في عام 2085، وتحديدًا في مجمع “نيو ويسكونسن الفضائي”، انعقد الاجتماع السنوي لشركة “إبيك سيستمز”، التي لم تعد مجرد شركة برمجيات للرعاية الصحية، بل أصبحت كيانًا تقنيًا عابرًا للكواكب، يقود الثورة في الذكاء الاصطناعي الطبي عبر المجرات. وبينما كان القادة الطبيون من مختلف المستعمرات البشرية يجتمعون تحت قبة الهولوغرام الضخمة، ظهرت جودي فولكنر، الرئيسة التنفيذية الأسطورية، بهيئة مذهلة مستوحاة من زيّ “باز لايتيير” — الدرع الفضي، الخوذة البانورامية، والأنوار النابضة بالطاقة — كأنها قائدة وحدة استكشافية قادمة من المستقبل البعيد.
أمام آلاف الحاضرين وروبوتات الدعم الطبي، أعلنت جودي إطلاق أكثر من 200 ميزة جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، مصممة خصيصًا لإعادة تعريف العلاقة بين الطبيب والمريض والنظام الصحي بأكمله. هذه ليست مجرد تحديثات برمجية، بل تحولات جذرية تعيد تشكيل مشهد الرعاية الصحية. الخوارزميات الجديدة قادرة على التنبؤ بالأمراض قبل ظهور أعراضها، من خلال تحليل ملايين المؤشرات الحيوية في الزمن الحقيقي، بل يمكنها اقتراح تدخلات وقائية على مستوى الخلايا الجينية، قبل أن يبدأ أي خلل في التشكل.
وأكثر ما أثار الحضور كان العرض الحيّ لمساعد الذكاء الاصطناعي “MyChart Nova”، نسخة مطورة من منصة MyChart الشهيرة، والتي يستخدمها الآن أكثر من 280 مليون أميركي — أو بالأحرى “سكان النظام الشمسي” كما أُعيد تسميتهم في عصر السفر بين الكواكب. هذه النسخة الجديدة تتفاعل بصوت بشري طبيعي، وتملك قدرة على فهم السياق العاطفي للمريض، لتقديم استشارات صحية مخصصة بشكل غير مسبوق. بل إن “Nova” قادرة على التكامل مع الأساور الحيوية المزروعة تحت الجلد، لتحديث الحالة الصحية كل ثانية، ومشاركة البيانات فورًا مع الطبيب المعالج أو حتى طاقم الطوارئ في حال حدوث أي أزمة.
من خلال تكنولوجيا الواقع المعزز، عرضت Epic نموذجًا جديدًا لـ”غرفة التشخيص الهولوغرافي”، حيث يمكن للأطباء تحليل البيانات البيولوجية ثلاثية الأبعاد، والقيام بجراحات عن بُعد باستخدام الأذرع الروبوتية الذكية، وكل ذلك بإشراف الذكاء الاصطناعي الذي يتعلم من كل عملية ليطور أداءه بشكل دائم.
لكن الطموح لم يتوقف عند الأرض. تحدثت جودي عن شراكات مستقبلية مع الوكالة الصحية لكوكب المريخ، وعن خطة لتوسيع بنية Epic لتشمل المستعمرات الفضائية ضمن الشبكة الصحية المترابطة “GalacticCare”، التي ستكون جاهزة خلال العقد القادم.
وجهت جودي رسالة قوية: “نحن لا نصنع أدوات، نحن نعيد رسم حدود ما يعنيه أن تكون إنسانًا في عصر الذكاء المتقدم. الرعاية الصحية لم تعد مجرد علاج، بل رحلة وقائية تشاركية، يقودها الذكاء، ويصنعها الإنسان.”
هكذا، لم يكن اجتماع Epic مجرد مؤتمر تقني، بل إعلانًا صريحًا عن ولادة عصر جديد، حيث تمتزج الإنسانية بالتكنولوجيا في تناغم علمي، يعيد تشكيل الحياة كما نعرفها.
