أبل
تتجه شركة أبل بخطى متسارعة نحو استعادة موقعها التاريخي كأكبر مُصنّع للهواتف الذكية في العالم، وهو اللقب الذي فقدته منذ عام 2011 لصالح منافستها الكورية الجنوبية سامسونغ. و يبدو أن عام 2024/2025 يشهد تحولًا مهمًا في خريطة سوق الهواتف الذكية العالمية، حيث تستعيد أبل زخمها اعتمادًا على النجاح اللافت الذي حققته سلسلة آيفون 17، إضافة إلى موجة واسعة من المستهلكين الذين يسعون إلى ترقية أجهزتهم القديمة، ما عزز مبيعات الشركة بصورة ملحوظة في مختلف الأسواق.

لقد لعب إطلاق سلسلة آيفون 17 في شهر سبتمبر دورًا محوريًا في إنعاش مكانة أبل التنافسية؛ إذ حققت النماذج الجديدة من الهاتف مبيعات قوية منذ الأيام الأولى لطرحها في الأسواق العالمية. وتُعد السوقان الأميركية و الصينية من أبرز المحركات الدافعة لهذا النمو، حيث سجلت أبل في كل منهما معدلات مبيعات مرتفعة أدت إلى نمو سنوي مزدوج الرقم، وهو الأمر الذي يعكس قوة العلامة التجارية وتزايد ثقة المستهلكين في منتجاتها.
ويعود جانب كبير من هذا النجاح إلى التحسينات التقنية التي أدخلتها أبل على سلسلة آيفون 17، مثل التطوير الملحوظ في قدرات الكاميرا، وزيادة كفاءة المعالج، وتحسينات البطارية، بالإضافة إلى الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي المدمجة داخل النظام، والتي أصبحت عنصرًا أساسيًا في تجربة المستخدم. كما ساهمت جودة التصنيع العالية والتحديثات الأمنية المستمرة في تعزيز ثقة العملاء وإقبالهم على شراء النسخ الجديدة.
ومن ناحية أخرى، فإن استمرار المستخدمين حول العالم في ترقية أجهزة آيفون القديمة التي لم تعد تلبي احتياجاتهم الحديثة، ساعد في رفع حجم الطلب على السلسلة الجديدة. فقد أصبحت فترات الاحتفاظ بالهواتف أطول خلال السنوات الماضية، وهو ما جعل العديد من المستهلكين مستعدين الآن للانتقال إلى نموذج أحدث يوفر ميزات أكثر تطورًا. وقد نجحت أبل في استغلال هذه الموجة من خلال توفير خيارات متنوعة من حيث الأسعار والأحجام والمواصفات، بما يلائم شريحة واسعة من المستخدمين.
كما ساعد تركيز أبل على تعزيز وجودها في السوق الصينية—التي تُعد ثاني أكبر سوق للهواتف الذكية في العالم—في رفع مبيعاتها، خاصة مع زيادة الحملات الترويجية والتعاون مع تجار التجزئة هناك. وعلى الرغم من المنافسة الشديدة من الشركات الصينية المحليّة، مثل هواوي وشاومي، تمكنت أبل من المحافظة على قاعدة مستخدمين قوية بفضل ولاء العملاء للعلامة وإدراكهم لقيمة النظام البيئي المغلق الذي تتفرد به أجهزة الشركة.
ومع هذه المؤشرات الإيجابية، يبدو أن أبل تسير نحو تحقيق إنجاز استراتيجي طال انتظاره، يتمثل في تجاوز سامسونغ من جديد في حجم المبيعات السنوية للهواتف الذكية، مستفيدة من نمو الطلب العالمي على سلسلة آيفون 17 ومن قدرتها على تحقيق مبيعات كبيرة في الأسواق الأكثر تأثيرًا. وإذا استمرت هذه الوتيرة، فإن الشركة الأميركية ستكون على مقربة من استعادة لقبها الذي غاب عنها لأكثر من عقد، واضعة منافسيها أمام تحديات جديدة في سوق يتغير باستمرار مدفوعًا بالابتكار وتطور التكنولوجيا.
استفادت الشركة بصورة ملحوظة خلال الفترة الأخيرة من الانحسار التدريجي في حدّة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وهو ما أعاد قدراً من الاستقرار إلى سلاسل الإمداد العالمية وقلّل من الضغوط التي كانت تواجه شركات التكنولوجيا الكبرى. فقد أدى تحسّن العلاقات التجارية بين القوتين الاقتصاديتين إلى تخفيف القيود على المكونات الإلكترونية وفتح المجال أمام حركة أكثر انسيابية للمواد الخام والمعدات، الأمر الذي سمح للشركة بتعزيز إنتاجها وتلبية احتياجات المستهلكين بصورة أسرع وأكثر كفاءة.
إضافة إلى ذلك، كان لانخفاض قيمة الدولار الأميركي دور محوري في دعم أداء الشركة ضمن الأسواق الناشئة. فهبوط الدولار زاد من قدرة المستهلكين في هذه الأسواق على شراء منتجات الشركة، لأنها أصبحت أقل تكلفة نسبيًا عند تحويل العملات المحلية. كما أتاح هذا التراجع للشركة فرصة لتعزيز وجودها في دول كانت تتسم بحساسية كبيرة تجاه الأسعار، مما ساعد على توسيع قاعدة مستخدميها ودعم حصتها السوقية على مستوى العالم.
وفي هذا السياق، تشير تقديرات مؤسسة الأبحاث العالمية “كاونتربوينت” إلى أن شحنات هواتف آيفون ستشهد ارتفاعًا واضحًا خلال عام 2025، حيث من المتوقع أن تنمو بنسبة تصل إلى 10%. ويُعد هذا النمو ملحوظًا إذا ما قورن بالأداء المتوقع لمنافستها “سامسونغ”، التي من المنتظر أن تحقق زيادة تبلغ 4.6% فقط خلال الفترة نفسها. يعكس هذا الفارق مدى قوة العلامة التجارية لأبل وقدرتها على جذب المستهلكين حتى في أسواق شديدة التنافسية، إضافة إلى نجاحها في تقديم ميزات متقدّمة تتفوق في كثير من الأحيان على المنتجات المنافسة.
ويعزو محللون هذا الأداء القوي إلى مجموعة من العوامل، من بينها التحسينات التقنية التي أدخلتها الشركة على سلسلة هواتفها، مثل تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي المدمجة، وتحسين جودة الكاميرات، وزيادة كفاءة استهلاك الطاقة، إلى جانب توسعها في تقديم خدمات رقمية مدفوعة تُسهم في تعزيز المجموعة الكلية لمنتجاتها. كما ساعدت استراتيجيتها في التركيز على دمج الأجهزة بالخدمات في رفع مستويات ولاء العملاء وتحويل هواتف آيفون إلى منظومة متكاملة يصعب على المستخدمين الابتعاد عنها.
أما على مستوى السوق العالمي للهواتف الذكية، فتتوقع الأبحاث أن يشهد نمواً بنسبة 3.3% في عام 2025، وهو معدل يشير إلى تعافٍ تدريجي للقطاع بعد سنوات من التباطؤ نتيجة الاضطرابات الاقتصادية وسلسلة من التحديات الإنتاجية. وفي ظل هذا النمو المتوقع، يُرجّح أن تستحوذ أبل على حصة سوقية تبلغ 19.4%، ما يعزز مكانتها كأحد اللاعبين الرئيسيين في الصناعة ويدعم موقعها في مواجهة الشركات الصينية الصاعدة التي تزداد قدرتها التنافسية عامًا بعد عام.
ومع استمرار الطلب العالمي على الهواتف الذكية، خصوصًا تلك التي تتمتع بقدرات متقدمة في الذكاء الاصطناعي والاتصال، يبدو أن الشركة مهيأة لمواصلة مسارها التصاعدي مستفيدة من بيئة اقتصادية أقل توتراً، وعملة أميركية أضعف، واستراتيجية إنتاج وتسويق أكثر تكاملاً. كل ذلك يؤهلها للحفاظ على زخم قوي في السنوات المقبلة ويمنحها موقعًا متميزًا في سوق عالمي شديد التنافسية.




