تقنية

أبل

يبدو أن مشروع الهاتف القابل للطي الذي تعمل عليه شركة أبل يقترب أكثر من أي وقت مضى من أن يصبح منتجاً واقعياً يمكن طرحه في الأسواق. فقد بدأت تتواتر معلومات من داخل سلسلة التوريد المرتبطة بالشركة مفادها أن المهندسين تمكنوا من حل واحدة من أعقد المشكلات التقنية التي واجهت هذا النوع من الأجهزة وهي مشكلة التجعيد التي تظهر عادة عند نقطة طي الشاشة. هذه المشكلة شكّلت على مدى سنوات طويلة عقبة كبيرة أمام تبني أبل لتصميمات قابلة للطي، لأنها تشكل تحدياً جمالياً ووظيفياً، كما تتعارض مع معايير أبل الصارمة المتعلقة بالجودة والمتانة وطول العمر الافتراضي للمنتجات.

أبل
أبل

ووفقاً للتقارير التي تناقلتها مصادر صحافية متخصصة في شؤون التقنية، فقد نجحت الشركة في الوصول إلى مرحلة متقدمة جداً من مراحل تطوير النموذج الأولي للهاتف الجديد، وهي مرحلة التحقق الهندسي التي تعرف بأنها خطوة حاسمة قبل الانتقال إلى مرحلة الإنتاج التجاري الواسع. وتشير المعلومات المتوافرة إلى أن أبل قامت بإنتاج ما يقارب مئة وحدة تجريبية، تعمل جميعها تقريباً بكامل خصائص النسخة النهائية المتوقعة. وتُعد هذه الخطوة مؤشراً على أن التصميم بات مستقراً تقنياً إلى حد كبير وأن المهندسين يريدون التأكد من أداء الجهاز في ظروف الاستخدام الحقيقي وليس فقط ضمن المختبرات الداخلية.

تكتسب مرحلة التحقق الهندسي أهمية استثنائية لأنها بمثابة الاختبار الأخير لموثوقية الجهاز وقدرته على تحمل الاستخدام اليومي وتحقيق الأداء المتوقع منه. وفي هذه المرحلة يقوم فريق من المختصين بفحص كل جزء من الجهاز بما في ذلك الدارات الإلكترونية الداخلية، آليات الطي، جودة عرض الشاشة، أداء البطارية، إضافة إلى قدرة الجهاز على الدخول في خطوط الإنتاج الضخمة دون أن تواجه عملية التصنيع مشكلات تعيق سرعة التصنيع أو تكلفته. ويخضع النموذج التجريبي أيضاً لاختبارات قاسية تحاكي أوضاع الاستخدام الحقيقية مثل السقوط والضغط والرطوبة ودرجات الحرارة المتباينة.

ويبدو أن دخول أبل هذه المرحلة المتقدمة يؤكد أن الشركة عازمة على دخول سوق الأجهزة القابلة للطي بطريقة مدروسة، خصوصاً بعد مرور عدة أعوام على طرح منافسين كبار مثل سامسونج وهواوي لأجهزتهم من هذا النوع. ومعروف أن أبل لا تميل إلى دخول أي فئة جديدة من المنتجات إلا بعد ضمان وصولها إلى مستوى من النضج التقني يسمح لها بتقديم منتج مختلف وقادر على المنافسة، لا مجرد جهاز جديد يوسع دورة المنتجات التقليدية.

كما تشير الترجيحات إلى أن أبل تعمل على تصميم يختلف عن الأنماط المعتادة في السوق، وربما يشبه في فلسفته ما فعلته الشركة عند طرح أول هاتف آيفون، عندما جمعت بين البساطة والابتكار لتقديم تجربة استخدام مميزة. ولا تُعرف بعد التفاصيل الدقيقة المتعلقة بمقاس الشاشة أو المواد المستخدمة، لكن من المتوقع أن تركز الشركة على تقليل سماكة الجهاز والحفاظ على صلابة مفصل الطي ومنع ظهور أي أثر للانحناء على السطح المرئي للشاشة.

وبناء على ما سبق يبدو أن الهاتف القابل للطي من أبل بات أقرب إلى الظهور، وأن ما يجري حالياً يمثل مقدمة تمهيدية لخطوة إطلاق رسمية قد لا تكون بعيدة كما كان يظن الكثيرون، خاصة مع تسارع وتيرة الاختبارات ونجاح الشركة في تجاوز المشكلة التقنية الأكثر تعقيداً في هذا المجال.