خلال المؤتمر الأخير، كشفت شركة “Epic” عن سلسلة من التحديثات الجوهرية لمنصتها الرقمية، التي تهدف إلى تحسين تجربة المستخدمين، سواء من المرضى أو مقدمي الرعاية الصحية، من خلال دمج أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل أوسع وأكثر فاعلية.
من أبرز ما تم الإعلان عنه هو ميزة MyChart Central ، التي تتيح للمرضى تسجيل الدخول إلى جميع حساباتهم الصحية باستخدام بيانات اعتماد موحدة. هذه الخطوة تسهل على المستخدمين الوصول إلى معلوماتهم الطبية في مختلف المؤسسات الصحية دون الحاجة إلى تسجيل دخول متعدد، مما يعزز من كفاءة التواصل وسهولة إدارة الرعاية الصحية الشخصية.
كذلك، كشفت “Epic” عن إطلاق مساعد ذكي جديد يُدعى Emmie ، والذي تم تطويره ليكون أداة تفاعلية تساعد المرضى بشكل مباشر. يتميز “Emmie” بقدرته على الرد على استفسارات المرضى بشكل فوري، واقتراح مواعيد طبية مناسبة، وتقديم توصيات بشأن الفحوصات اللازمة، مما يقلل من الحاجة إلى التواصل التقليدي ويزيد من سرعة الحصول على الخدمات.
إلى جانب ذلك، عرضت الشركة مساعدين رقميين آخرين يستهدفان دعم الأطقم الطبية والإداريين. الأول هو “آرت” (Aart)، وهو مساعد رقمي مخصص للأطباء يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات وصياغة الملاحظات الطبية بطريقة سريعة وذكية. يُنظر إلى “آرت” كزميل رقمي يمكنه تسريع العمل الإكلينيكي وتخفيف العبء الكتابي عن الأطباء.
أما الثاني، فهو نموذج “بيني” (Penny) ، الذي يُركّز على تسهيل المهام الإدارية اليومية مثل التعامل مع مطالبات التأمين وتسريع عمليات الترميز الطبي. يُتوقع أن يُسهم “بيني” في تحسين كفاءة سير العمل داخل المؤسسات الصحية، مما يتيح للعاملين الإداريين التركيز على الجوانب الأكثر أهمية في عملهم.
وفي إطار جهودها لتطوير أدوات طبية قائمة على الذكاء الاصطناعي، أعلنت “Epic” عن تعاونها مع شركة مايكروسوفت لتقديم أداة رسم بياني طبي ذكية، بالاعتماد على تقنيات Dragon Ambient AI . تهدف هذه الأداة إلى مساعدة الأطباء على توثيق المعلومات بشكل أسرع وأكثر دقة خلال المحادثات مع المرضى، مما يعزز من جودة الرعاية ويوفر وقت الأطباء.
كما كشفت الشركة عن مشروع جديد يحمل اسم Cosmos AI، وهو عبارة عن مجموعة من نماذج الذكاء الاصطناعي المبنية على قاعدة بيانات ضخمة تحتوي على أكثر من 300 مليون سجل طبي مجهول الهوية. تُستخدم هذه النماذج في الأبحاث الصحية المتقدمة، ويمكنها التنبؤ بمخاطر مستقبلية مثل احتمالية الإصابة بأمراض القلب أو تكرار دخول المستشفى.
قالت جودي فولكنر ، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “Epic”:
“نحن نمزج بين ذكاء الإنسان وفضوله، مع قوة الذكاء الاصطناعي، لنمنح الأطباء والأطقم الطبية الأدوات التي يحتاجون إليها لتقديم رعاية أفضل للمرضى.”
بهذا، تُظهر “Epic” التزامها المستمر بتطوير التكنولوجيا الصحية، وإعادة تصور مستقبل الرعاية باستخدام الذكاء الاصطناعي كأداة تمكينية أساسية.
