ذكاء اصطناعي

نظارات ذكية مدعمة بالذكاء الاصطناعي تقدم “ذاكرة لا نهائية” للمستخدمين
يستعد طالبان سابقان من جامعة هارفارد لإحداث نقلة نوعية في عالم التكنولوجيا القابلة للارتداء من خلال ابتكار نظارات ذكية تعمل بشكل دائم وتعتمد على الذكاء الاصطناعي. هذه النظارات الجديدة، التي تحمل اسم “هالو إكس” (Halo X)، قادرة على الاستماع باستمرار إلى المحادثات، وتسجيلها، ثم تحويلها إلى نصوص مكتوبة، مع عرض المعلومات ذات الصلة مباشرة أمام عيني المستخدم.

الشركة المطورة للنظارات، والتي تحمل اسم “هالو” (Halo)، هي شركة ناشئة أسسها آنفو نجوين وكاين أردايفيو، وهما طالبان سابقان في جامعة هارفارد. تهدف الشركة إلى تصميم جهاز قابل للارتداء “يجعلك أذكى بمجرد ارتدائه”، كما يصفه المؤسسون. بل إنهم يذهبون إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ يرون أن النظارة تمنح مرتديها “ذاكرة لا نهائية” من خلال قدرتها على تخزين واسترجاع المعلومات في أي وقت.
النظارات مصممة لتكون خفيفة الوزن وسهلة الاستخدام، وتُطرح بسعر تنافسي يبلغ 249 دولارًا. من المتوقع بدء الطلب المسبق عليها هذا الأسبوع، وذلك بعد أن تمكنت الشركة من جمع مليون دولار كتمويل أولي من مستثمرين بارزين، من بينهم “Pillar VC” و“Soma Capital”، كما أورد تقرير لموقع “تك كرانش” (TechCrunch).
ووفقًا لما نشره الموقع، فإن النظارات مزودة بميكروفونات عالية الدقة تتيح لها التقاط المحادثات من البيئة المحيطة، ثم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحويل تلك المحادثات إلى نصوص مكتوبة تُخزن تلقائيًا. كما أن الذكاء الاصطناعي المستخدم قادر على تحليل السياق وتوفير معلومات فورية مرتبطة بالموضوع المطروح في الحديث، مما يمنح المستخدم تجربة معرفية فائقة في الوقت الحقيقي.
وتعد هذه التقنية نقلة جديدة في عالم التكنولوجيا الشخصية، إذ تفتح المجال لتطبيقات عديدة، ليس فقط في مجال التذكر الشخصي أو تدوين الملاحظات، بل أيضًا في ميادين مثل التعليم، الاجتماعات المهنية، وحتى المساعدات اليومية لذوي الاحتياجات الخاصة.
النظارات الجديدة تسعى إلى تقديم نموذج مختلف تمامًا عن المنتجات المشابهة مثل “غوغل غلاس”، حيث تركز “هالو إكس” على جعل الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للمستخدم من خلال الدعم اللحظي والذاكرة الدائمة.
وتأتي هذه الخطوة في وقت يشهد فيه قطاع التكنولوجيا القابلة للارتداء نموًا سريعًا، مدفوعًا بالتطورات المتسارعة في مجالات الذكاء الاصطناعي والمعالجات المصغرة. وإذا نجحت الشركة في تنفيذ رؤيتها، فإن “هالو إكس” قد تمثل مستقبل الأجهزة الذكية التي تتفاعل مع المستخدم وتفهم احتياجاته في الوقت الفعلي.
بهذا الابتكار، يبدو أننا نقترب أكثر من تحقيق حلم “الذاكرة الرقمية” التي يمكن الاعتماد عليها كامتداد لذاكرة الإنسان، ما قد يغيّر جذريًا طريقة تفاعلنا مع المعلومات والبيئة المحيطة بنا.
منافسة مبكرة لـ”ميتا“
أشار أردايفيو إلى أن النظارات الذكية الجديدة قد تشكّل تحديًا مباشرًا لمشروع “ميتا” في هذا المجال. لكنه نوه إلى أن “ميتا” ليست في موقع يتيح لها المجازفة، بسبب سجلها السابق في قضايا الخصوصية، ما يمنح نظارات “هالو” أفضلية في الانطلاق المبكر.
جدل الخصوصية
رغم ما تحمله من وعود تقنية، أثارت النظارات الذكية الجديدة موجة من المخاوف بشأن الخصوصية.
فهي – على عكس نظارات “ميتا” – لا تحتوي على أي مؤشر مرئي يُظهر أنها تقوم بالتسجيل، إذ يشير أردايفيو إلى أن الهدف هو أن تكون “غير ملحوظة تمامًا، كما النظارات التقليدية“.
لكن خبراء في الخصوصية حذروا من مخاطر استخدام أجهزة تسجيل خفية تعمل باستمرار، خاصة في ظل قوانين بعض الولايات الأميركية التي تُجرّم تسجيل المحادثات دون علم أو موافقة جميع الأطراف المعنية.
من جهتها، شبّهت إيفا غالبرين، مديرة الأمن السيبراني في مؤسسة الحدود الإلكترونية، هذه التكنولوجيا بـ”أجهزة التجسس القديمة”، محذّرة من أنها قد تُقوّض المفاهيم المجتمعية المتعلقة بالخصوصية في الأماكن العامة.
تجارب سابقة مثيرة للجدل
لم تكن هذه أول تجربة مثيرة للجدل للمؤسسين؛ ففي العام الماضي، قاما بتطوير إضافة لنظارات “راي بان” الذكية من “ميتا”، تتيح التعرف على الوجوه. وقد اختبرا التقنية على أشخاص غرباء في الشوارع دون علمهم، وهو ما أثار انتقادات حادة حول انتهاك الخصوصية.
ما تقدمه النظارة الآن
تأتي نظارة “هالو إكس” مزوّدة حاليًا بشاشة وميكروفون فقط، مع خطط مستقبلية لإضافة كاميرا.
وتعتمد النظارة على الهاتف الذكي في المعالجة، حيث تستفيد من تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل “جيميني” من غوغل و“Perplexity” لتقديم إجابات فورية ومعلومات لحظية من الإنترنت.
ورغم وصف مؤسسيها لها بأنها “الخطوة الأولى نحو مستقبل ذكي دائم الاتصال”، إلا أن المخاوف حول الخصوصية والأمان لا تزال تلقي بظلالها على مستقبل هذا الابتكار.