تقنية

أمازون

أعلنت شركة “أمازون” يوم الأربعاء عن تطويرها لأجهزة متخصصة في تبريد وحدات معالجة الرسومات (GPUs) من الجيل الجديد التي تصنعها شركة “إنفيديا“، والتي تُستخدم بشكل رئيسي في تشغيل أحمال عمل الذكاء الاصطناعي. تأتي هذه الخطوة في إطار سعي “أمازون” لتعزيز قدرات الحوسبة السحابية لديها، خصوصًا مع الطلب المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي تعتمد بشكل كبير على هذه المعالجات المتطورة.

أمازون
أمازون

تُعرف وحدات معالجة الرسومات التي تطورها “إنفيديا” بقدرتها العالية على التعامل مع مهام الذكاء الاصطناعي، لكنها في الوقت نفسه تتطلب كميات كبيرة من الطاقة لتشغيلها. وهذه الطاقة العالية تترتب عليها مشكلة أخرى تتمثل في الحاجة إلى تبريد فعّال لتجنب ارتفاع درجات الحرارة التي قد تؤثر سلبًا على أداء هذه المعالجات أو تقلل من عمرها الافتراضي.

وفقًا لتقرير نشرته شبكة “سي إن بي سي” واطلعت عليه “العربية Business”، فإن الشركات والمؤسسات التي تعتمد على هذه المعالجات القوية في أنظمتها تحتاج إلى بنية تحتية خاصة قادرة على توفير حلول تبريد متقدمة. وهذا يتطلب توفير معدات وتقنيات تبريد متطورة تضمن استقرار أداء وحدات معالجة الرسومات، خصوصًا في ظل الأعباء الثقيلة التي تتحملها خلال عمليات الذكاء الاصطناعي المعقدة.

في هذا السياق، ركزت “أمازون” جهودها على تطوير مراكز بيانات تمتلك بنية تحتية مصممة خصيصًا لدعم التبريد السائل على نطاق واسع. وتعد هذه التقنية من أكثر الطرق كفاءة في إدارة الحرارة الناجمة عن تشغيل وحدات معالجة الرسومات التي تستهلك كميات طاقة كبيرة. إذ تتيح أنظمة التبريد السائل نقل الحرارة بشكل أسرع وأكثر فعالية مقارنة بالتبريد التقليدي بالهواء، مما يساعد في الحفاظ على درجة حرارة مناسبة للمعالجات ويضمن استمرارية عملها بأعلى أداء ممكن.

تأتي هذه الخطوة من “أمازون” في وقت يشهد فيه قطاع الحوسبة السحابية نموًا سريعًا مع تزايد الطلب على تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي تعتمد بشكل كبير على قدرات الحوسبة العالية التي توفرها وحدات معالجة الرسومات. وقد ساعدت هذه التطورات في تعزيز قدرة الشركات على تقديم خدمات ذكية ومتطورة مثل الترجمة الآلية، التوليد النصي، تحليل البيانات، والتعرف على الصور، وغيرها من التطبيقات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي.

كما تعكس هذه المبادرة اهتمام “أمازون” بتوفير بيئة مثالية لمراكز بياناتها تُمكّنها من استيعاب التحديات التقنية الجديدة، خصوصًا في مجال استهلاك الطاقة وإدارة الحرارة، وهو ما يعد من أهم التحديات التي تواجهها مراكز البيانات الحديثة. ويُتوقع أن تسهم هذه الحلول المبتكرة في تعزيز كفاءة استخدام الطاقة وتقليل التكاليف التشغيلية، إلى جانب تقليل التأثير البيئي الناتج عن استهلاك الطاقة الضخم.

بشكل عام، يعد تطوير “أمازون” لأجهزة تبريد مخصصة لوحدات معالجة الرسومات من الجيل الجديد خطوة استراتيجية مهمة في تعزيز مكانتها في سوق الحوسبة السحابية، وتمكينها من تلبية الاحتياجات المتزايدة للعملاء في مختلف القطاعات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي. كما يُظهر هذا التوجه التزام الشركة بالابتكار واستخدام أحدث التقنيات لتوفير حلول متقدمة تسهم في دفع عجلة التطور التقني وتعزيز الاستدامة في صناعة تكنولوجيا المعلومات.