تشير تقارير حديثة إلى أن قدرة شركة أبل على ابتكار شاشة قابلة للطي من دون ظهور أي تجعد فيها قد تصبح أبرز نقطة بيع لجهازها المنتظر الذي يتوقع أن تطلقه العام المقبل تحت اسم آيفون ألترا. هذا الإنجاز في حال تحقق فعليا سيشكل نقلة نوعية في سوق الأجهزة القابلة للطي التي تعاني منذ سنوات من مشكلة الخط أو التجعد الذي يظهر في منتصف الشاشة والذي كان يشكل تحديا تقنيا حتى بالنسبة لأكبر الشركات المصنعة في العالم.

وتعتمد أبل في هذا المشروع على شاشة داخلية تنتجها شركة سامسونغ الكورية الجنوبية التي تعد أكبر مصنع لشاشات الأوليد في العالم. غير أن ما يميز جهاز أبل المحتمل عن غيره هو أن الشركة الأمريكية تولت بنفسها تصميم هيكل الطبقات الداخلية وآلية الضغط والتصفيح الخاصة بالشاشة. هذا الأمر من شأنه أن يمنح المستخدمين تجربة مختلفة جذريا عن جميع الأجهزة المطروحة في السوق والتي لا تزال تعاني بدرجات متفاوتة من آثار الانحناء. وبذلك تسعى أبل إلى تقديم منتج لا يشبه سوى نفسها ويستفيد من خبرتها الطويلة في ضبط الجودة وتحسين التكامل بين العتاد والبرمجيات.

وفي إطار استعداداتها لإطلاق هذا الهاتف خصصت شركة فوكسكون وهي الشريك التصنيعي الأكبر لأبل خط إنتاج مستقلا بالكامل للعمل على الجهاز القابل للطي. كما تستعد شركات أخرى لجني الأرباح من هذا المشروع وفي مقدمتها شركة لارغان بريسيجن التي ستوفر عدسات هجينة مصنوعة من مزيج الزجاج والبلاستيك للكاميرات الرئيسية والكاميرات فائقة العرض. وتعد هذه العدسات من أهم المكونات في تحسين جودة التصوير وتقليل التشوهات البصرية.

أما شركة شين زو شين فيرجح الخبراء أن تكون المورد الأساسي لمفصل الجهاز القابل للطي. ويعد هذا المكون بالتحديد الأكثر تعقيدا وكلفة بين أجزاء الهاتف وذلك لما يتطلبه من متانة ومرونة في الوقت نفسه إضافة إلى ضرورة تحمله لعشرات الآلاف من عمليات الفتح والإغلاق دون أن يتأثر أداء الشاشة أو يتعرض المفصل للتلف.

وتشير التوقعات إلى أن الهاتف الجديد لن يكون منخفض السعر على الإطلاق. فقد قدر محلل من فوبون ريسيرتش أن يصل سعره إلى ما يقارب ألفين وثلاثمئة وتسعة وتسعين دولارا مما يجعله الأغلى في تاريخ هواتف أبل. وعلى الرغم من أن الشركة لا تفضل عادة إبراز هذه الأرقام المرتفعة في حملاتها الإعلانية فإنها تراهن على أن الابتكار والتمييز في التصميم سيجذبان شريحة واسعة من المستهلكين حول العالم.

ويعتقد العديد من الخبراء أن دخول أبل إلى سوق الأجهزة القابلة للطي قد يغير موازين المنافسة بالكامل. فلطالما بقيت هذه الفئة من الهواتف محدودة نسبيا ولم تحقق انتشارا كبيرا وذلك إلى حين اتخاذ أبل قرارها الرسمي بدخول هذا المضمار. ويتزامن ذلك مع تغيرات كبيرة يشهدها السوق حيث تمكنت هواوي من تصدر المبيعات في الربع الثاني من العام بينما جاءت موتورولا في المركز الثاني بنحو ربع الحصة العالمية. أما سامسونغ التي كانت المتصدرة لسنوات فقد تراجعت إلى المركز الثالث تليها أونور وأوبو وفيفو وشاومي وغوغل ووان بلس وتي سي ال.

ومع اقتراب أبل من إطلاق جهازها الجديد يبدو أن عام الإصدار قد يشهد سباقا من نوع مختلف تماما سباقا ستسعى فيه الشركات لإثبات قدرتها على الابتكار في عالم لا يزال في بداياته لكنه يحمل إمكانات هائلة للمستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى