تقنية

بايدو

“بايدو” تفتح مصدر روبوت الدردشة Ernie في خطوة فارقة بسوق الذكاء الاصطناعي في الصين

في تحرك يُعد من أبرز التطورات التقنية في قطاع الذكاء الاصطناعي داخل الصين، أعلنت شركة بايدو (Baidu)، عملاق محركات البحث والتكنولوجيا في البلاد، يوم الاثنين، عن إتاحة نموذجها المتقدم للدردشة المعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي، والمعروف باسم “Ernie”، كمصدر مفتوح.

بايدو
بايدو

ويأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه الصين سباقًا محمومًا في مجال الذكاء الاصطناعي، وسط منافسة متزايدة بين الشركات الكبرى والناشئة على حد سواء لتقديم حلول ذكية تتسم بالكفاءة والتكلفة المعقولة. ويُتوقع أن يؤدي قرار بايدو إلى تغييرات كبيرة في المشهد التكنولوجي الصيني، وربما يدفع نحو اندلاع “حرب أسعار” في مجال الذكاء الاصطناعي، لا سيما على صعيد تطوير النماذج اللغوية التوليدية.

ويُعد “Ernie”، الذي طورته بايدو داخليًا، واحدًا من أكثر نماذج الذكاء الاصطناعي تقدمًا في الصين، وقد استُخدم في العديد من التطبيقات الذكية، مثل المساعدات الرقمية، وتوليد المحتوى، وتحليل البيانات، وفهم اللغة الطبيعية. ويمثل فتح مصدر هذا النموذج تحولًا في استراتيجية الشركة، إذ كانت معظم النماذج المتقدمة في هذا المجال مغلقة المصدر، ومُتحكمًا بها من قبل الشركات الكبرى التي طورتها.

ويُعتقد أن هذه الخطوة جاءت كرد مباشر على النجاح السريع الذي حققته شركة “ديب سيك” (DeepSeek) الناشئة، والتي أطلقت مؤخرًا نموذجًا مفتوح المصدر يتمتع بكفاءة عالية وتكلفة منخفضة نسبيًا، مما جذب اهتمامًا واسعًا من المجتمع التقني والأكاديمي داخل الصين وخارجها. وقد أثار نموذج “ديب سيك” نقاشًا واسعًا حول أهمية فتح مصادر التكنولوجيا المتقدمة لتحقيق تقدم جماعي وابتكار أسرع.

ويرى مراقبون أن إعلان بايدو سيزيد من الضغط على بقية اللاعبين الكبار في السوق الصيني، مثل “علي بابا” و”تينسنت”، لتسريع خطواتهم في مجال الذكاء الاصطناعي، وربما إعادة النظر في استراتيجياتهم بشأن فتح المصادر وتعزيز التعاون المفتوح.

وبالإضافة إلى ذلك، قد يفتح قرار بايدو آفاقًا جديدة أمام الشركات الناشئة والمطورين والباحثين في الصين، إذ سيتيح لهم الوصول إلى نموذج قوي يمكن تعديله وتحسينه واستخدامه في تطبيقات متنوعة. ومن شأن هذا أن يُسهم في تسريع وتيرة الابتكار داخل البلاد، وتعزيز موقع الصين كمنافس عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي.

وبينما تشجع الحكومة الصينية على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي محليًا للحد من الاعتماد على الخارج، يبدو أن خطوة بايدو تتماشى مع هذه الرؤية، وتسهم في بناء منظومة أكثر انفتاحًا وتعاونًا داخل القطاع.

وبهذا التحول، تدخل الصين مرحلة جديدة في سباق الذكاء الاصطناعي، تقوم فيها الشركات الكبرى ليس فقط بتطوير التقنيات، بل ومشاركتها، مما قد يُعيد رسم خارطة المنافسة والابتكار في المستقبل القريب.

“بايدو” تفتح مصدر “Ernie” تدريجيًا وتغيّر قواعد اللعبة في الذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة “بايدو” الصينية أنها ستبدأ، اعتبارًا من يوم الإثنين، في طرح النسخة مفتوحة المصدر من نموذجها اللغوي الشهير “Ernie”، في خطوة جريئة تهدف إلى إعادة رسم ملامح المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي.