كانت عملية تبريد وحدات الحوسبة المتقدمة في مراكز البيانات أمراً معقداً ويتطلب وقتًا طويلاً، حسب تصريح ديف براون، نائب رئيس خدمات الحوسبة والتعلم الآلي في شركة “أمازون ويب سيرفيسز”. أوضح براون أن استخدام وحدات تبريد تقليدية كان سيؤدي إلى استهلاك مساحة كبيرة جداً داخل مراكز البيانات، بالإضافة إلى زيادة ملحوظة في استهلاك المياه، مما يجعل هذا الحل غير عملي أو مستدام على نطاق واسع. وأشار إلى أن بعض مزودي الخدمات الآخرين قد يتمكنون من استخدام حلول تبريد تقليدية لأحجام عمل أقل، لكن مع نمو شركة أمازون وحجم عملياتها الضخم، فإن تلك الحلول لم تكن كافية لتلبية متطلبات التبريد السائل الضرورية للحفاظ على الأداء والكفاءة.

استجابة لهذه التحديات، قام مهندسو أمازون بابتكار تقنية جديدة تتمثل في مبادل حراري داخلي يُعرف بـ IRHX، يمكن توصيله بسهولة مع مراكز البيانات سواء القائمة منها أو الجديدة. يتيح هذا المبادل الحراري الداخلي تحسين كفاءة التبريد وتقليل الحاجة إلى استهلاك موارد إضافية، مما يجعل عملية التبريد أكثر استدامة وملائمة للنمو المستقبلي للشركة.

وفي منشور على مدونته الرسمية، أكد ديف براون أن العملاء أصبح بإمكانهم الآن الاستفادة من هذه الخدمة الجديدة من خلال وحدات حوسبة تسمى P6e، والتي تم تصميمها لتلبية متطلبات الحوسبة عالية الأداء وتوفير تجربة متقدمة لعمليات الذكاء الاصطناعي.

هذا التطور يتزامن مع تصميم شركة “إنفيديا” لأنظمة حوسبة عالية الكثافة، حيث يحتوي معالج GB200 NVL72 على رف كامل يضم 72 وحدة معالجة رسومية من نوع Nvidia Blackwell، متصلة مع بعضها البعض بطريقة تسمح بتدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة والمعقدة بكفاءة عالية. وهذه الأنظمة كانت متاحة سابقًا عبر مزودي خدمات سحابية مثل “مايكروسوفت” و”CoreWeave”، لكن “أمازون ويب سيرفيسز” تُعتبر أكبر مزود للبنية التحتية السحابية على مستوى العالم، مما يجعل تبنيها لهذه التقنية خطوة هامة في السوق.

تجدر الإشارة إلى أن شركة أمازون ليست جديدة في مجال تطوير بنيتها التحتية الخاصة، فهي تمتلك بالفعل شرائح مخصصة للحوسبة العامة والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تصميم خوادم التخزين وأجهزة توجيه الشبكات الخاصة بها. هذا النهج في تصنيع أجهزتها داخليًا يقلل من اعتمادها على الموردين الخارجيين، مما يساهم في تحسين هوامش الربح ورفع كفاءة التشغيل.

ولم تكن أمازون الوحيدة التي تسلك هذا الطريق، حيث اتبعت “مايكروسوفت”، ثاني أكبر مزود خدمات سحابية، استراتيجية مشابهة من خلال تطوير شرائح وأنظمة خاصة بها. ففي عام 2023، كشفت مايكروسوفت عن نظامها الخاص المسمى “سايد كيكس”، الذي صُمم لتبريد رقائق الذكاء الاصطناعي “مايا” التي طورتها الشركة بنفسها، ما يعكس التوجه المتزايد نحو الاعتماد على التقنيات المخصصة داخليًا لتعزيز الأداء وتقليل التكاليف.

في المجمل، تعكس هذه التطورات التنافس الحاد بين عمالقة الخدمات السحابية على تحسين البنية التحتية للحوسبة، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تتجه الشركات إلى تبني تقنيات مبتكرة ومستدامة في مجال التبريد وتصميم الأجهزة بهدف مواكبة الطلب المتزايد على خدمات الحوسبة عالية الأداء وتحقيق أفضل تجربة ممكنة للعملاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى