أمازون

أمازون تستحوذ على شركة Bee الناشئة المطورة لجهاز ذكاء اصطناعي مثير للجدل
أعلنت شركة أمازون العملاقة في مجال التكنولوجيا والتجارة الإلكترونية عن استحواذها على شركة Bee الناشئة، وهي شركة تقنية حديثة العهد أثارت اهتماماً واسعاً في الأوساط التكنولوجية والإعلامية بفضل جهازها الذكي الفريد من نوعه، الذي يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة لتسجيل الأصوات وتحويلها إلى تذكيرات ومهام يومية.

وقد أكدت أمازون نبأ الاستحواذ في بيان رسمي، موضحة أن الصفقة لا تزال في طور الإجراءات القانونية والتنظيمية، دون الإفصاح عن التفاصيل المالية المتعلقة بالصفقة أو موعد اكتمالها. وتأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية أمازون المستمرة لتوسيع قدراتها في قطاع الأجهزة المنزلية الذكية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وكانت Bee قد حازت على اهتمام كبير في الأشهر الماضية بعد طرحها جهازًا ذكياً صغير الحجم يمكن وضعه في أي مكان داخل المنزل أو المكتب، ويعمل على الاستماع إلى ما يدور من أحاديث وملاحظات صوتية، ليقوم لاحقًا بتحليلها باستخدام تقنيات معالجة اللغة الطبيعية والذكاء الاصطناعي، ثم يحوّل تلك المعلومات إلى تذكيرات أو مهام يتم إرسالها إلى المستخدم عبر الهاتف الذكي أو البريد الإلكتروني.
ورغم أن الجهاز حظي بإشادة واسعة من قبل بعض الخبراء والمستخدمين لقدرته على تحسين الإنتاجية وتنظيم الوقت، إلا أنه أثار أيضًا جدلاً واسعاً بسبب المخاوف المرتبطة بالخصوصية، حيث عبّر كثيرون عن قلقهم من أن الجهاز يسجّل بشكل دائم كل ما يُقال في محيطه، ما قد يؤدي إلى اختراق للخصوصية في حال إساءة استخدام البيانات أو اختراق الجهاز.
من جهتها، أعلنت ماريا دي لورديس زولو، الشريكة المؤسسة لـ Bee، عن الصفقة عبر منشور على حسابها الشخصي في منصة “لينكدإن”، حيث عبّرت عن حماسها للانضمام إلى أمازون، وأشارت إلى أن هذه الخطوة تمثل “فرصة لتوسيع نطاق تأثير تقنيتنا والوصول بها إلى عدد أكبر من المستخدمين حول العالم”، مضيفة أن الفريق المؤسس سيواصل العمل ضمن بيئة أمازون لتطوير المشروع بشكل أكبر.
ويُرجّح محللون أن استحواذ أمازون على Bee يعكس اهتمام الشركة بتعزيز موقعها في سوق الأجهزة الذكية، خاصة بعد النجاح الكبير لمساعدها الصوتي “أليكسا”، حيث من المتوقع أن تدمج تقنيات Bee مع “أليكسا” أو تطور بها منتجاً جديداً أكثر ذكاءً وتفاعلاً. كما يُحتمل أن تستخدم أمازون تقنيات Bee في مجالات أخرى مثل التجارة الإلكترونية أو الخدمات السحابية التي تقدمها عبر “أمازون ويب سيرفيسز”.
تأتي هذه الصفقة في وقت تتنافس فيه كبرى شركات التكنولوجيا مثل جوجل وآبل وميتا على الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتبحث باستمرار عن شركات ناشئة مبتكرة يمكنها تسريع التطوير أو سد فجوات تقنية محددة. ويبقى أن نرى كيف ستتعامل أمازون مع المخاوف المتعلقة بالخصوصية، خاصة في ظل تزايد التدقيق التنظيمي على الشركات الكبرى بشأن حماية بيانات المستخدمين.
