تشات جي بي تي

قررت شركة “أوبن إيه آي”، المالكة لنظام الدردشة الذكي “تشات جي بي تي“، إطلاق خاصية جديدة تحمل اسم “وضع الدراسة”، تهدف إلى تقديم دعم فعّال للطلاب والأكاديميين في شرح الدروس، بدون الحاجة إلى وجود معلم بشكل مباشر. هذه الخاصية تأتي في إطار تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي لتوفير أدوات تعليمية مبتكرة تساعد في تحسين عملية التعلم، وتقديم حلول تساعد على إنجاز الواجبات الدراسية والتحضير للامتحانات بكفاءة أكبر.

تُعد ميزة “وضع الدراسة” خطوة نوعية في عالم التعليم الإلكتروني، حيث تم تصميمها لتكون أداة متعددة الاستخدامات، يمكن للطلاب الاعتماد عليها لفهم المواد الدراسية المختلفة بطريقة مبسطة وسلسة. وتوضح صحيفة “الغارديان” البريطانية أن هذه الميزة لا تقتصر فقط على تقديم شروحات نصية، بل تتوسع لتشمل تفاعلاً مع الصور، مما يفتح المجال أمام المستخدمين لتحميل صور اختبارات أو مسائل تعليمية ليتم تحليلها وتقديم الحلول أو الشروحات المناسبة لها.
إحدى الأهداف الرئيسية من إطلاق “وضع الدراسة” هو التقليل من ظاهرة الغش الأكاديمي التي أصبحت تؤرق المؤسسات التعليمية، خاصة مع تزايد استخدام التكنولوجيا في العملية التعليمية. فالخاصية الجديدة تعمل على توجيه الطلاب نحو الفهم الحقيقي للمواد، بدلاً من تقديم إجابات جاهزة فقط، مما يعزز من قدرة الطالب على التعلم الذاتي واكتساب المعرفة بشكل أعمق.
ميزة التفاعل مع الصور في “وضع الدراسة” تمثل إضافة كبيرة، حيث تسمح للطلاب بتحميل صور لأسئلة أو تمارين من كتبهم الدراسية أو من اختبارات سابقة، ليتمكن النظام من تحليل هذه الصور والتعرف على النصوص أو المسائل الموجودة بها. بعد ذلك، يقوم النظام بشرح الحلول خطوة بخطوة، مما يسهل على الطالب فهم المنهج ومتابعة دراسته بطريقة أكثر تفاعلية وشمولية.
بالإضافة إلى دعم الواجبات والتحضير للامتحانات، فإن “وضع الدراسة” يمكن أن يكون أداة تعليمية مهمة للأشخاص الذين يرغبون في تعلم مواضيع جديدة خارج نطاق الدراسة التقليدية. سواء كان الطالب يدرس موضوعًا معقدًا أو يسعى لاكتساب مهارات جديدة، يمكن لهذا الوضع تقديم شروحات مفصلة ومتنوعة تتناسب مع مستوى المستخدم واحتياجاته التعليمية.
يأتي هذا التطوير في إطار سعي شركة “أوبن إيه آي” المستمر لتوسيع قدرات الذكاء الاصطناعي وجعله أكثر فائدة للمستخدمين في مختلف المجالات، لا سيما التعليم. فقد شهدت السنوات الأخيرة اهتمامًا متزايدًا بتوظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم الإلكتروني، حيث يمكن لهذه التكنولوجيا أن تسد فجوات التعلم، وتوفر موارد تعليمية متاحة بسهولة في أي وقت ومكان.
كما أن شركة “أوبن إيه آي” تأخذ بعين الاعتبار الجوانب الأخلاقية المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم، لذلك حرصت على تصميم “وضع الدراسة” بطريقة تحفز الطالب على التفكير والفهم، دون أن تعتمد فقط على إعطاء الحلول النهائية، ما يساعد على تعزيز مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات لدى الطلاب.
في المجمل، تعد خاصية “وضع الدراسة” إضافة مبتكرة تعكس توجهات العصر نحو دمج الذكاء الاصطناعي في منظومة التعليم، وتوفير أدوات تعليمية متطورة تسهم في رفع جودة التعليم وتيسير وصول المعرفة للجميع، مع الحفاظ على النزاهة الأكاديمية ومنع الغش. ومن المتوقع أن تحظى هذه الميزة الجديدة باهتمام واسع من قبل المؤسسات التعليمية والطلاب على حد سواء، لما تحققه من فوائد ملموسة في تحسين العملية التعليمية ودعم التعلم المستقل.
