شركة أنثروبيك تتعاون مع مؤسسات مالية لإطلاق واجهة موحدة لنموذج “Claude” لتحليل بيانات السوق
أعلنت شركة أنثروبيك (Anthropic)، المتخصصة في تقنيات الذكاء الاصطناعي والمتقدمة في تطوير النماذج اللغوية، عن تعاونها مع عدد من أبرز شركات الخدمات المالية بهدف إطلاق واجهة موحدة ومتكاملة لنموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بها “Claude”. تهدف هذه الواجهة الجديدة إلى تمكين المؤسسات المالية من تحليل بيانات السوق بشكل فوري ومتزامن من مصادر متعددة، ما يمثل خطوة كبيرة نحو تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجالات تحليل الأسواق واتخاذ القرار المالي.
وتُعد هذه المبادرة بمثابة أول اختراق حقيقي لشركة أنثروبيك في قطاع مالي محدد، في خطوة تُنظر إليها كإشارة واضحة على رغبة الشركة في التوسع الاستراتيجي في مجالات صناعية ذات قيمة عالية ومعقدة مثل القطاع المالي، الذي يتطلب دقة كبيرة، وسرعة في التحليل، وعمق في الفهم.
تتيح الواجهة الجديدة للمستخدمين في المؤسسات المالية التفاعل مع نموذج Claude من خلال بيئة موحدة تدمج عدة مصادر بيانات مثل أخبار الأسواق، تقارير الأرباح، البيانات الاقتصادية، إشارات التداول، وتحليلات السوق الفنية والأساسية. وبفضل القدرات اللغوية والتحليلية المتقدمة للنموذج، يستطيع Claude فهم هذه البيانات وتحليلها، ثم تقديم تقارير واستنتاجات تساعد المحللين والمستثمرين على اتخاذ قرارات مدروسة في وقت قياسي.
ويُنظر إلى هذا التعاون على أنه يشكل تحديًا مباشرًا لنماذج الذكاء الاصطناعي المنافسة، وعلى رأسها نموذج ChatGPT المطور من قبل شركة OpenAI. فأنثروبيك، التي أسسها مجموعة من المهندسين السابقين في OpenAI، تتبنى نهجًا مختلفًا يركز على السلامة، الشفافية، وقدرة النماذج على العمل بأمان ضمن البيئات الحساسة مثل بيئة التمويل.
من خلال هذا التعاون، تأمل أنثروبيك في تقديم نموذج Claude كأداة استراتيجية يمكن الاعتماد عليها في مجالات متعددة داخل القطاع المالي، بما يشمل إدارة المحافظ الاستثمارية، تحليل المخاطر، التنبؤ بحركات السوق، ومراقبة الامتثال التنظيمي.
وأشارت بعض المؤسسات المشاركة في هذه الشراكة إلى أن التكامل السلس بين الذكاء الاصطناعي والبيانات المالية الحية سيمكنها من اكتساب رؤى لم تكن ممكنة من قبل، خاصةً عندما يتعلق الأمر بتحليل كميات هائلة من البيانات في وقت قصير، وهو ما يوفر ميزة تنافسية حقيقية.
ويبدو أن هذا لن يكون المشروع الأخير لأنثروبيك في هذا القطاع؛ إذ لمّح متحدثون باسم الشركة إلى وجود مشاريع أخرى قيد الإعداد تستهدف تقديم حلول ذكاء اصطناعي متخصصة لقطاعات فرعية ضمن الاقتصاد المالي، بما في ذلك التأمين، التمويل العقاري، وأسواق العملات الرقمية.
تُظهر هذه الخطوة كيف يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تعيد تشكيل طريقة عمل المؤسسات المالية، مما يفتح المجال أمام ثورة جديدة في عالم المال والأعمال، ويؤكد على دور الذكاء الاصطناعي كأحد أبرز محركات الابتكار في السنوات القادمة.
في خطوة جديدة نحو تسريع تبني الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي، طورت شركة “أنثروبيك” أداة ذكاء اصطناعي مدفوعة تُعرف باسم Claude Financial Analysis، وهي إصدار متخصص من خدمة “Claude for Enterprise”، موجه خصيصًا لتلبية احتياجات المحللين الماليين. ووفقًا لما نشره موقع “أكسيوس” واطلعت عليه “العربية Business”، تهدف هذه الأداة إلى تقديم إجابات دقيقة وسريعة لأسئلة المحللين من خلال جمع وتحليل بيانات من مصادر متعددة بشكل متزامن، تشمل منصات مثل “PitchBook”، و”Morningstar”، و”Daloopa”.
وتتيح الأداة للمستخدمين الوصول إلى البيانات فقط من المصادر التي لديهم اشتراك فيها. فعلى سبيل المثال، إذا أراد المحلل الحصول على معلومات حول تمويل رأس المال المغامر ولكنه لا يملك اشتراكًا في “PitchBook”، فإن الأداة ستستخدم مصادر بديلة مثل “Morningstar” أو غيرها لتقديم الإجابة المطلوبة. هذا النهج الذكي يضمن تقديم بيانات مرنة وموثوقة بناءً على المتاح لكل مستخدم.
هذه التقنية تمثل تحولًا كبيرًا في كيفية عمل المحللين الماليين، إذ توفر لهم الوقت والجهد وتقلل من الحاجة إلى التنقل بين منصات متعددة. ومن وجهة نظر وول ستريت، فإن هذا النوع من الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي يُعد بمثابة “وقود للأرباح”، حيث يُتوقع أن يسهم في رفع الإنتاجية وتسريع اتخاذ القرارات.
وفي تعليقها على هذه الخطوة، قالت كيت جينسن ، كبيرة مسؤولي الإيرادات في “أنثروبيك”، إن الشركة فكّرت في كيفية “تحويل القوى العاملة باستخدام الذكاء الاصطناعي عبر أدوات مخصصة بالكامل لفئة محددة من الموظفين أو لقطاع كامل مثل القطاع المالي”. وأضافت أن اختيار القطاع المالي كان قرارًا استراتيجيًا، نظراً للإقبال الكبير من العملاء ورغبتهم في أدوات أكثر تخصصًا وفاعلية.
وأشارت جينسن أيضًا إلى أن الشركات ستسعى للتعاون مع شركات الذكاء الاصطناعي مثل “أنثروبيك”، حتى وإن كان ذلك قد يصرف الانتباه عن منصاتها الداخلية، لأن أدوات مثل Claude تُظهر قيمة المعلومات والمنتجات بشكل أكثر وضوحًا، وتجعل استخدامها أسهل وأكثر تكاملًا في بيئة العمل.
ويرى المحللون أن القطاع المالي مهيأ تمامًا لاختراقات الذكاء الاصطناعي، نظرًا لكونه يعتمد بشكل كبير على تحليل البيانات واتخاذ القرارات المعقدة بسرعة. ومع ذلك، يُنذر هذا التطور أيضًا بتهديد محتمل لبعض الوظائف، لا سيما في المستويات الوظيفية المبتدئة، حيث يمكن للأدوات الذكية أداء الكثير من المهام التي كانت تُسند سابقًا لمحللين جدد أو مساعدين ماليين.
بالمجمل، تمثل أداة Claude Financial Analysis خطوة متقدمة نحو مستقبل يعتمد فيه المحللون على الذكاء الاصطناعي كشريك فعّال في أداء المهام اليومية، مما يعزز الكفاءة والسرعة والدقة في بيئة مالية تتسم بالتنافس الشديد والتغير المستمر.
