تقنية

أبل

منذ عام 2020، تخضع شركتا “أبل” و”غوغل” لتحقيقات متواصلة من قِبل لجنة التجارة العادلة في اليابان، وهي هيئة رقابية مسؤولة عن مراقبة المنافسة التجارية وضمان عدالة الأسواق. وقد ركّزت هذه التحقيقات بشكل خاص على مدى سيطرة الشركتين العملاقتين على سوق الهواتف الذكية في اليابان، وسط تزايد المخاوف بشأن ممارسات قد تُقيّد حرية المنافسة وتمنع دخول لاعبين جدد إلى السوق أو تؤثر سلبًا على خيارات المستهلكين.

أبل
أبل

وفي خطوة لافتة هذا الأسبوع، أعلنت اللجنة عن إصدار مجموعة من الإرشادات التنظيمية الجديدة التي تستهدف الحد من الممارسات الاحتكارية وتحقيق مزيد من الانفتاح في بيئة تشغيل الهواتف الذكية. وتلزم هذه التوجيهات شركتي “أبل” و”غوغل” باتخاذ إجراءات فورية تهدف إلى خلق بيئة أكثر تنافسية، من أبرزها السماح لمطوري البرمجيات والجهات الخارجية بتشغيل متاجر تطبيقات بديلة على أنظمة التشغيل التابعة لهما.

وتُعد هذه الإرشادات جزءًا من توجه أوسع تتبناه اليابان، أسوةً بالاتحاد الأوروبي، للحد من النفوذ المتزايد لشركات التكنولوجيا الكبرى. إذ تنسجم التعليمات الجديدة الصادرة عن لجنة التجارة العادلة مع متطلبات قانون الأسواق الرقمية الأوروبي، الذي يفرض على الشركات المهيمنة مثل “أبل” و”غوغل” توفير منافذ بديلة للمستخدمين والمطورين، بما في ذلك إتاحة خيار تحميل التطبيقات من مصادر غير المتجر الرسمي.

ومن المقرر أن تدخل هذه الإجراءات حيّز التنفيذ في 18 ديسمبر المقبل، ما يمنح الشركات المعنية فترة زمنية محدودة لتكييف أنظمتها وسياساتها التجارية مع التغييرات المرتقبة. وتُعد هذه التوجيهات بمثابة اختبار لقدرة الحكومات الوطنية على تنظيم عمل الشركات العملاقة في المجال الرقمي، التي غالبًا ما تتجاوز في تأثيرها ونطاق عملها الحدود الجغرافية والتشريعات المحلية.

وقد رحّب العديد من الخبراء والمتابعين بمجال التكنولوجيا بهذه الخطوة، واعتبروها تطورًا إيجابيًا نحو تحقيق بيئة رقمية أكثر انفتاحًا وتنوعًا. ففي ظل احتكار “أبل” و”غوغل” للأنظمة الأساسية التي تعمل عليها معظم الهواتف الذكية، تصبح السيطرة على متاجر التطبيقات وسيلة رئيسية لتعزيز الأرباح والتحكم في مسار الابتكار. ومن هنا، فإن فتح المجال أمام متاجر تطبيقات بديلة يمكن أن يسهم في تحسين تجربة المستخدم، وخفض التكاليف، وتعزيز التنافس بين المطورين.

كما أن هذه الإجراءات من شأنها أن تمنح المستهلكين حرية أكبر في اختيار مصادر التطبيقات، وتفتح المجال أمام مطورين جدد لتقديم حلولهم دون الخضوع الكامل لشروط “أبل” أو “غوغل”، ما يعزّز من الديناميكية في السوق اليابانية.

وباختصار، فإن ما تشهده اليابان حاليًا يعكس توجهًا عالميًا متناميًا نحو كبح جماح الاحتكار الرقمي، وفرض ضوابط تضمن ممارسات عادلة في السوق، بما يخدم مصالح المستخدمين ويشجع على الابتكار التقني في بيئة أكثر توازنًا وتعددًا.

في وثيقة مكوّنة من 119 صفحة نُشرت هذا الأسبوع، كشفت لجنة التجارة العادلة في الولايات المتحدة عن إرشادات جديدة ضمن قانون يُعرف باسم “قانون منافسة برمجيات الهواتف المحمولة” (Mobile Software Competition Act). ويُعتبر هذا القانون خطوة تنظيمية جديدة تتماشى إلى حد كبير مع ما تضمنه قانون الأسواق الرقمية (DMA) الصادر عن الاتحاد الأوروبي، حسب ما ذكره موقع “9TO5Mac” المتخصص في أخبار التكنولوجيا

وتهدف هذه الإرشادات بالدرجة الأولى إلى كبح السلوكيات الاحتكارية التي تمارسها كبرى الشركات المالكة لأنظمة التشغيل، مثل “أبل” و”غوغل”، من خلال منعها من استخدام هيمنتها على أنظمة التشغيل ومتاجر التطبيقات لتحقيق أفضلية غير عادلة لتطبيقاتها الخاصة على حساب التطبيقات المنافسة.

وتحدد المبادئ الأساسية لهذه التوجيهات أن “أبل” و”غوغل” لن يكون بإمكانهما بعد الآن تفضيل تطبيقاتهما الخاصة على حساب تطبيقات المطورين الآخرين، سواء عبر استخدام بيانات المستخدمين التي تُجمع تلقائيًا عبر أنظمة التشغيل أو من خلال ممارسات تعيق ظهور التطبيقات المنافسة أو تؤخرها بشكل غير مبرر ضمن متاجرهما الرسمية.

ومن ضمن البنود الرئيسية التي جاءت في الوثيقة، أنه سيُطلب من الشركتين إنشاء “جدر حماية” تقنية وإدارية من شأنها منع فرق التطوير الداخلية لديهما من الوصول إلى البيانات الحساسة الخاصة بالمطورين الآخرين ، الأمر الذي يُفترض أن يحدّ من استغلال هذه البيانات في بناء تطبيقات أو خدمات منافسة بشكل غير عادل. كما ستلزم الإرشادات كلتا الشركتين بتقديم تقارير امتثال سنوية لتوثيق مدى التزامهما بهذه القواعد التنظيمية.

وتماشياً مع الاتجاهات العالمية الجديدة في مجال الرقابة التقنية، أشارت الوثيقة إلى أن “أبل” و”غوغل” ستُجبران على فتح المجال أمام متاجر تطبيقات تابعة لجهات خارجية ، وكذلك السماح باستخدام أنظمة دفع بديلة داخل التطبيقات، سواء كانت هذه التطبيقات تُعرض ضمن متاجر “أبل” و”غوغل” الرسمية أو عبر متاجر تابعة لجهات أخرى.

علاوة على ذلك، ومن أجل ضمان منافسة تقنية عادلة وشاملة، تُلزم الإرشادات الجديدة الشركتين بفتح بعض ميزات ومكونات الأجهزة – مثل الحساسات، وشرائح الاتصالات، وغيرها من العتاد – لتطبيقات الجهات الخارجية، ما يضمن تكافؤ الفرص في الاستفادة من إمكانيات الأجهزة الذكية الحديثة.

بهذا التحرك، تسعى لجنة التجارة العادلة إلى خلق بيئة رقمية أكثر عدلاً وتوازناً بين مطوري البرمجيات، والحد من استغلال الشركات الكبرى لمواقعها المهيمنة في السوق، بما ينعكس إيجاباً على المستخدمين والمنافسة في قطاع التطبيقات الرقمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى