تستعين الشركات الصينية بأحدث نموذج للذكاء الاصطناعي من “ديب سيك” بهدف تحسين الإنتاجية. وقد أثار هذا النموذج ضجة كبيرة في العالم خلال الأسابيع الأخيرة، خاصة بعد عرضه لطريقة تفكيره وإعلانه عن تكاليف أقل مقارنةً بـ “تشات جي بي تي” من “OpenAI”، رغم القيود الأميركية التي تمنع وصول أشباه الموصلات المتقدمة إلى الصين.
في الأسبوع الماضي، سارعت العديد من الشركات للتكامل مع “ديب سيك”، بما في ذلك ثمانية شركات لصناعة السيارات مثل “بي واي دي”، وتسع شركات مالية على الأقل، بالإضافة إلى ثلاث شركات اتصالات مملوكة للدولة وعلامة “هونر” التجارية للهواتف الذكية.
عرضت شركات الحوسبة السحابية مثل “علي بابا” و”هواوي” و”بايدو” و”Tencent” حلولًا لتمكين العملاء من الوصول إلى أحدث إصدارات طراز “ديب سيك”، وفقًا لتقرير نشره موقع “nbclosangeles” الذي اطلعت عليه “العربية Business”.
وقد أثار التفاؤل بشأن الذكاء الاصطناعي انتعاشًا في سوق الأسهم الصينية، حيث أشار بنك يو بي إس يوم الأربعاء إلى أن الأسهم الصينية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي شهدت زيادة بنسبة 15% منذ بداية العام، متفوقة بذلك على مؤشر MSCI China الأوسع الذي ارتفع بنسبة 9%.
وفي 20 يناير، أصدرت “ديب سيك” طرازها الأحدث R1، حيث أثارت الأخبار المتعلقة بقدراته منخفضة التكلفة موجة من عمليات البيع لأسهم شركات التكنولوجيا العالمية.
وكانت “ديب سيك”، التي تأسست في عام 2023 من قبل صندوق تحوط كمي، قد أطلقت النسخة الأساسية من طراز R1 في نوفمبر، تلتها النسخة V3 في ديسمبر. كما أطلقت التطبيق الخاص بـ “تشات بوت” للهواتف الذكية في يناير الماضي.
نموذج مفتوح المصدر
هناك عامل آخر يجذب الشركات، وهو أن نماذج “ديب سيك” مفتوحة المصدر، مما يتيح للأفراد والشركات تنزيلها وتخصيصها حسب احتياجاتهم.
كما أعلنت “ديب سيك” عن خفض كبير في الأسعار للتطبيقات التي تستخدم تقنيتها مقارنة بـ “OpenAI”.
لا يتوفر “تشات جي بي تي” بشكل رسمي في الصين، ويتطلب من المستخدمين تقديم رقم هاتف دولي وطريقة دفع من دولة تسمح باستخدام التطبيق مثل الولايات المتحدة.
قال جيمس تونغ، الرئيس التنفيذي لشركة “موفيتيك” (Movitech)، وهي شركة برمجيات مؤسسية، إن “ديب سيك” غيرت التصور السائد بأن نماذج الذكاء الاصطناعي مقتصرة على الشركات الكبرى ولديها تكاليف تنفيذ مرتفعة.
وأضاف أن شركته بدأت في دمج إصدار سابق من “ديب سيك” في الربع الأخير من العام الماضي، مما ساعد في تعزيز المبيعات بنحو 25% مقارنة بنفس الفترة من عام 2023.
كما أشار إلى أن الشركة تخطط لإطلاق تطبيق جديد متكامل مع “ديب سيك” بحلول نهاية مارس لتحسين قدرة العملاء على اتخاذ القرارات.
أظهرت العديد من مقاطع الفيديو الحديثة على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية كيفية تشغيل إصدار محلي من “ديب سيك” على جهاز Mac mini من “أبل”.
شهدت مبيعات Mac mini عبر الإنترنت في الصين زيادة كبيرة من نوفمبر إلى يناير، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وفقًا لبيانات شركة الاستشارات WPIC.
وأظهرت البيانات أن موقع JD.com، الذي يركز على الإلكترونيات، سجل مبيعات وصلت إلى حوالي 20200 وحدة في يناير، بزيادة من نحو 19400 في ديسمبر وحوالي 12250 في نوفمبر.
وتفيد التقارير بأن القدرة على تحمل تكاليف “ديب سيك” تدفع النماذج الأكثر تكلفة في الذكاء الاصطناعي إلى خفض الأسعار، مما يسهل على المزيد من الشركات تبني التكنولوجيا.
كما أن النماذج مفتوحة المصدر تمكّن الشركات في مجالات مثل المالية والمصرفية والرعاية الصحية من تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي محليًا.
في السياق نفسه، تعمل بكين على زيادة دعمها لشركات الذكاء الاصطناعي الصينية الناشئة، حيث أعلنت شبكة الحوسبة الفائقة الوطنية في الصين يوم الثلاثاء أن الشركات والأفراد المؤهلين يمكنهم الاستفادة من ثلاثة أشهر مجانية للوصول إلى “ديب سيك”.
وتشبه هذه الشبكة مشروع “ستارغيت” المدعوم من ترامب، الذي أسسته شركة “أوبن إيه آي” في الولايات المتحدة، لبناء البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.
لا تركز على “ديب سيك”
التسرع في اعتماد “ديب سيك” لا يعني أنها ستكون المزود الوحيد للذكاء الاصطناعي في الشركات الصينية.
وأشار تونغ إلى أن شركة موفيتيك تستخدم أيضًا نموذج “Qwen AI” من “علي بابا”، موضحًا أن السوق يتطلع إلى التكنولوجيا التي تتمكن من خفض التكاليف وزيادة النتائج، سواء كانت من “OpenAI” أو “ديب سيك”.
وتوقع شو وي بينج، الشريك والمدير التنفيذي للعمليات، أن الشركات الصغيرة والشركات التي تدمج الذكاء الاصطناعي مع الأجهزة ستكون أكثر استفادة من منصات الإنترنت الكبيرة التي تخدم المستهلكين، مشيرًا إلى أن تركيز هذه الشركات في مجال الذكاء الاصطناعي حتى الآن كان أكبر على تعزيز الكفاءة بدلاً من تطوير خدمات استهلاكية جديدة.
من جانبه، ذكر مايك فانغ، كبير المحللين في جارتنر، أنه رغم انخفاض أسعار نماذج الذكاء الاصطناعي، فإن الشركات الصغيرة والمتوسطة قد تبقى في مرحلة انتظار بسبب التكلفة المرتفعة نسبيًا. لكن شركة الاستشارات تتوقع أنه بحلول عام 2027، سينخفض متوسط تكلفة الوصول إلى نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى أقل من 1% من تكلفته الحالية، وأنه بحلول عام 2029، ستتضمن 60% من الشركات الصينية الذكاء الاصطناعي في منتجاتها وخدماتها الأساسية، مما سيشكل محركًا رئيسيًا لنمو الإيرادات.