وبحسب تقرير لموقع SiliconANGLE، يرى محللون أن هذه الخطوة تمثل تحديًا مباشرًا لعمالقة الغرب مثل “OpenAI” و”Anthropic”، إذ تسعى “بايدو” إلى تحويل الذكاء الاصطناعي عالي الأداء إلى منتج متاح للجميع، مما يضعف من جدوى رسوم الترخيص المرتفعة التي تفرضها الشركات المنافسة.

ويمثل هذا الإعلان تحولًا جذريًا في نهج “بايدو”، التي كانت حتى وقت قريب من المدافعين البارزين عن النماذج مغلقة المصدر. إلا أن الشركة اليوم تراهن على إتاحة الشيفرة البرمجية لنموذجها الرئيسي من أجل تعزيز الانتشار، ودعم بناء نظام بيئي نشط للمطورين، وهو توجه قد يكون على المدى الطويل أكثر ربحية من فرض رسوم على استخدام واجهات برمجة التطبيقات (APIs).

تصعيد مفتوح المصدر

شهد هذا العام تسارعًا واضحًا في توجه “بايدو” نحو دعم المصادر المفتوحة، إذ اتخذت سلسلة من الخطوات التنافسية الملفتة. ففي فبراير، طرحت الشركة روبوت المحادثة “Ernie” مجانًا، متخلية عن نموذج الاشتراك المدفوع، في محاولة لجذب قاعدة أوسع من المستخدمين.

وفي مارس، أطلقت “Ernie 4.5” ونموذج الاستدلال “X1” بأسعار تقل كثيرًا عن أسعار النماذج المنافسة. ثم أتبعتهما بنسخ “Turbo” من كلا النموذجين، خفضت أسعارها بنسبة تصل إلى 80%.

منافسة داخلية وضغوط خارجية

من جانبه، وصف ليان جاي سو، كبير المحللين في شركة “أومديا”، إعلان “بايدو” بأنه مفاجأة كبرى، خصوصًا في ظل اعتمادها السابق على النماذج المغلقة. لكنه أشار إلى أن شركات مثل “ديب سيك” أثبتت أن النماذج مفتوحة المصدر يمكن أن تكون جديرة بالثقة ومنافسة على المستوى ذاته.

وقد تحاول “بايدو” استغلال التحديات التي تواجهها “ديب سيك”، خاصة بعد تقارير عن اضطرارها لتأجيل إصدار نموذجها “R2” بسبب قيود الحصول على وحدات معالجة الرسومات (GPU) من “إنفيديا”، على خلفية العقوبات الأميركية على صادرات الرقائق إلى الصين.

حاليًا، يملك “Ernie” نحو 23 مليون مستخدم نشط شهريًا، وهو رقم يقل كثيرًا عن منافسه “Duobao” التابع لشركة “بايت دانس”، الذي بلغ عدد مستخدميه 83 مليونًا. أما على مستوى المطورين، فإن حصة “Ernie API” السوقية تبلغ 18%، مقارنة بـ34% لصالح “ديب سيك”.

مستقبل الذكاء الاصطناعي في الصين والعالم

تأتي هذه التطورات في ظل تنافس شديد على الذكاء الاصطناعي في السوق الصينية، حيث تلعب شركات كبرى مثل “علي بابا” و”تينسنت” دورًا محوريًا، إلى جانب عدد من الشركات الناشئة.

ويرى مراقبون أن خطوة “بايدو” قد تزيد الضغوط على شركات الذكاء الاصطناعي الأميركية، رغم أن العلامة التجارية للشركة لا تزال أقل شهرة خارج الصين. ويبدو أن التأثير بدأ يظهر، إذ أقر سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة “OpenAI”، في يناير الماضي، بالحاجة إلى استراتيجية جديدة فيما يتعلق بالمصادر المفتوحة، معلنًا نية الشركة إطلاق نموذج بأوزان مفتوحة في المستقبل القريب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى