إنفيديا
واصلت شركة إنفيديا جهودها لتعزيز مكانتها في مجال الذكاء الاصطناعي المفتوح المصدر من خلال اتخاذ خطوات استراتيجية متزامنة تهدف إلى توسيع نطاق تأثيرها ودعم مجتمع البرمجيات المفتوحة. فقد شملت هذه الجهود القيام باستحواذ مهم على شركة تقنية ناشئة متخصصة في مجال إدارة أعباء العمل، بالإضافة إلى الإعلان عن إطلاق مجموعة جديدة من نماذج الذكاء الاصطناعي المفتوحة التي تستهدف تسريع الابتكار وتوسيع الاستخدام العملي للتقنيات الذكية في مختلف القطاعات.

في خطوة بارزة، أعلنت شركة إنفيديا يوم الاثنين عن استحواذها على شركة SchedMD، وهي الشركة المطورة الرئيسية لنظام Slurm، الذي يعتبر أحد أبرز أنظمة إدارة أعباء العمل مفتوح المصدر على مستوى العالم. يُستخدم هذا النظام بشكل واسع في الحوسبة عالية الأداء، وهو أحد الأدوات الأساسية التي يعتمد عليها الباحثون والمطورون في تطبيقات الذكاء الاصطناعي المختلفة. ويتيح النظام توزيع المهام الحوسبية بكفاءة على مجموعات كبيرة من الحواسيب والخوادم، ما يساهم في تحسين سرعة الأداء وتقليل الوقت المستغرق في معالجة البيانات الكبيرة والمعقدة التي تشكل أساس تطبيقات الذكاء الاصطناعي الحديثة.
وأكدت شركة إنفيديا أن البرنامج سيستمر في العمل كحل مفتوح المصدر يتميز بالحياد تجاه مختلف الموردين، مما يعني أنه لن يكون مقيدًا بمصادر محددة أو تقنيات خاصة بالشركة فقط، بل سيظل متاحًا للمجتمع العلمي والتقني بأوسع صورة ممكنة. ويعكس هذا الالتزام فلسفة إنفيديا في دعم الابتكار المفتوح وتشجيع التعاون بين الشركات والمؤسسات الأكاديمية والمطورين المستقلين، وهو ما يعزز من مكانتها كفاعل رئيسي في مجال الحوسبة المتقدمة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
ويأتي هذا الاستحواذ ضمن استراتيجية أوسع تتبعها إنفيديا لتقوية بنيتها التحتية في مجال الذكاء الاصطناعي المفتوح المصدر، حيث تسعى الشركة إلى توفير أدوات ونماذج تسهل على المطورين والباحثين تنفيذ مشاريعهم بشكل أسرع وأكثر كفاءة. وتشمل هذه الاستراتيجية إطلاق حزم جديدة من نماذج الذكاء الاصطناعي التي تتيح للمستخدمين استكشاف قدرات التعلم العميق وتحليل البيانات الكبيرة بطريقة مرنة وسهلة الاستخدام، مع ضمان التوافق مع مختلف المنصات والأدوات البرمجية.
وتشير التحليلات إلى أن دمج خبرة SchedMD مع تقنيات إنفيديا سيخلق فرصًا جديدة لتحسين أداء مراكز البيانات والحوسبة الفائقة، كما سيساهم في تسريع أبحاث الذكاء الاصطناعي التي تتطلب معالجة كميات هائلة من البيانات بسرعة ودقة عالية. ومن المتوقع أن تستفيد المؤسسات التعليمية والبحثية والشركات الناشئة بشكل مباشر من هذه الخطوة، حيث ستتمكن من الوصول إلى أدوات قوية ومرنة لإدارة المشاريع الكبيرة والمعقدة دون الحاجة إلى التقييد بأنظمة محددة.
بهذه الخطوات، تؤكد إنفيديا التزامها بتطوير نظام بيئي متكامل للذكاء الاصطناعي المفتوح المصدر، يعزز التعاون بين مختلف الأطراف ويتيح تبادل المعرفة والخبرات على نطاق واسع. ويعتبر هذا التوجه جزءًا من رؤية طويلة الأمد للشركة تهدف إلى توسيع استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتسهيل دمجها في القطاعات المختلفة بما يحقق قيمة مضافة ويساهم في دفع الابتكار التكنولوجي بشكل مستدام.
يعود تاريخ إطلاق نظام Slurm إلى عام ألفين واثنين، بينما تأسست شركة SchedMD في عام ألفين وعشرة على يد المطورين الرئيسيين للنظام، موريس جيت وداني أوبل، الذي يشغل حالياً منصب الرئيس التنفيذي للشركة. وقد لعب هذا النظام دوراً محورياً في تطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، حيث يمثل الأساس الذي تبنى عليه العديد من التطبيقات والأبحاث الحديثة. ومن جانبها، لم تكشف شركة إنفيديا عن القيمة المالية للصفقة التي أتمتها مع SchedMD، مكتفية بالإشارة إلى تفاصيلها في منشور رسمي على مدونتها، مؤكدة أهمية هذه الخطوة في سياق استراتيجيتها لتطوير حلول الذكاء الاصطناعي.
وأكدت إنفيديا أنها تتعاون مع SchedMD منذ أكثر من عقد، مشيرة إلى أن تقنية Slurm تعتبر بنية تحتية أساسية للذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث تتيح تنفيذ المهام المعقدة على نطاق واسع وبكفاءة عالية. كما أوضحت الشركة أنها تعتزم مواصلة الاستثمار في تطوير هذا النظام وتسريع دمجه مع منصات وأنظمة مختلفة، بما يعزز قدرات الباحثين والمطورين في استغلال إمكانيات الذكاء الاصطناعي بأقصى حد ممكن.
في الوقت نفسه، أعلنت إنفيديا عن إطلاق عائلة جديدة من نماذج الذكاء الاصطناعي المفتوحة تحت اسم Nvidia Nemotron 3، مشيرة إلى أن هذه النماذج تمثل أكثر العائلات المفتوحة كفاءة لبناء وكلاء ذكاء اصطناعي دقيقين. وتشمل العائلة ثلاثة نماذج رئيسية، هي Nemotron 3 Nano المخصص للمهام المحددة، وNemotron 3 Super المصمم لتطبيقات متعددة الوكلاء، بالإضافة إلى Nemotron 3 Ultra الموجه للمهام الأكثر تعقيداً، مما يوفر خيارات متنوعة للمطورين حسب طبيعة التطبيقات التي يعملون عليها.
وفي هذا السياق، أكد جنسن هوانغ، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، أن الابتكار المفتوح يعد الأساس لتقدم الذكاء الاصطناعي، مضيفاً أن الشركة تسعى من خلال Nemotron إلى تحويل الذكاء الاصطناعي المتقدم إلى منصة مفتوحة تمنح المطورين الشفافية والكفاءة اللازمة لبناء أنظمة ذكية على نطاق واسع. ويعكس هذا الإعلان التوجه الاستراتيجي للشركة نحو تعزيز الحلول المفتوحة في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو توجه بدأ يظهر بوضوح خلال الأشهر الماضية من خلال إطلاق مجموعة من الأدوات والنماذج المبتكرة.
فقد كشفت إنفيديا مؤخراً عن نموذج مفتوح جديد للرؤية والاستدلال تحت اسم Alpamayo-R1، الذي يركز على أبحاث القيادة الذاتية، كما أضافت المزيد من الأدلة وسير العمل الخاصة بنماذج Cosmos المفتوحة المصدر لدعم تطوير ما يعرف بالذكاء الاصطناعي الفيزيائي. وتشير هذه التحركات إلى أن الشركة تراهن على الذكاء الاصطناعي الفيزيائي كمرحلة تالية لنمو سوق معالجاتها الرسومية، في ظل سعيها لأن تصبح المزود الأول للحلول التي تعتمد عليها شركات الروبوتات والمركبات ذاتية القيادة لتطوير عقول هذه التقنيات المتقدمة.
وبهذا الشكل، تسعى إنفيديا إلى تعزيز مكانتها في السوق من خلال تقديم حلول متكاملة تجمع بين البنية التحتية الفعالة والتقنيات المتقدمة المفتوحة، بما يمكن المطورين والباحثين من ابتكار تطبيقات جديدة في مجالات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، والروبوتات، والمركبات الذاتية القيادة، وهو ما يعكس رؤية الشركة الطموحة نحو بناء مستقبل قائم على التكنولوجيا المفتوحة والذكاء الاصطناعي التطبيقي.




