تقنية

تيك توك

في الآونة الأخيرة كشفت منصة تيك توك عن إعداد جديد يمنح المستخدمين قدرة أوسع على إدارة تجربتهم داخل صفحة لك المعروفة بأنها المساحة التي تعتمد على خوارزميات التوصية لعرض الفيديوهات الأكثر ارتباطا باهتمامات كل مستخدم. جاء هذا الإعداد الجديد ليتيح تحكما أكبر في مستوى ظهور المحتوى المصنوع بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك استجابة لتنامي موجة الفيديوهات التي تنشئها هذه التقنيات بصورة كاملة أو شبه كاملة. تسعى المنصة عبر هذه الخطوة إلى تحقيق توازن واضح بين المحتوى التقليدي الذي يصنعه الأشخاص بأنفسهم والمحتوى الذي ينتجه الذكاء الاصطناعي والذي يشهد انتشارا متسارعا في مختلف المنصات الرقمية.

تيك توك
تيك توك

وتندرج هذه الميزة ضمن أداة إدارة المواضيع التي توفر للمستخدمين إمكانية تحديد درجة اهتمامهم بمجموعة واسعة من الفئات التي تتجاوز عشر فئات متنوعة تشمل الرقص والرياضة والطعام وغيرها من الموضوعات التي يتفاعل معها جمهور المنصة بشكل يومي. وقد كانت هذه الأداة في السابق تركز على ضبط نوعية المحتوى التقليدي، أما اليوم فقد توسعت لتضم مستوى جديدا من التحكم مخصصا للمحتوى المولد بواسطة الذكاء الاصطناعي. وهذا التعديل يعكس إدراكا متناميا لدى تيك توك بأن مستقبل الفيديو القصير لن يكون محصورا في الإبداع البشري فقط بل سيشمل مساحات واسعة يصنعها الذكاء الاصطناعي سواء عبر النصوص المحولة إلى فيديو أو عبر المحاكاة البصرية التي تتطور بسرعة كبيرة.

وتوضح الشركة أن الهدف من إضافة خيار التحكم في المحتوى الذي ينشئه الذكاء الاصطناعي ليس التخلص من هذا النوع من الفيديوهات أو إخفاءه كاملا، بل توفير تجربة مشاهدة أكثر تخصيصا للمستخدمين الذين يفضل بعضهم أن تكون المشاهدات اليومية أقرب إلى المحتوى الواقعي الذي يصنعه أشخاص حقيقيون بينما يهتم آخرون باستكشاف ما تقدمه أدوات الذكاء الاصطناعي من أفكار وتجارب جديدة. ويأتي هذا التوجه في وقت تتزايد فيه النقاشات حول تأثير المحتوى المولد آليا في جودة المحتوى الرقمي وفي تفضيلات المشاهدين، إضافة إلى المخاوف المتعلقة بالشفافية وإمكانية تمييز ما إذا كان الفيديو مصنعا بالكامل عبر التقنيات الجديدة أم أنه مجرد تعديل بسيط على مقطع حقيقي.

ومن خلال هذا الإعداد الجديد يصبح بإمكان كل مستخدم ضبط مقدار ظهور هذه النوعية من الفيديوهات داخل صفحة لك بحيث تتناسب مع ذوقه ورغبته في التجربة. فإذا كان المستخدم ممن يفضلون الإبداع البشري يمكنه تقليل ظهور المحتوى الاصطناعي، أما إذا كان مهتما بمتابعة الابتكارات الجديدة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي فيمكنه رفع مستوى ظهور هذا النوع من الفيديوهات بسهولة. وبذلك تمنح المنصة جمهورها شعورا أكبر بالسيطرة على التجربة التي يتلقونها يوميا.

وتؤكد التقارير التقنية أن هذه الخطوة تعكس محاولة حقيقية من تيك توك لموازنة العلاقة بين الابتكار التكنولوجي المتقدم وبين حاجة المستخدمين إلى محتوى يشعرون بأنه قريب لهم وأكثر واقعية. كما ينظر إلى هذه الميزة باعتبارها استجابة مباشرة للنقاشات الدائرة حول مستقبل المحتوى المرئي ودور الذكاء الاصطناعي في تشكيله. بهذه الخطوة يقترب تيك توك من بناء بيئة مشاهدة تتيح حرية الاختيار وتقدم تجربة أكثر مرونة وعمقا لجميع مستخدميها.

