إعلان
بعد أسابيع قليلة من الجدل الكبير الذي أثاره إعلان شركة كوكاكولا الخاص بعيد الميلاد والمصنوع باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وجدت شركة ماكدونالدز نفسها في موقف مشابه تقريباً، حيث اضطرت إلى سحب إعلانها الجديد بعد موجة انتقادات واسعة تلقتها فور طرحه في هولندا في السادس من ديسمبر. الإعلان الذي بلغت مدته خمسة وأربعين ثانية حاول تقديم محتوى فكاهي وساخر، لكنه أثار ردود فعل متباينة بين الجمهور والنقاد على حد سواء.

ركز الإعلان على تقديم فكرة مفادها أن موسم عيد الميلاد قد يكون في الواقع أسوأ وقت في السنة، مستعرضاً مجموعة من المواقف المزعجة التي يواجهها الناس عادة خلال هذه الفترة. فقد تناول الإعلان بعض الأمور اليومية المزعجة التي تتكرر في الموسم، مثل تشابك أضواء الزينة التي تتطلب وقتاً وجهداً كبيرين لتصليحها، بالإضافة إلى ازدحام حركة المرور الذي قد يعطل حتى سانتا كلوز في أداء مهمته المعتادة، إلى جانب مشاهد أخرى من الفوضى التي تصاحب التحضيرات للاحتفالات.
من خلال هذه السلسلة من المواقف، حاول الإعلان أن يبرز أن التوتر والضغط النفسي خلال موسم الأعياد يمكن أن يكون كبيراً، وأن هناك حاجة إلى إيجاد وسيلة للهروب من هذه الفوضى. ومن هنا جاء الدور الذي حاول الإعلان تسليط الضوء عليه، حيث قدم ماكدونالدز كحل مثالي للخروج من هذا الإحساس بالتوتر والضغط. وبحسب ما جاء في الإعلان، فإن الذهاب إلى ماكدونالدز يعتبر الطريقة الأمثل لتجنب المشكلات اليومية المصاحبة للموسم، سواء كانت ازدحام الطرق أو صعوبة تجهيز الزينة أو ضغوط التحضيرات الاحتفالية الأخرى.
على الرغم من أن الهدف من الإعلان كان تقديم لمسة كوميدية وخفيفة على جو عيد الميلاد المليء بالتحضيرات والضغوط، إلا أن الجمهور لم يتفاعل معه بشكل إيجابي كما كان متوقعاً. فقد اعتبر بعضهم أن أسلوب الإعلان يقلل من روح الاحتفال والسعادة المرتبطة بالموسم، بينما شعر آخرون بأن الرسالة كانت سلبية بشكل غير مبرر وأنها لا تعكس الصورة التقليدية الإيجابية التي ترتبط بماكدونالدز خلال المناسبات والأعياد.
ويبدو أن الشركة حاولت من خلال هذا الإعلان استثمار أسلوب السخرية والفكاهة لتقديم محتوى مختلف عن الإعلانات التقليدية، إلا أن النتائج لم تكن كما توقعت. وقد سلطت وسائل الإعلام ومواقع الأخبار الضوء على هذا الحدث، مشيرة إلى أن ماكدونالدز اضطر إلى سحب الإعلان بعد الضغوط الكبيرة التي تلقاها من الجمهور، في خطوة تهدف إلى حماية سمعتها والعودة إلى الصورة المعتادة التي يربطها العملاء بالمناسبات الاحتفالية.
كما أشار تقرير نشره موقع ديجيتال تريندز إلى أن هذا الإعلان جاء في إطار سلسلة من الحملات الإعلانية التي تسعى الشركات من خلالها للابتكار والتجديد، ولكن أحياناً تتسبب مثل هذه المحاولات في ردود فعل عكسية إذا لم يتم فهم توقعات الجمهور بشكل دقيق. ويُظهر ما حدث مع إعلان ماكدونالدز مرة أخرى مدى حساسية الجمهور تجاه التغييرات في الصور التقليدية المرتبطة بالمناسبات، وأن الفكاهة الساخرة تحتاج إلى التوازن الدقيق بين الطرافة والاحترام لتوقعات المشاهدين.
بالتالي، يمكن القول إن تجربة الإعلان الأخير لشركة ماكدونالدز تعكس تحدياً أساسياً تواجهه الشركات الكبرى عند محاولة تقديم محتوى مبتكر، وهو القدرة على تحقيق التوازن بين التجديد وإرضاء الجمهور، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بمناسبات تحظى بتقدير شعبي كبير مثل عيد الميلاد. ويأتي سحب الإعلان كخطوة عملية تهدف إلى إعادة التفكير في أسلوب الحملات المستقبلية وضمان توافقها مع توقعات العملاء وروح المناسبة.
ردود فعل الجمهور
أثار الإعلان انتقادات واسعة، ليس فقط بسبب اللقطات التي بدت غير متقنة والحركات غير الطبيعية الناتجة عن أدوات الذكاء الاصطناعي، بل أيضاً لأنه يثير تساؤلات حول تأثير هذه التكنولوجيا على فرص العمل في صناعة الإنتاج التلفزيوني.
وأشار بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى تفضيلهم للأشخاص الحقيقيين في الإعلانات، فيما عبّر آخرون عن استغرابهم من أن شركة كبيرة لا تستطيع تقديم إعلان تقليدي عالي الجودة.
الإعلان أنتجته وكالة TBWANeboko بالتعاون مع شركة الإنتاج The Sweetshop، التي اعتمدت على أدوات الذكاء الاصطناعي خلال عملية التنفيذ.
تبريرات من جهة الإنتاج
بعد انتشار النقاش حول الإعلان، أصدرت شركة The Sweetshop بياناً حاولت فيه توضيح تفاصيل عملية الإنتاج.
وجاء في البيان أن فريق الشركة عمل لمدة سبعة أسابيع بمشاركة حوالي 10 متخصصين في الذكاء الاصطناعي، وأنهم أنتجوا آلاف اللقطات قبل الوصول إلى النسخة النهائية، مؤكدين أن المشروع لم يكن مجرد تجربة بالذكاء الاصطناعي، بل كان فيلماً حقيقياً.
وأشار الرئيس التنفيذي للشركة إلى أن العمل يعكس قدرة المزج بين المهارة البشرية والتقنية على إنتاج عمل سينمائي متكامل، مؤكداً أن الذكاء الاصطناعي لم يصنع الفيلم بمفرده، بل كان جزءاً من عملية الإبداع التي قام بها الفريق.