يهدف السوار الذكي الجديد من شركة “Bee” إلى تقديم تجربة تُشبه ما يُطلق عليه “الهاتف السحابي”، بحسب تصريحات المدير التنفيذي زولو. يعتمد هذا الجهاز على تقنيات الذكاء الاصطناعي ليقوم بعدة وظائف حيوية، منها الوصول إلى إشعارات المستخدم، تتبع المواعيد، إرسال الرسائل نيابةً عن المستخدم، بل وحتى تقديم توصيات بناءً على فهم عادات وسلوكيات الشخص.
لكنّ “Bee” لا تروّج لسوارها الذكي كجهاز تقني فقط، بل تقدمه كرفيق رقمي دائم وشخصي. وتؤكد الشركة أن الهدف من الجهاز هو مساعدة المستخدمين على إدارة حياتهم اليومية بشكل أفضل؛ عبر تعزيز قدرتهم على التركيز، تذكّر الأمور المهمة، والتنقل بحرية أكبر دون الحاجة إلى الهاتف الذكي باستمرار. يُعد الجهاز بمثابة مساعد رقمي يرافق المستخدم على مدار الساعة، ويقوم بتحليل المعلومات الصوتية والبيئية من حوله بهدف تسهيل الحياة اليومية بطرق ذكية.
في الوقت نفسه، تضع “Bee” نفسها في منافسة مباشرة مع أجهزة مماثلة ظهرت في السوق مؤخرًا، مثل “Humane AI Pin”، الذي يبلغ سعره حوالي 499 دولارًا، لكنه لم يحقق النجاح المطلوب. وتسعى “Bee” إلى كسب شريحة أوسع من المستخدمين من خلال تسعير سوارها بسعر منخفض، ما يجعله خيارًا جذّابًا للمستهلك العادي والفضوليين تجاه التقنية. هذه الإستراتيجية قد تمنحها أفضلية تنافسية في سوق ناشئة لا تزال قيد التبلور.
رغم ذلك، تثير طبيعة عمل الجهاز تساؤلات حول الخصوصية، كونه يُسجّل باستمرار الأصوات والمعلومات من البيئة المحيطة. فالمستخدم يتفاعل مع جهاز يستمع إليه دائمًا، ما قد يثير قلقًا لدى بعض الأشخاص. تحاول “Bee” طمأنة المستخدمين من خلال التأكيد أن البيانات الصوتية لا تُستخدم في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، كما يمكن للمستخدم حذف أي تسجيلات في أي وقت يشاء. ورغم ذلك، يحتفظ الجهاز بالمعلومات المستخلصة من هذه البيانات لتقديم تجربة مخصصة بشكل أكبر.
تخطط الشركة أيضًا لإضافة ميزات تتيح للمستخدمين تحديد أوقات أو أماكن يمنع فيها الجهاز من التسجيل أو التعلم تلقائيًا، مع نية مستقبليًا لمعالجة البيانات على الجهاز نفسه دون الحاجة لإرسالها إلى خوادم سحابية، ما قد يحسن مستوى الأمان والخصوصية.
لكن القلق يتزايد بعد إعلان “أمازون” عن استحواذها على “Bee”، خاصةً أن سجل “أمازون” في مجال الخصوصية ليس ناصعًا. فقد تورطت الشركة سابقًا في تزويد السلطات بلقطات مصورة من أجهزة “Ring” الأمنية دون إذن مسبق من المستخدمين، كما دفعت غرامات في قضايا تتعلق بالوصول غير المصرّح به إلى بيانات المستخدمين.
يعكس هذا الاستحواذ اهتمامًا متزايدًا من “أمازون” بمجال الذكاء الاصطناعي القابل للارتداء، في وقت تتسابق فيه شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل “أبل”، “ميتا”، و”OpenAI”، لتطوير أجهزة مماثلة. فهل يمكن أن يكون هذا السوار بداية لتحوّل كبير في علاقتنا مع الأجهزة الذكية القابلة للارتداء؟ أم أن مخاوف الخصوصية ستطغى على الوعود التقنية؟