سامسونغ

منذ عام 2020، اعتادت شركة سامسونغ على اتباع نهج ثابت في ما يخص سعة البطارية في هواتفها الرائدة من سلسلة Galaxy S Ultra . فخلال السنوات الست الماضية، حافظت الشركة الكورية الجنوبية على استخدام بطارية بسعة 5000 مللي أمبير/ساعة في جميع طرازات هذه السلسلة، بدءًا من Galaxy S20 Ultra ووصولاً إلى أحدث إصدار متاح حتى اليوم. ويبدو أن هذا التوجه سيستمر في عام 2026، مع اقتراب موعد الإعلان عن هاتف Galaxy S26 Ultra ، إذ تشير التقارير والتسريبات المبكرة إلى أن سامسونغ لا تنوي رفع سعة البطارية هذا العام أيضًا، وفقًا لما كشفه موقع “PhoneArena” التقني.

ورغم أن سعة 5000 مللي أمبير/ساعة كانت تعتبر في السابق رقمًا كبيرًا ومنافسًا في سوق الهواتف الذكية، إلا أن استمرار الاعتماد عليها دون أي تحسين ملموس يثير التساؤلات، خاصة في ظل تطور متطلبات الأداء وازدياد استهلاك الطاقة في الهواتف الحديثة. فمع الشاشات الأكبر والأكثر سطوعًا، وترددات التحديث العالية، والتقدم في تقنيات الكاميرا والمعالجة، باتت البطارية واحدة من أكثر النقاط حساسية للمستخدمين. ورغم هذه المتغيرات، لم تتخذ سامسونغ حتى الآن خطوات لرفع سعة البطارية في أجهزتها الفائقة.
في المقابل، يُبرر بعض المحللين هذا القرار بأنه نابع من رغبة الشركة في الحفاظ على تصميم الهاتف النحيف، وتجنب التضحية بسماكة الجهاز أو وزنه من أجل زيادة طفيفة في السعة. كما أن سامسونغ ركزت خلال هذه السنوات على تحسين كفاءة استهلاك الطاقة عبر تطوير المعالجات، وتقديم تقنيات شحن أسرع و إدارة ذكية للطاقة ، ما يسمح للهاتف بالصمود ليوم كامل من الاستخدام المكثف، رغم عدم رفع السعة الاسمية للبطارية.
ومع ذلك، لا يمكن تجاهل أن بعض الشركات المنافسة بدأت فعليًا في تقديم بطاريات بسعات تتجاوز 5000 مللي أمبير/ساعة، بل وتصل إلى 5500 أو حتى 6000 مللي أمبير، دون التأثير بشكل كبير على شكل أو وزن الجهاز. وقد يعكس ذلك توجهًا جديدًا في السوق، يعتمد على التوازن بين الأداء والاستدامة، وهو ما قد يفرض ضغطًا على سامسونغ في المستقبل القريب لتغيير استراتيجيتها.
من ناحية أخرى، من المتوقع أن يُركّز هاتف Galaxy S26 Ultra، كما سابقاته، على الابتكارات في مجالات أخرى مثل الكاميرا الاحترافية، الذكاء الاصطناعي، وتجربة S Pen، مما قد يخفف من الانتقادات المرتبطة بثبات سعة البطارية. إلا أن المستخدمين المحترفين، وخاصة أولئك الذين يعتمدون على الهاتف في المهام الثقيلة مثل التصوير أو الألعاب، لا يزالون يتطلعون إلى تحسن حقيقي في عمر البطارية، سواء برفع سعتها أو بتقنيات جديدة كليًا.
في المجمل، يبدو أن سامسونغ، رغم التقدم في مجالات عدة، تفضل حتى الآن الالتزام بالسعة الثابتة لبطارية سلسلة Galaxy S Ultra، في انتظار تطور تقنيات البطاريات أو تغيّر واضح في توجهات السوق يفرض عليها إعادة النظر في هذا القرار.
رحلة طويلة لم تتغير: قصة بطارية Galaxy Ultra
منذ إطلاق هاتف Galaxy S20 Ultra في عام 2020، بدأت سلسلة من الهواتف الرائدة التي حملت الاسم Ultra، واستمرت عامًا بعد عام بنفس النهج. تبع الإصدار الأول أجهزة مثل Galaxy S21 Ultra، وS22 Ultra، وS23 Ultra، ثم S24 Ultra، ومن المتوقع أن نرى Galaxy S25 Ultra وS26 Ultra في السنوات المقبلة. ورغم التغييرات التي طرأت على التصميم، الأداء، والمعالجات، فإن سعة البطارية بقيت ثابتة تقريبًا عند 5000 مللي أمبير، دون أي تطور يُذكر في هذا الجانب الحيوي.
في البداية، كانت بطارية 5000 مللي أمبير رقمًا مثيرًا للإعجاب، خاصة مع التحسينات التي طرأت على كفاءة معالجات “سنابدراغون” الحديثة. هذه السعة كانت كافية لتشغيل الهاتف ليوم كامل من الاستخدام المتوسط إلى المكثف. لكن مع تسارع وتيرة الابتكار والمنافسة، بدأت هذه السعة تبدو أقل إبهارًا، خصوصًا عندما نقارنها بما يقدمه المنافسون.
شركات مثل “وان بلس” و”شاومي” دخلت في سباق من نوع مختلف، حيث قدمت هواتف ببطاريات تتراوح سعتها ما بين 6000 إلى 7000 مللي أمبير، مع الحفاظ على تصميم نحيف وسعر أقل بكثير من هواتف سامسونغ الفاخرة. بعض هذه الأجهزة يوفر أداءً مميزًا وتجربة مستخدم قوية، ما يجعله خيارًا مغريًا للمستخدم الذي يبحث عن أطول عمر ممكن للبطارية دون التضحية بالمواصفات الأخرى.
الأمر لم يتوقف هنا، فشركات مثل “ريلمي” بدأت باختبار هواتف تحتوي على بطاريات بسعة ضخمة تصل إلى 15000 مللي أمبير، وهي خطوة جريئة تعكس طموحًا واضحًا لتلبية احتياجات المستخدمين الذين يبحثون عن هاتف يصمد لأيام دون الحاجة إلى إعادة الشحن.
لكن لماذا لا تقوم سامسونغ بنفس الخطوة؟ ببساطة، لأن المستخدمين لا يزالون يشترون هواتفها. فبالرغم من تكرار نفس البطارية منذ سنوات، تستمر نسخة Ultra في جذب شريحة كبيرة من المستهلكين الذين يفضلون شاشتها الكبيرة عالية الدقة، كاميراتها المتقدمة، وتجربة الاستخدام الممتازة التي أصبحت علامة مسجلة للسلسلة.
مع ذلك، فإن هذا الجمود في واحدة من أبرز مواصفات الهاتف قد يكون له تأثير سلبي على صورة الشركة على المدى البعيد. إذ تبدو سامسونغ وكأنها تراهن على ولاء المستخدمين أكثر من سعيها للتجديد والابتكار، ما يجعل البعض يراها تعيش على “أمجاد 2020” دون مجاراة الطفرات التي تحققها الشركات الأخرى في عالم الهواتف الذكية.
ليست المشكلة أن بطارية سامسونغ سيئة أو أنها لا تدوم، بل على العكس، فهي تصمد ليوم كامل دون عناء. المشكلة أن الشركة لا تدفع حدود الأداء كما يفعل الآخرون، وهو ما قد يجعلها، رغم قوتها، تبدو أقل جرأة في أعين عشاق الأرقام الكبيرة والتقنيات المتجددة.