراء يستبعدون هذا الاحتمال في المدى القريب، مؤكدين أن “أبل” ما زالت تعتبر “آيفون إير” جزءاً محورياً من استراتيجيتها لاستهداف الفئة المتوسطة من السوق، وأنها تخطط لتطويره لعدة سنوات قادمة قبل اتخاذ أي قرار بشأن مستقبله النهائي.
تصميم واعد يحتاج إلى تقنيات أكثر تطوراً
ويرى خبراء الصناعة أن فئة الهواتف فائقة النحافة، مثل “آيفون إير” و”جالاكسي إيدج”، ما زالت في مرحلة تجريبية نسبياً، وأن نجاحها يعتمد بشكل أساسي على التقدم في تقنيات البطاريات الجديدة، خصوصاً بطاريات السيليكون التي بدأت بعض الشركات الصينية في تبنيها مؤخراً. وتتيح هذه التقنية تخزين طاقة أكبر في حجم أصغر، مما يفتح الباب أمام تصميم أجهزة أنحف دون التضحية بعمر البطارية.
ويعتقد محللون أن مستقبل هذه الفئة سيكون واعداً إذا تمكنت الشركات من إيجاد توازن مثالي بين النحافة والأداء. فإذا استطاعت “أبل” مثلاً في الإصدارات القادمة من “آيفون إير” الجمع بين المظهر الأنيق وعمر البطارية الطويل، فقد تنجح في إعادة تعريف مفهوم الهواتف خفيفة الوزن وجعلها خياراً مفضلاً لدى فئة أوسع من المستخدمين.
وفي النهاية، يبدو أن انقسام المستخدمين حول الهاتف الجديد يعكس مرحلة انتقالية في سوق الهواتف الذكية، حيث تتقاطع الطموحات التصميمية مع القيود التقنية. وبينما يواصل البعض انتقاد نقاط الضعف الحالية، يرى آخرون أن ما يحدث ليس سوى خطوة طبيعية في مسار التطوير نحو جيل جديد من الأجهزة التي تجمع بين الجمال والكفاءة في آن واحد.




