أوبن إيه آي
كشفت مصادر مطلعة عن أن شركة “أوبن إيه آي”، الرائدة في مجال تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، قامت بإبلاغ موظفيها بأنها ستقوم بإلغاء السياسة التي كانت تفرض على الموظفين الالتزام بالعمل في الشركة لمدة ستة أشهر على الأقل قبل أن يكونوا مؤهلين لاستلام حصصهم من الأسهم، وذلك وفقًا لتقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال يوم السبت. هذا التغيير يمثل خطوة مهمة في استراتيجية الشركة المتعلقة بالحفاظ على الموظفين وتحفيزهم، ويشير إلى أن إدارة الشركة تسعى إلى تكييف سياساتها بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل الحالي والمنافسة على المواهب في قطاع التكنولوجيا المتقدمة.

يأتي هذا الإجراء في سياق تعديل أوسع أجرته الشركة مؤخرًا على نظام منح الأسهم، إذ قامت في وقت سابق بتخفيض الفترة الزمنية التي يحتاجها الموظفون الجدد ليصبحوا مؤهلين للحصول على الأسهم من 12 شهرًا، وهو ما يمثل المعيار السائد في قطاع التكنولوجيا، إلى ستة أشهر فقط. ويُنظر إلى هذا التغيير على أنه جزء من جهود الشركة لجذب الكفاءات بسرعة أكبر وتحفيز الموظفين على الاستقرار والمساهمة بشكل أسرع في مشاريع الشركة المهمة، خصوصًا في ظل النمو السريع الذي تشهده صناعة الذكاء الاصطناعي والمنافسة القوية بين الشركات العاملة في هذا المجال.
ولا يقتصر هذا التحرك على شركة “أوبن إيه آي” وحدها، بل يمكن ملاحظته أيضًا لدى بعض الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، مثل شركة “xAI” التابعة لرائد الأعمال الشهير إيلون ماسك، التي قامت بإجراء تعديل مشابه خلال فصل الصيف. فقد شرعت هذه الشركة في تخفيض الفترة الزمنية المطلوبة لاستحقاق الأسهم للموظفين الجدد، ما يعكس توجهًا متناميًا بين الشركات العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي لتقديم حوافز أسرع للموظفين وتسهيل عملية جذب المواهب المميزة من خلال تسريع حصولهم على المزايا المالية المرتبطة بالأسهم.
يشير هذا التوجه إلى إدراك الشركات الحديثة لأهمية المرونة في سياسات الموارد البشرية، خصوصًا في بيئة العمل التنافسية التي تشهدها شركات التكنولوجيا الناشئة والمتقدمة على حد سواء. فزيادة سرعة استحقاق الأسهم يمكن أن تعزز من شعور الموظفين بالانتماء والتحفيز، وتساعدهم على رؤية المكافآت المالية المرتبطة بأدائهم بشكل أسرع، ما قد يؤدي إلى زيادة الولاء للشركة وتشجيعهم على تقديم أفضل ما لديهم من جهود ومساهمات في مشاريع الذكاء الاصطناعي المعقدة والطموحة.
علاوة على ذلك، يمثل هذا التغيير في سياسة الأسهم جزءًا من استراتيجية أوسع تتبناها الشركات الناشئة والمتقدمة لضمان القدرة على المنافسة على المواهب النادرة في سوق العمل، خاصة في المجالات المتخصصة مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي. ففي ظل الطلب المتزايد على المهارات الفنية والتقنية العالية، أصبح تقديم مزايا مالية وحوافز أسرع عاملًا أساسيًا لجذب الموظفين المتميزين، كما أنه يساعد الشركات على تقليل مخاطر فقدان المواهب لصالح منافسين يقدمون عروضًا أكثر جاذبية أو شروطًا أسرع للحصول على الأسهم والمكافآت.
من ناحية أخرى، يعكس هذا التغيير أيضًا تفهم إدارة “أوبن إيه آي” لأهمية تبني سياسات أكثر مرونة تتوافق مع توقعات الموظفين الجدد في السوق الحديث، حيث يسعى الكثير من المهنيين إلى الحصول على حوافز مالية ومكافآت ملموسة في وقت أقصر بدلًا من الانتظار لفترات طويلة قد تصل إلى سنة كاملة قبل الاستفادة من الأسهم. وبالتالي، فإن إلغاء شرط الستة أشهر المبدئي يعزز من قدرة الشركة على التكيف مع المتغيرات في سوق العمل ويزيد من قدرتها على الاحتفاظ بالمواهب وتحفيزها بشكل فعال على المدى الطويل.
