إكس

تخطو منصة التواصل الاجتماعي “إكس” (المعروفة سابقًا باسم تويتر) خطوة جريئة وهامة نحو تعزيز مصداقية المعلومات المنشورة على منصتها من خلال دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في عمليات التحقق من الأخبار والمحتوى. في محاولة لتقليل انتشار الأخبار المضللة والمحتوى المثير للجدل، تعمل “إكس” حاليًا على اختبار ميزة جديدة تعتمد على روبوتات الدردشة الذكية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي، بهدف إنشاء ما يُعرف بـ “ملاحظات المجتمع”.

هذه الميزة التي تم إحياؤها في عهد إيلون ماسك، تسعى لتوفير مزيد من السياق والتوضيح للمنشورات التي تثير الجدل أو التي قد تكون مشبوهة أو مضللة. “ملاحظات المجتمع” تمثل أداة فعالة تتيح للمستخدمين المساهمة بشكل مباشر في توضيح المعلومات، من خلال إضافة تعليقات توضيحية تُسهم في تقديم خلفية إضافية أو تصحيح بعض المغالطات الواردة في تلك المنشورات.
وفقًا لما جاء في تقرير نشره موقع “تك كرانش” التقني، فإن هذه الخطوة تأتي في إطار سعي “إكس” لتعزيز الشفافية وتحسين جودة المحتوى الذي يراه المستخدمون على المنصة. الميزة الجديدة ستسمح لروبوتات الدردشة الذكية التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي بتوليد ملاحظات مجتمعية تساعد في تفسير أو تفنيد المعلومات التي قد تكون مضللة أو خاطئة، وذلك قبل أن يتفاعل معها الجمهور بشكل واسع.
من خلال هذا الابتكار، تأمل “إكس” في تخفيف تأثير الأخبار الكاذبة التي تنتشر بسرعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يمكن لروبوتات الدردشة الذكية تحليل محتوى المنشورات بسرعة وتوفير ملاحظات توضيحية مدعومة بالحقائق. هذا يُمكن أن يُسهم في توجيه النقاشات العامة إلى مسارات أكثر دقة وموضوعية، ويقلل من انتشار المعلومات المغلوطة التي تؤثر على الرأي العام.
الميزة الجديدة تعد تطويرًا لـ”ملاحظات المجتمع” التي كانت موجودة سابقًا، لكنها تعود الآن بشكل أكثر تطورًا وذكاءً، مستفيدة من قدرات الذكاء الاصطناعي في فهم وتحليل المحتوى بسرعة وكفاءة. فبدلًا من الاعتماد فقط على المراجعة البشرية أو البلاغات التي يقدمها المستخدمون، تقوم الأنظمة الذكية بتقديم ملاحظات توضيحية بشكل آلي ومستمر، مما يسرع عملية التصحيح ويوسع دائرة التحقق من المعلومات.
يُذكر أن منصة “إكس” شهدت العديد من التغييرات منذ تحولها من تويتر، خاصة مع تبنيها للتقنيات الحديثة وتوسيع استخدام الذكاء الاصطناعي في مختلف جوانب الخدمة، من تحسين تجربة المستخدم إلى مكافحة الأخبار الزائفة والتلاعب بالمعلومات. وتأتي هذه الخطوة الجديدة في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى جعل المنصة بيئة أكثر أمانًا وموثوقية للمستخدمين.
بالتالي، يمكن القول إن “إكس” تحاول الآن إعادة تعريف دور منصات التواصل الاجتماعي في زمن تتسارع فيه الأخبار وتتعدد مصادر المعلومات، حيث لم يعد الاعتماد فقط على المحتوى الأصلي كافيًا لضمان صحة ما يُنشر. عبر هذه الميزة، تُدفع “إكس” المستخدمين إلى المشاركة بشكل أعمق في مراقبة المحتوى، مما يجعلهم جزءًا من منظومة التحقق وتدقيق المعلومات، بدلاً من أن يكونوا مجرد متلقين سلبيين.
في النهاية، تمثل هذه الخطوة على منصة “إكس” نموذجًا متقدمًا لكيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لدعم المجتمع الرقمي في مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجهها المعلومات عبر الإنترنت. ومن المتوقع أن تؤدي هذه الميزة الجديدة إلى تحسين جودة المحتوى وتعزيز الثقة بين المستخدمين، بما ينعكس إيجابيًا على الحوار العام والنقاشات الإلكترونية.
