تقنية

أمازون

أمازون تغلق استوديو البودكاست “وندري” وتلغي 110 وظيفة في إطار إعادة هيكلة أعمالها الصوتية

أعلنت شركة أمازون عن قرارها بإغلاق استوديو البودكاست “وندري” (Wondery)، الذي كانت قد استحوذت عليه في أواخر عام 2020، في خطوة تعكس تحولاً استراتيجياً كبيراً ضمن قطاع أعمالها الصوتية. ويتضمن القرار أيضاً إلغاء 110 وظائف، ما يمثل تقليصاً كبيراً في فرق العمل المرتبطة بإنتاج وتطوير المحتوى الصوتي في الشركة.

أمازون
أمازون

ويأتي هذا التحول ضمن إطار إعادة تنظيم شاملة تجريها أمازون داخل وحدات البث الصوتي والبودكاست، بهدف تعزيز التركيز على المجالات التي تشهد نمواً أكبر، والاستفادة من المنصات التي تمتلك إمكانيات توسع أفضل، مثل “أوديبل” (Audible)، التابعة أيضاً لأمازون. ووفقاً لما كشفه متحدث رسمي باسم الشركة، فإن هذا القرار يهدف إلى توحيد الجهود داخل أقسام إنتاج المحتوى الصوتي، وتقديم تجربة أكثر تكاملاً للمستمعين وصناع المحتوى على حد سواء.

وسيتم نقل معظم سلاسل البودكاست الشهيرة التي كانت تنتجها “وندري” إلى منصة “أوديبل”، وهي منصة الكتب الصوتية والبودكاست المملوكة لأمازون، والتي تتمتع بقاعدة مستخدمين واسعة وتاريخ طويل في مجال الصوتيات. كما ستنتقل بعض البرامج إلى فريق جديد داخل الشركة، يُعنى بخدمات المبدعين، وسيتولى هذا الفريق مهمة تطوير وإنتاج عروض صوتية جديدة تركز على الشخصيات المعروفة والمؤثرة، مثل سلسلة بودكاست الأخوين جيسون وترافيس كيلسي، لاعبي كرة القدم الأمريكية الشهيرين، واللذين يتمتعان بشعبية كبيرة بين جمهور البودكاست.

ويُذكر أن “وندري” كانت قد اشتهرت بإنتاج عدد من سلاسل البودكاست الناجحة التي حققت انتشاراً واسعاً، مثلDirty John” وDr. Death”، وقد ساهمت هذه الأعمال في وضع الشركة ضمن أبرز شركات إنتاج البودكاست عالمياً. وقد مثل استحواذ أمازون على “وندري” في عام 2020 خطوة استراتيجية لتعزيز موقعها في مجال المحتوى الصوتي، وسط منافسة متزايدة من شركات مثل “سبوتيفاي” و”آبل بودكاست“.

لكن، وبالرغم من النجاحات السابقة، يبدو أن أمازون تسعى حالياً إلى إعادة توجيه استثماراتها بطريقة أكثر تركيزاً، تعتمد على توحيد عمليات الإنتاج الصوتي ضمن منصة واحدة رئيسية، بدلاً من تنوع المنصات والفرق. ويعتقد بعض المحللين أن هذه الخطوة قد تساعد في تقليص النفقات وتحسين كفاءة العمليات، في ظل سعي الشركات التقنية الكبرى إلى خفض التكاليف بعد فترة طويلة من التوسع.

وفي حين أن هذا القرار قد يترك أثراً سلبياً على الموظفين الذين تم الاستغناء عنهم، إلا أن أمازون أكدت أنها ستوفر دعماً انتقالياً للمتأثرين، يشمل التعويضات والخدمات المهنية لمساعدتهم على الانتقال إلى فرص عمل جديدة.

تُظهر هذه الخطوة مدى التحول الجاري في صناعة البودكاست، حيث تسعى الشركات الكبرى إلى إعادة هيكلة أعمالها بما يتماشى مع التطورات السريعة في سلوك المستهلكين، والتغيرات التقنية، وتوجهات السوق الإعلامي.

شهدت صناعة البودكاست تحولات جوهرية خلال السنوات الأخيرة، دفعت العديد من الشركات الكبرى إلى إعادة النظر في استراتيجياتها ضمن هذا القطاع المتسارع النمو. وفي هذا السياق، كتب ستيف بوم، نائب رئيس شركة أمازون المسؤول عن الصوت وتطبيق “تويتش” والألعاب، مذكرة داخلية للموظفين، حصلت وكالة “بلومبرغ” على نسخة منها، قال فيها: “لقد تطوّر مشهد البودكاست بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية“.

وأضاف بوم أن التطور اللافت في إنتاج الفيديو وانتشاره الواسع عبر مختلف المنصات، ساهم في طمس الحدود التقليدية لما يعنيه أن تكون صانع بودكاست. وأوضح أن صعود الفيديو غيّر تعريف البودكاست نفسه، فلم يعد مجرد محتوى صوتي يُستهلك عبر تطبيقات الاستماع، بل أصبح يشمل صيغًا مرئية أيضًا، ما يعكس تغيرًا في تفضيلات الجمهور وطريقة تفاعلهم مع هذا النوع من المحتوى.

هذه التحولات الكبيرة في سوق البودكاست أدت إلى نتائج غير متوقعة لاستثمارات أمازون في هذا المجال. فعلى الرغم من أن الشركة دخلت السوق بطموحات عالية، إلا أن مسارها لم يكن بالسلاسة التي كانت تأملها. فقد أبرمت أمازون صفقات مع عدد من أبرز الأسماء في مجال البودكاست، سعيًا لترسيخ موطئ قدم لها وسط منافسة شديدة من منصات كبرى مثل “سبوتيفاي” و”يوتيوب”، غير أن هذا التوسع لم يحقق النتائج المرجوة بالكامل، ما دفع الشركة إلى إعادة النظر في خطتها وتعديل استراتيجيتها بما يتلاءم مع التحولات الجارية في السوق.

وفي محاولة منها لتعزيز وجودها، كانت أمازون قد استحوذت في عام 2020 على شركة “وندري”، وهي منصة بودكاست معروفة بعدد من البرامج الناجحة. ورغم أن الشركة لم تكشف رسميًا عن قيمة الصفقة، إلا أن عدة تقارير إعلامية قدرتها بنحو 300 مليون دولار. وقد جاءت هذه الخطوة في وقت بدأ فيه البودكاست يحظى بشعبية متزايدة بين الجمهور، وبدت حينها خطوة استراتيجية لتعزيز مكانة أمازون في سوق الإعلام الرقمي.

 ومع تصاعد أهمية المحتوى المرئي، خاصة عبر منصات مثل يوتيوب، بات من الواضح أن الشركات التي تعتمد على المحتوى الصوتي فقط تواجه تحديات في جذب المستمعين الجدد والحفاظ على جمهورها. لذلك، تسعى أمازون الآن إلى التكيف مع هذا الواقع الجديد عبر توسيع نطاق عروضها لتشمل المحتوى المرئي وتطوير أدوات ومنصات تدعم هذا التحول.

 تعكس تصريحات بوم ومسار أمازون في هذا القطاع صورة أوسع للتغيرات التي يشهدها الإعلام الرقمي، حيث باتت المرونة والقدرة على التكيف مع التوجهات الحديثة عوامل حاسمة في النجاح والاستمرار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى