إنستغرام

يبدو أن “إنستغرام“، المنصة الاجتماعية الشهيرة المملوكة لشركة “ميتا“، تستعد لخوض غمار تجربة جديدة على الشاشات الكبيرة، في خطوة تعكس توجه الشركة نحو تعزيز وجودها في مجال المحتوى المرئي. فقد كشف الرئيس التنفيذي للمنصة، آدم موسيري، عن خطط لإطلاق تطبيق جديد مخصص لأجهزة التلفزيون الذكية، مما يمثل توسعًا استراتيجيًا في طريقة تقديم المحتوى للمستخدمين.

فإن التطبيق المرتقب سيمكن المستخدمين من مشاهدة مقاطع “ريلز” (Reels) القصيرة والعمودية على شاشة التلفزيون، بطريقة مبسطة وسلسة، تتيح التمرير بين المقاطع بكل سهولة، من راحة أريكتهم في غرفة المعيشة. هذه الخطوة تأتي تماشيًا مع التحول المستمر في سلوك المستخدمين، الذين أصبحوا يميلون إلى استهلاك المحتوى الرقمي عبر الشاشات الكبيرة، بدلًا من الاكتفاء بالهواتف الذكية والأجهزة اللوحية.
وأشار موسيري في تصريحاته إلى أن الشركة لاحظت تزايدًا في الوقت الذي يقضيه الجمهور في مشاهدة المحتوى الاجتماعي عبر أجهزة التلفاز. وقال: “نحن نريد أن نكون حاضرين بقوة على كل الأجهزة التي يستخدمها الناس لاستهلاك المحتوى”، معبرًا عن شيء من الندم بقوله: “كنت أتمنى لو بدأنا هذا المشروع منذ سنوات”.
هذا التطور يشير إلى وعي “ميتا” بأهمية التكيف مع الاتجاهات الحديثة في مجال المحتوى المرئي، خصوصًا مع تزايد المنافسة من منصات أخرى مثل “يوتيوب” و”تيك توك”، التي باتت توفر تجارب غنية للمستخدمين عبر الشاشات الكبيرة. إن توفير محتوى “ريلز” بتنسيقه العمودي على التلفزيون قد يبدو غير تقليدي، لكنه يعكس فهمًا عميقًا لاحتياجات المستخدمين المعاصرين الذين يرغبون في متابعة مقاطع قصيرة وجذابة على مختلف الأجهزة.
من جهة أخرى، يطرح هذا التوجه أسئلة مهمة حول كيفية تكييف تصميم واجهة المستخدم وتجربة التصفح مع طبيعة التلفزيونات الذكية، التي تختلف من حيث طريقة التفاعل عن الهواتف المحمولة. ويتوقع أن يتم تعديل بعض الجوانب التقنية لتناسب هذه البيئة، مثل أدوات التحكم، وخيارات التنقل، وربما حتى آلية عرض الإعلانات.
كما أن هذه المبادرة قد تفتح الأبواب أمام فرص جديدة للمبدعين والناشرين على “إنستغرام”، حيث ستزيد من فرص الوصول إلى جمهور أوسع يتابع المحتوى في إطار منزلي مختلف. وفي ظل الاهتمام المتزايد بالمحتوى القصير الذي يمكن مشاهدته بسرعة وبدون الحاجة إلى تركيز طويل، يبدو أن “ميتا” تراهن على صيغة ناجحة لمنافسة الكبار في مجال الترفيه المنزلي.
في المحصلة، فإن دخول “إنستغرام” إلى عالم الشاشات الكبيرة قد يمثل بداية فصل جديد في استخدام المنصات الاجتماعية، وتحولًا في الطريقة التي يتم بها تقديم المحتوى لجمهور يبحث دائمًا عن تجارب مشاهدة مريحة وغامرة، على مختلف أنواع الأجهزة.
يجلب التطبيق الجديد تجربة اجتماعية إلى التلفزيون، إلا أن “إنستغرام” لن ينافس “نتفليكس” أو “ديزني بلس”
أطلقت “ميتا” خطوة جديدة جريئة تهدف إلى نقل تجربة “إنستغرام” إلى شاشات التلفزيون، لكن دون أن تدخل في منافسة مباشرة مع عمالقة بث المحتوى مثل “نتفليكس” أو “ديزني بلس”. فالشركة لا تخطط لشراء حقوق بث لمباريات رياضية أو إنتاجات سينمائية ضخمة، بل تركز على نقطة قوتها الأساسية: المحتوى الذي يصنعه المستخدمون.
تهدف هذه المبادرة إلى تحويل التلفزيون من وسيلة ترفيه تقليدية إلى مساحة تفاعلية اجتماعية، معتمدة على محتوى “الريلز” القصير الذي يلقى رواجًا كبيرًا على المنصة. في هذا السياق، تبدو “ميتا” وكأنها تعيد تشكيل علاقة الجمهور مع التلفزيون، بحيث لا يقتصر الأمر على المشاهدة السلبية، بل يشمل التفاعل، والمشاركة، وحتى الإبداع.
الخطوة تمثل تحركًا استراتيجيًا واضحًا لمنافسة منصات مثل “يوتيوب” و”تيك توك” اللتين تهيمنان على محتوى الفيديو القصير، خاصة على الشاشات الكبيرة. من المعروف أن “يوتيوب” يسيطر حاليًا على تجربة الفيديو في أجهزة التلفاز الذكية، إلا أن “ميتا” تسعى إلى كسر هذا الاحتكار، مستفيدة من قاعدة مستخدميها الضخمة التي تتجاوز 3 مليارات مستخدم شهريًا.
ومع تزايد شعبية مقاطع الريلز، قامت “ميتا” بتعديل تجربة استخدام تطبيق “إنستغرام”، حتى على أجهزة الآيباد، ليبدأ مباشرة من تبويب الريلز، ما يؤكد تركيزها الواضح على دعم هذا النوع من المحتوى. إدخال هذه المقاطع إلى شاشة التلفزيون ليس مجرد خطوة تقنية، بل هو تحول في طريقة استهلاك المحتوى، إذ إن “ميتا” تطمح لتحويل مقاطع الفيديو القصيرة إلى تجربة مشاهدة ممتدة تشبه التنقل بين القنوات التلفزيونية.
في حال نجاح هذا التوجه، قد يصبح من الطبيعي أن نشاهد الريلز على التلفاز بجانب المنصات الأخرى مثل “نتفليكس” و”يوتيوب”، مما يعزز تلاشي الحدود التقليدية بين وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. هذا الدمج قد يعيد تعريف التلفزيون ذاته، ليصبح وسيلة أكثر تفاعلاً وشخصية، تعتمد على اهتمامات كل مستخدم.
أما بالنسبة لصنّاع المحتوى، فإن هذا التوسع يمثل فرصة ذهبية لعرض مقاطعهم على شاشات أكبر، بجودة أعلى، وأمام جمهور أوسع، ما يمنحهم مساحة جديدة للنمو والانتشار.
ومن جهة أخرى، تستفيد “ميتا” من زيادة زمن بقاء المستخدمين على منصتها، وهو ما يعزز مكانتها في سوق الإعلان الرقمي. كما أن تقديم تجربة مشاهدة اجتماعية ومستمرة قد يجعل “إنستغرام” وجهة رئيسية للمحتوى القصير، حتى على الشاشات الكبيرة.
في النهاية، يبدو أن “ميتا” لا تسعى إلى منافسة “نتفليكس” أو “ديزني بلس” على محتواهم، بل تخلق طريقًا خاصًا بها، حيث يصبح التلفزيون امتدادًا لمنصة اجتماعية تفاعلية قائمة على ما يصنعه الناس بأنفسهم.