شهدت ميزة الملاحظات المجتمعية على منصة “إكس” (المعروفة سابقًا بتويتر) رواجًا واسعًا، مما دفع منصات كبرى مثل “ميتا” و”تيك توك” و”يوتيوب” إلى تطوير أدوات مماثلة تعتمد على مشاركة المستخدمين في التحقق من صحة المحتوى. وقد أصبحت هذه الطريقة نموذجًا جديدًا منخفض التكلفة يعتمد على التفاعل الجماهيري بدلاً من اللجوء إلى برامج التحقق من الحقائق التقليدية التي تعتمد على جهات خارجية.
في خطوة حديثة، قررت شركة “ميتا” الاستغناء عن الاعتماد على برامج التحقق الخارجية، وبدلاً من ذلك، تبنت نموذج الملاحظات المجتمعية الذي يتيح للمستخدمين المساهمة مباشرة في مراجعة وتقييم المحتوى المنشور. هذا النموذج لم يكن فقط فعالًا من حيث التكلفة، بل عزز أيضًا من ثقة المستخدمين في المعلومات المتداولة، لأنه يرتكز على آراء متباينة من أفراد مختلفين بدلاً من جهة واحدة.
بدأت منصة “إكس” تجارب جديدة تستفيد من تقنيات الذكاء الاصطناعي
حيث أُدخلت روبوتات ذكية مثل أداة “غروك” للمساعدة في صياغة الملاحظات والتعليقات. ما يميز هذا النظام هو أن الملاحظات التي تنتجها هذه الروبوتات تُعامل وكأنها مكتوبة من قبل بشر، إذ تخضع أولًا لمراجعة دقيقة من قبل مجموعة متنوعة من المستخدمين والمراجعين لضمان مصداقيتها ودقتها. ولا يتم نشر أي ملاحظة إلا إذا حصلت على توافق عام بين شرائح مختلفة من المستخدمين، مما يعزز من مصداقية المحتوى وينمي ثقافة المشاركة المجتمعية.
مع ذلك، لم تخلُ هذه الخطوة من الجدل والنقاش، إذ أشارت ورقة بحثية صدرت مؤخرًا عن فريق “Community Notes” إلى أهمية الدمج بين الذكاء الاصطناعي والمراجعة البشرية، خاصة من قبل طلاب الدراسات العليا في القانون (LLM). يقترح الباحثون أن يعمل الذكاء الاصطناعي جنبًا إلى جنب مع البشر من خلال التعلم المعزز والمراجعة النهائية البشرية قبل نشر المحتوى. هذه المنهجية تضمن أعلى درجات الدقة وتمنع انتشار المعلومات المضللة.
ويؤكد الباحثون أن الهدف من هذه المبادرة ليس خلق مساعد ذكي يُوجه المستخدمين إلى ما يجب عليهم تصديقه، بل تمكينهم من تطوير مهارات التفكير النقدي وفهم أعمق للواقع الذي يعيشون فيه. وبذلك، تتحول منصة التواصل الاجتماعي من مجرد مكان لتبادل الأخبار إلى مساحة تعليمية تشجع على النقاش البناء والمراجعة الموضوعية.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الميزة ما زالت في مراحل التجربة، ولم تُطرح بعد للجمهور بشكل رسمي، حيث تستمر الاختبارات والتقييمات لمدة أسابيع لضمان جودة الأداء وكفاءة النظام قبل الإطلاق الرسمي. ومن المتوقع أن تُحدث هذه التجربة نقلة نوعية في كيفية تعامل المستخدمين مع المحتوى الرقمي، وتسهم في تقليل انتشار الأخبار المزيفة والمعلومات غير الدقيقة.
في المجمل، تعكس هذه المبادرات تحولا في استراتيجيات منصات التواصل الاجتماعي، نحو تبني حلول تجمع بين الذكاء الاصطناعي والمشاركة البشرية لتعزيز الشفافية والمصداقية. ويبدو أن المستقبل سيشهد مزيدًا من التطوير في هذا المجال، مع احتمالات دمج تقنيات متقدمة لدعم المستخدمين في التمييز بين الحقيقة والزيف بشكل أكثر فعالية وموضوعية.