ديب سيك
أثارت شركة “ديب سيك DeepSeek” الصينية، المتخصصة في روبوتات المحادثة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI)، ضجة كبيرة في صناعة الذكاء الاصطناعي. تأسست الشركة في الصين عام 2023، ولكن حتى تاريخ 24 يناير، كانت شبه مجهولة. ومع ذلك، أصبحت “ديب سيك” في فترة قصيرة الموضوع الأكثر تداولًا في الأوساط التقنية والعلمية.
البيانات والتطوير نقاط مثيرة للجدل
يثار قلق بشأن خصوصية البيانات بعد ظهور تقارير تفيد بأن “ديب سيك” تقوم بجمع بيانات المستخدمين الأمريكيين وتخزينها على خوادم صينية. علاوة على ذلك، لا يُعرف حتى الآن كيفية استخدام هذه البيانات أو الجهة التي يتم بيعها لها.
ويثير المتشككون تساؤلات حول ما إذا كانت الشركة قد طوّرت النموذج مقابل 5.58 مليون دولار فقط، أو إذا كانت تخفي التكاليف الحقيقية وراء هذا المشروع. وإذا كانت قد أنفقت أكثر مما أعلن عنه، فإن ذلك يثير الشكوك حول كيفية تجاوز الشركة للقيود المفروضة على رقائق الكمبيوتر الأميركية.
مسألة أخرى مثيرة للجدل هي التحقيق الذي تقوده شركة مايكروسوفت للتحقق مما إذا كانت “ديب سيك” قد استولت على أبحاث وبيانات “OpenAI” لتطوير نموذجها.
جميع هذه القضايا تحمل تبعات كبيرة على سمعة “ديب سيك”. إذا كانت قد تجاوزت القيود الأميركية المتعلقة بتصدير الرقائق، فقد تواجه الشركة عواقب قانونية أو عقوبات أخرى. أما إذا ثبت أن “ديب سيك” قامت بنسخ أعمال “OpenAI”، فإنها قد تفقد مصداقيتها وتصبح مرفوضة باعتبارها مجرد مقلدة، بدلًا من أن تُعتبر شركة مبتكرة في مجال الذكاء الاصطناعي.
العمالقة يضاعفون الإنفاق على الذكاء الاصطناعي
على الرغم من المخاوف التي أبدتها شركات التكنولوجيا والمستثمرون بشأن التقييمات المبالغ فيها لشركات الذكاء الاصطناعي الكبرى في أميركا وزيادة الإنفاق، إلا أن هذا الاتجاه لا يظهر أي علامة على التوقف قريبًا.
في مواجهة هذه المخاوف، أعلنت شركات التكنولوجيا الكبرى عن خططها لزيادة إنفاقها بدلاً من تقليصه.
في الربع الأخير من عام 2024 فقط، أنفقت شركتا “مايكروسوفت” و”ميتا” معًا نحو 37.4 مليار دولار، تم توجيه معظمها إلى البنية التحتية الخاصة بالذكاء الاصطناعي، مثل الرقائق ومراكز البيانات، وكل ما يلزم لاستمرار وتوسع عمليات الذكاء الاصطناعي.
أما بالنسبة لعام 2025، فقد تعهدت “مايكروسوفت” بإنفاق 80 مليار دولار على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، بينما تخطط “ميتا” لاستثمار ما يصل إلى 65 مليار دولار.
من جانبه، يرى مارك زوكربيرج أن هذا الإنفاق الضخم على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي يشكل استثمارًا طويل الأمد، سيمنحهم ميزة استراتيجية في المستقبل.
هذا الإنفاق الكبير يأتي في وقت تشير فيه شركة “ديب سيك” (DeepSeek) إلى أنها قد أنشأت نموذجًا يعادل GPT-01 مقابل 5.58 مليون دولار فقط، مما يثير تساؤلات حول سبب احتياج شركات كـ “OpenAI” و”مايكروسوفت” إلى استثمارات ضخمة بمليارات الدولارات.
السبب في ذلك هو أن عمليات الذكاء الاصطناعي تتطلب كمية هائلة من الحوسبة والبيانات والطاقة لتدريب النماذج ونشرها، وهو ما قد يتطلب مليارات الدولارات في العمليات واسعة النطاق.
قد يكون من الصحيح أن الشركات الأمريكية ليست الوحيدة التي تحتاج لجمع وإنفاق هذا القدر من المال، بل إن جميع شركات الذكاء الاصطناعي التي تنافس بجدية في هذا المجال تحتاج إلى استثمار رأس المال بهذا الحجم.
يشكك البعض في صحة الادعاءات المتعلقة بتكلفة “ديب سيك DeepSeek”، معتقدين أن الأرقام التي تم الإعلان عنها بعيدة عن الواقع، وأنهم ربما يخفون التكاليف الحقيقية للبنية التحتية أو يستفيدون من دعم حكومي غير معلن.
وليس الأمر مقتصرًا على زيادة إنفاق “مايكروسوفت” و”ميتا” على الذكاء الاصطناعي فقط، بل إن “OpenAI” تسعى أيضًا لجمع 40 مليار دولار في جولة تمويل جديدة، مما يرفع قيمة الشركة إلى 340 مليار دولار.
وهذا يشير إلى أنهم ليسوا قلقين بشأن قدرة أي منافس منخفض التكلفة على إحداث تغييرات كبيرة في صناعة الذكاء الاصطناعي.
شركة OpenAI تطلق ChatGPT Gov
على الرغم من الضجة الكبيرة التي أثارتها “ديب سيك DeepSeek”، أطلقت “OpenAI” هذا الأسبوع إصدارًا جديدًا من “تشات جي بي تي” باسم ChatGPT Gov.
تم تصميم هذا الإصدار خصيصًا لتلبية احتياجات الوكالات الحكومية، حيث يتيح لها تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي على بنيتها التحتية السحابية الخاصة باستخدام Azure Commercial أو Azure Government Cloud.
تتردد الحكومات والشركات الكبرى في تبني الذكاء الاصطناعي التوليدي نظرًا للقلق من مسائل الخصوصية. فالجميع يخشى أن تُستخدم بياناته الحساسة في تدريب نماذج الروبوتات الذكية، وهناك دائمًا خطر أن تظهر معلومات خاصة في استجابات مستقبلية. لهذا السبب، حظرت العديد من الشركات والوكالات الحكومية صراحة استخدام “تشات جي بي تي” في الأنشطة المتعلقة بالعمل.
من خلال ChatGPT Gov، تسعى “OpenAI” إلى معالجة هذه المشكلة. يتيح هذا الإصدار للوكالات الحكومية تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي على سحاباتها الخاصة والآمنة، مما يضمن أن بإمكان الحكومات استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بكل ثقة، مع مراعاة متطلبات الأمان والخصوصية والامتثال، وبالتالي تجنب المخاطر التي كانت سابقًا تعيق استخدامها لهذه الأنظمة.