تهدف خاصية “وضع الدراسة” التي أطلقتها شركة أوبن إيه آي إلى تقليل استخدام ChatGPT كأداة لتوليد الإجابات الجاهزة والاعتماد عليها في أداء الواجبات، حيث أكدت الشركة أن الهدف من هذه الخاصية ليس تقديم الحلول المباشرة فقط، بل التركيز على مساعدة الطلاب في فهم المفاهيم الأساسية وتنمية قدراتهم التحليلية والنقدية. فبدلاً من الحصول على إجابات سريعة وجاهزة، تسعى الخاصية إلى تشجيع الطلاب على التفاعل مع المواضيع والمشكلات المطروحة، مما يعزز من عمق التعلم وجودته.
رغم ذلك، تبقى إمكانية تخطي هذه الميزة واردة إذا اختار الطلاب تجاهلها، وهو ما يعكس التحديات المستمرة التي تواجه الشركات المطورة للذكاء الاصطناعي في محاربة الغش الأكاديمي والاستخدام غير المسؤول للأدوات الرقمية. وبحسب تصريحات أوبن إيه آي، فإن أكثر من ثلث الشباب في سن الدراسة الجامعية في الولايات المتحدة يستخدمون ChatGPT بشكل منتظم، حيث يرتبط نحو ربع المحادثات التي يجريها الطلاب مع الروبوت بمواضيع التعليم، مثل طلب الشرح، الدعم في أداء الواجبات المنزلية، أو التعلم الخصوصي.
في هذا السياق، قالت جاينا ديفاني، المسؤولة عن التعليم الدولي لدى ChatGPT في الولايات المتحدة، إن الشركة لا ترغب في أن يُساء استخدام الروبوت من قبل الطلاب، موضحة أن إطلاق خاصية “وضع الدراسة” يُعتبر خطوة نحو تشجيع الاستخدام الأكاديمي البنّاء للذكاء الاصطناعي. وأضافت ديفاني أن مواجهة مشكلة الغش الأكاديمي باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي تستدعي إجراء نقاشات موسعة على مستوى الصناعة التعليمية بأكملها، تتضمن إعادة التفكير في أساليب التقييم وتبني إرشادات واضحة تحدد ما يُعتبر استخدامًا مسؤولًا للتقنيات الحديثة.
وأوضح فريق أوبن إيه آي أن هذه الخاصية الجديدة صُممت لتحفيز المستخدمين على التفكير والتفاعل مع الأسئلة المطروحة، بدلاً من انتظار تقديم إجابة جاهزة، حيث تؤكد ديفاني: “الوضع الجديد يوجهني نحو الإجابة بدلاً من إعطائها لي مباشرة”. هذا النهج يعزز من قدرة الطلاب على استيعاب المحتوى وتطوير مهاراتهم بشكل ذاتي، بدلًا من الاعتماد على نسخ المعلومات دون فهم.
وأكدت أوبن إيه آي أنها تعاونت مع مجموعة من المعلمين والعلماء وخبراء التعليم لتطوير هذه الأداة، لكنها حذرت في الوقت ذاته من احتمال ظهور بعض الأخطاء أو السلوك غير المتسق أثناء المحادثات، الأمر الذي يتطلب المزيد من التحسينات والتطوير المستمر لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.
ويأتي هذا التطوير في ظل تصاعد المخاوف المتعلقة بالغش الأكاديمي عبر استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، حيث كشفت دراسة حديثة لصحيفة “ذا غارديان” عن تسجيل ما يقرب من 7000 حالة غش مثبتة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الجامعات البريطانية خلال عام 2023-2024. وتعادل هذه الحالات 5.1 حالات غش لكل ألف طالب، مقارنة بنسبة 1.6 فقط في العام السابق، مما يعكس زيادة ملحوظة في الاعتماد غير المشروع على هذه الأدوات.
في ظل هذه التحديات، تؤكد شركات الذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها أوبن إيه آي، على ضرورة التعاون بين مختلف الجهات المعنية في القطاع التعليمي لوضع إطار عمل مسؤول وفعّال، يساعد في توظيف هذه التقنيات بشكل إيجابي يسهم في تحسين العملية التعليمية، دون أن يصبح مصدرًا للغش أو التلاعب الأكاديمي. وهذا يتطلب جهودًا مشتركة من المعلمين، الإدارات الأكاديمية، الطلاب، ومطوري التكنولوجيا، لضمان الاستفادة القصوى من الإمكانات التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، مع التقليل من مخاطره وآثاره السلبية.