أبلغت فيدجي سيمو، رئيسة قسم التطبيقات في شركة أوبن إيه آي، الموظفين في الأيام الأخيرة بأن التغيير الجديد يهدف إلى تشجيع الموظفين الجدد على خوض المخاطر دون القلق من فقدان وظائفهم قبل الحصول على حصتهم الأولى من الأسهم، وفقًا لتقرير الصحيفة الذي اطلعت عليه العربية بيزنس. ويعكس هذا القرار رغبة الشركة في تخفيف أو إلغاء القيود التي كانت تهدف إلى ضمان بقاء الموظفين الجدد لفترة محددة، في خطوة تأتي في إطار المنافسة الشديدة على استقطاب أفضل الكفاءات في قطاع الذكاء الاصطناعي.
عادة ما تفرض شركات التكنولوجيا فترة استحقاق لمدة عام واحد على الموظفين الجدد، بحيث تمنعهم من الحصول على الأسهم في حال غادروا الشركة سريعًا أو لم يثبتوا جدارتهم. إلا أن المشهد تغير مؤخرًا، خاصة مع قيام شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى مثل ميتا بلاتفورمز وغوغل وأنثروبيك بعرض حزم رواتب ضخمة لجذب كبار الباحثين والمهندسين، تصل في بعض الحالات إلى مئة مليون دولار أو أكثر. وهذا الوضع منح الباحثين القدرة على الانتظار والمطالبة بأفضل الشروط التي يرغبون بها، وغالبًا ما يدفعهم إلى ترك الوظائف التي لا تلبي توقعاتهم بسرعة.
وتوفر شركة أوبن إيه آي بالفعل حزم رواتب قائمة على الأسهم تتفوق بكثير على ما تقدمه شركات التكنولوجيا الأخرى، نتيجة المنافسة الشرسة التي تخوضها مع منافسيها في سوق المواهب. وتتوقع الشركة إنفاق حوالي ستة مليارات دولار هذا العام على تكاليف الموظفين، أي ما يقارب نصف إيراداتها المتوقعة، وفقًا لوثائق مالية أرسلت إلى المستثمرين خلال الصيف واطلعت عليها صحيفة وول ستريت جورنال.
وقد أبدى بعض المستثمرين في قطاع التكنولوجيا، بشكل غير معلن، استياءهم من تضخم حزم الرواتب القائمة على الأسهم التي تقدمها شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة سريعة النمو، معتبرين أن هذه الحزم قد تقلص عوائد المساهمين. وفي هذا السياق، أوضح ظهير محيي الدين، الشريك المؤسس لمنصة Levels fyi التي تجمع بيانات حول الرواتب في الوظائف التقنية، أن الشركات التي تسعى إلى تعزيز قدرتها التنافسية تتخلى عن فترة الاستحقاق التقليدية في السنة الأولى للموظفين الجدد.
وفي أغسطس، بعد أن أطلق مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، حملة واسعة لاستقطاب موظفي أوبن إيه آي وعرض عليهم رواتب ضخمة، قامت أوبن إيه آي بمنح بعض كبار الباحثين والمهندسين مكافآت لمرة واحدة، حيث حصل بعضهم على ملايين الدولارات، وفقًا لما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال سابقًا.
كما شهدت شركات أخرى في القطاع مثل xAI تحديات في جذب المواهب، حيث اضطر مديرو التوظيف لبذل جهود إضافية لإقناع المرشحين المحتملين بإجراء المقابلات، وفقًا لأشخاص مطلعين على قرارات التوظيف في ذلك الوقت. وبعد مواجهة الشركة موجة من الاستقالات ومشكلات تتعلق بسمعتها، قررت xAI بهدوء في الربع الثالث تقصير فترة الاستحقاق للموظفين الجدد، بما يعكس رغبتها في تحسين قدرتها على الاحتفاظ بالمواهب واستقطاب أفضل الكفاءات في ظل المنافسة المحتدمة في سوق الذكاء الاصطناعي.