في السنوات الأخيرة تسارعت خطوات شركات التكنولوجيا الكبرى نحو بناء منصات ترتكز بصورة واسعة على المحتوى الاصطناعي الذي ينتجه الذكاء الاصطناعي. وقد ظهر هذا التوجه بوضوح مع إطلاق أدوات وتقنيات جديدة تسعى إلى دمج هذا النوع من المحتوى داخل التجارب اليومية للمستخدمين. ففي شهر سبتمبر الماضي أعلنت شركة ميتا عن إطلاق خدمة جديدة تحمل اسم فايبس وهي عبارة عن موجز يعرض مقاطع فيديو قصيرة يتم توليدها بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي. وفي الفترة نفسها كشفت شركة اوبن اي اي عن منصة سورا التي توفر إمكانية تصميم ومشاركة فيديوهات مصنوعة بواسطة نماذجها المتقدمة في توليد المحتوى المرئي. ومع الانتشار الواسع لتقنية سورا امتلأت منصة تيك توك بمقاطع فيديو عالية الواقعية أنتجها مستخدمون اعتمدوا تقنيات الذكاء الاصطناعي لصناعة مواد تتعلق بالتاريخ والشخصيات العامة وموضوعات متعددة أخرى. هذا التوسع السريع دفع المنصة إلى تقديم أدوات جديدة لمساعدة المستخدمين على التحكم في مستوى ظهور المحتوى الاصطناعي في صفحاتهم. فمع الإعدادات الجديدة أصبح بإمكان المستخدم تقليل أو زيادة ظهور هذا النوع من الفيديوهات تبعا لتفضيلاته الشخصية وذلك عبر التوجه إلى قسم الإعدادات ثم تفضيلات المحتوى ثم إدارة المواضيع حيث يظهر خيار خاص بالمحتوى المولد بالذكاء الاصطناعي يمكن ضبطه بسهولة ليتناسب مع رغبات كل مستخدم. وتخطط المنصة لتفعيل هذه الميزة بصورة تدريجية لجميع المستخدمين خلال الأسابيع المقبلة. ومن جانب آخر تعمل تيك توك على تعزيز مستويات الشفافية المتعلقة بالمحتوى الاصطناعي إذ بدأت باختبار تقنية جديدة تعتمد ما يسمى العلامات المائية غير المرئية وهي بصمة رقمية دقيقة تدمج داخل المقاطع المولدة بالذكاء الاصطناعي بحيث لا يمكن للمستخدم العادي إزالتها او التلاعب بها. وتعد هذه الخطوة طبقة إضافية من الحماية بعد اعتماد المنصة لتقنية بيانات الاعتماد الخاصة بالمحتوى وهي مبادرة تابعة لتحالف سي تو بي ايه التي تضيف معلومات داخلية تشير إلى ان المادة المنشورة قد تم إنتاجها أو تعديلها باستخدام الذكاء الاصطناعي. وتشير الشركة إلى ان هذه البيانات قد تفقد عند إعادة رفع الفيديو على منصات أخرى مما دفعها إلى تطوير التقنية الجديدة لضمان بقاء الإشارة الرقمية حتى عند انتقال المحتوى خارج تطبيقها. وستبدأ المنصة أولا بإضافة العلامات غير المرئية إلى المقاطع التي يتم إنشاؤها باستخدام أدوات الشركة مثل محرر الذكاء الاصطناعي برو إضافة إلى أي محتوى يحمل بيانات مبادرة سي تو بي ايه عند رفعه من قبل المستخدمين. وفي الوقت ذاته أعلنت تيك توك عن تأسيس صندوق يقدر بمليوني دولار لدعم مفهوم معرفة الذكاء الاصطناعي وذلك بالتعاون مع مؤسسات تعليمية واجتماعية مثل جيرلز هو كود بهدف نشر الوعي حول طرق استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل آمن ومسؤول ودعم المجتمعات في فهم أعمق للتقنيات الحديثة وتأثيراتها على المحتوى والاتصال الرقمي. بهذه الخطوات تسعى المنصة إلى تحقيق توازن بين الابتكار المتسارع والشفافية المطلوبة مع توفير أدوات تمنح المستخدم سيطرة أكبر على شكل تجربته داخل العالم الرقمي الجديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى