تقنية

الروبوتات

بالرغم من الضجة المتصاعدة والاهتمام المتزايد بتقنيات الروبوتات الشبيهة بالبشر، ترى شركة “UBS” السويسرية أن هذا القطاع لم يصل بعد إلى مرحلة التحول الجذري التي من شأنها أن تدفعه نحو الاعتماد الواسع على غرار ما حدث سابقًا مع قطاع المركبات الكهربائية. ووفقًا لرؤية “UBS”، فإن هذا التحول الكبير لا يزال مؤجلًا، وربما لن يتحقق قبل مرور خمس سنوات على الأقل، ما يعكس قناعة الشركة بأن الطريق لا يزال طويلًا أمام هذا الابتكار لتحقيق قفزة نوعية في الأسواق العالمية.

 الروبوتات البشرية
الروبوتات البشرية

وتوضح فيليس وانغ، وهي محللة الصناعات الصينية لدى “UBS”، أن الروبوتات الشبيهة بالبشر لم تصل بعد إلى ما تصفه بـ”اللحظة المفصلية” – وهي النقطة التي يتم فيها التغلب على العقبات التقنية الجوهرية وتبدأ المبيعات بالتصاعد السريع من مستويات محدودة إلى مستويات جماهيرية. هذا المفهوم يشير إلى مرحلة تشهد فيها الأسواق تسارعًا كبيرًا في تبني التكنولوجيا الجديدة، نتيجة تحسن القدرات التقنية، وتراجع التكاليف، وزيادة القبول المجتمعي.

وبالرغم من أن الروبوتات الشبيهة بالبشر أصبحت موضوعًا شائعًا في الأوساط الإعلامية والتقنية، وتلقى دعمًا واسعًا من بعض الشركات الرائدة، إلا أن “UBS” تحذر من أن الضجيج الإعلامي لا يعكس بالضرورة واقع السوق. فحتى هذه اللحظة، لا تزال هذه التكنولوجيا تعاني من تحديات كبيرة على عدة مستويات، الأمر الذي يجعل من الصعب تصور انطلاقة تجارية كبرى على المدى القصير.

من أبرز التحديات التي تواجه هذا القطاع حاليًا، بحسب تقرير “UBS”، ضعف القدرات الحالية للذكاء الاصطناعي. فحتى أكثر الأنظمة تطورًا لا تزال تفتقر إلى القدرة على فهم البيئة المحيطة والتفاعل معها بشكل قريب من طريقة الإنسان. بالإضافة إلى ذلك، تعاني هذه الأنظمة من نقص كبير في البيانات عالية الجودة، والتي تُعد عنصرًا أساسيًا لتدريب الخوارزميات وتحسين أدائها.

ولا يقتصر الأمر على التحديات التقنية فحسب، بل يواجه القطاع أيضًا عوائق تنظيمية وتشريعية. فغياب الأطر القانونية الواضحة، سواء فيما يتعلق باستخدام الروبوتات في الحياة اليومية أو تنظيم علاقتها بالبشر، يشكل عقبة أمام اعتمادها على نطاق واسع. كما أن هذه الثغرات القانونية قد تثير مخاوف تتعلق بالسلامة، والخصوصية، والمسؤولية القانونية في حال وقوع أخطاء أو حوادث.

وبناءً على ذلك، ترى “UBS” أن الحديث عن ثورة قريبة في قطاع الروبوتات الشبيهة بالبشر قد يكون سابقًا لأوانه. إذ إن تحقيق طفرة حقيقية يتطلب تجاوز عقبات معقدة، وهو ما قد يستغرق عدة سنوات. وحتى ذلك الحين، من المرجح أن يظل هذا القطاع محصورًا في نطاق التجارب المحدودة والنماذج الأولية، دون أن يحقق انتشارًا واسعًا في الأسواق العالمية.

اهتمام متزايد رغم التحديات

تتوقع مجموعة “UBS” أن يتجاوز عدد الروبوتات البشرية على مستوى العالم 300 مليون وحدة بحلول نهاية عام 2025، مع معدل طلب سنوي يُقدّر بنحو 86 مليون وحدة. وتشير التقديرات إلى أن القيمة السوقية لهذه الصناعة تتراوح بين 1.4 و1.7 تريليون دولار.

وتوضح الخبيرة وانغ أن التقدم يسير بشكل تدريجي، لا سيما في القطاعات التي تعاني من نقص العمالة مثل رعاية كبار السن، بالإضافة إلى جهود إعادة هيكلة سلاسل التوريد العالمية.

الروبوتات تخطف الأضواء في الصين

شهدت روبوتات شركة “Unitree Robotics” اهتمامًا واسعًا هذا العام، بعد أن شاركت في عروض راقصة على شاشة التلفزيون المركزي الصيني ضمن احتفالات رأس السنة. كما ظهرت في فعاليات رياضية ومعارض تقنية، ما جذب تغطية إعلامية واسعة واهتمامًا كبيرًا من المستثمرين.

وساعدت السياسات الحكومية في تعزيز هذا التوجه، حيث أشار رئيس مجلس الدولة، لي تشيانغ، إلى مفهوم “الذكاء المتجسد” في تقرير رسمي. كما سارعت مدن رئيسية مثل بكين، شنتشن وشنغهاي إلى تأسيس صناديق استثمارية مخصصة للروبوتات، مع ضخ رؤوس أموال كبيرة في القطاع.

ووفقًا لبيانات “UBS”، ارتفع حجم الاستثمارات في الروبوتات البشرية بشكل ملحوظ، من 6 صفقات بقيمة 63 مليون دولار في عام 2022، إلى 40 صفقة بلغت قيمتها 562 مليون دولار في عام 2023.

شركات ناشئة تجمع التمويل

شهد هذا الأسبوع إعلان عدة شركات ناشئة عن جولات تمويل كبيرة؛ فقد جمعت شركة “ديب روبوتيكس” في هانغتشو 500 مليون يوان (نحو 70 مليون دولار)، كما جمعت “روبوتيرا” في بكين نفس المبلغ في جولة تمويل من الفئة A.

أما شركة “تارس” الناشئة في شنغهاي، فأغلقت جولة تمويل بقيمة 122 مليون دولار، رغم أنها لم تطرح أي منتج تجاري بعد، بقيادة شركة “ميتوان” العملاقة. وفي خطوة بارزة، أعلنت شركة “أجيبوت” في شنغهاي عن نيتها الاستحواذ على شركة “سوانكور” للمواد المتقدمة، المُدرجة في سوق ستار الصيني، مما قد يجعلها أول شركة روبوتات بشرية تُدرج في البورصة المحلية.

أداء بحاجة للتطوير

وفي استعراض لقدراتها، بثت “أجيبوت” مقطعًا مباشرًا من مصنع في إقليم سيتشوان، يظهر فيه روبوت مزوّد بعجلات وأذرع ينقل صناديق ثقيلة داخل الورشة. لكن رغم التقنيات الحديثة، استغرق الروبوت 40 ثانية لنقل صندوق واحد، مقارنة بـ30 ثانية للعامل البشري، ما يُسلط الضوء على العقبات التقنية التي لا تزال بحاجة للتغلب عليها لتحقيق الاعتمادية الكاملة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى