"خاتم ذكي
خاتم ذكي جديد ببطارية تصمد خمسة أيام متواصلة ويتعلم الساعة البيولوجية لجسم المستخدم
أعلنت شركة ساندبار الناشئة، التي أسسها موظفان سابقان في شركة ميتا، عن إطلاق جهاز مبتكر يحمل اسم ستريم، وهو خاتم ذكي يمثل نقلة نوعية في عالم الأجهزة القابلة للارتداء. هذا الخاتم لا يشبه الساعات الذكية أو السماعات اللاسلكية المعتادة، بل يجمع بين البساطة والذكاء، إذ صُمم ليكون بمثابة مساعد شخصي محمول على الإصبع، يعمل بالصوت واللمس ويتيح للمستخدم التفاعل مع التكنولوجيا بطريقة أكثر طبيعية وسلاسة.

فكرة الجهاز تتمحور حول تقديم وسيلة جديدة للتواصل مع العالم الرقمي دون الحاجة إلى الهاتف أو الشاشة. فبدلاً من سحب الهاتف من الجيب لتدوين ملاحظة أو تشغيل الموسيقى أو التعامل مع المساعد الصوتي، يمكن للمستخدم أن يقوم بكل ذلك من خلال لمسة بسيطة على الخاتم. ويصف مؤسسو الشركة هذا الابتكار بأنه أشبه بـ “فأرة صوتية”، تجمع بين سهولة الاستخدام ودقة الاستجابة، مما يجعلها أداة عملية للأشخاص الذين يسعون إلى تنظيم أفكارهم أو إنجاز مهامهم أثناء التنقل أو المشي أو ممارسة الرياضة.
من أبرز المزايا التقنية في خاتم ستريم أنه يتيح تسجيل الملاحظات الصوتية فوراً، دون الحاجة إلى فتح تطبيق أو حمل جهاز آخر. فقد زُوّد الخاتم بميكروفونات عالية الجودة تلتقط الصوت بوضوح حتى في البيئات المزدحمة، مع وجود لوحة لمس دقيقة تُستخدم لبدء التسجيل بمجرد الضغط عليها. وبمجرد الانتهاء، يقوم النظام بإغلاق الميكروفونات تلقائياً للحفاظ على الخصوصية ومنع أي تسجيل غير مرغوب فيه. هذه الآلية الذكية تمنح المستخدم إحساساً بالأمان والخصوصية، وتؤكد أن الجهاز مصمم بعناية ليحترم البيانات الشخصية ويمنع أي استخدام غير مقصود.
إضافة إلى خاصية التسجيل، يستطيع الخاتم تحويل الأصوات المسجلة إلى نصوص دقيقة ومنظمة من خلال تطبيق مرافق مخصص لهواتف آيفون. هذا التطبيق لا يكتفي بتحويل الكلام إلى كتابة فحسب، بل يتيح أيضاً تلخيص الأفكار وترتيبها في شكل ملاحظات واضحة بفضل مساعد ذكي مدمج يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي. وبهذه الطريقة يمكن للمستخدم الاحتفاظ بسجل شامل لأفكاره واجتماعاته وملاحظاته اليومية، دون الحاجة إلى الكتابة اليدوية أو استخدام الهاتف باستمرار.
ويمتاز الخاتم أيضاً بقدرته على التحكم بالموسيقى بشكل سلس. فمن خلال لمس سطحه يمكن للمستخدم تشغيل الأغاني أو إيقافها أو الانتقال إلى المقطع التالي، دون الحاجة إلى إخراج الهاتف من الجيب أو لمس السماعة. هذا يجعل الخاتم أداة مثالية للأشخاص الذين يمارسون الرياضة أو يقودون السيارة أو يتحركون باستمرار. والميزة الأهم هنا أن الجهاز يعمل لاسلكياً بالكامل، ويتفاعل بسرعة مع الأوامر اللمسية والصوتية، ما يجعله عملياً وسهل الاستخدام في أي موقف.
ومن الناحية الجمالية، يأتي الخاتم بتصميم أنيق بسيط بلون الفضة وسعر يبلغ 249 دولاراً أمريكياً، كما تتوفر نسخة ذهبية فاخرة بسعر 299 دولاراً، مع توقعات ببدء الشحن إلى الأسواق في صيف عام 2026. التصميم يجمع بين الفخامة والحداثة، بحيث يمكن ارتداؤه كإكسسوار أنيق يتماشى مع مختلف الأذواق، دون أن يبدو كجهاز إلكتروني تقليدي.
وفيما يتعلق بعمر البطارية، فقد صُمم خاتم ستريم ليعمل لمدة تصل إلى خمسة أيام متواصلة من دون الحاجة إلى شحنه، وهي مدة طويلة مقارنة بحجم الجهاز الصغير. والأكثر تميزاً أن النظام المدمج في الخاتم قادر على التعلم من الساعة البيولوجية لجسم المستخدم ، أي أنه يتعرف تدريجياً على أوقات نشاطه وخموله، مما يساعد في تحسين أداء البطارية وضبط الاستجابة الذكية للأوامر. هذه الخاصية تمنحه طابعاً شخصياً يجعله أكثر تكيفاً مع نمط حياة كل مستخدم على حدة.
ولمن يرغب في تجربة موسعة، تقدم الشركة اشتراكاً احترافياً مقابل عشرة دولارات شهرياً، يمنح المستخدم ميزات إضافية، مثل تسجيل غير محدود للملاحظات الصوتية ، وإمكانية الوصول المبكر إلى التحديثات والخصائص الجديدة التي تضيفها الشركة مستقبلاً. وتعد هذه الباقة المميزة خياراً مناسباً للمستخدمين الذين يعتمدون على الخاتم بشكل مكثف في حياتهم اليومية أو في أعمالهم الإبداعية.
أما من ناحية الأمان وحماية البيانات، فتؤكد شركة ساندبار أن جميع التسجيلات والملاحظات يتم تشفيرها بالكامل ، بحيث لا يمكن لأي جهة خارجية الوصول إليها. كما يمكن للمستخدم تصدير هذه الملاحظات إلى تطبيقات تنظيم العمل والمشاريع مثل نوشن ، مما يتيح له دمج أفكاره مع مهامه المهنية أو الدراسية بسهولة. بهذه الخطوة، تحاول الشركة تحقيق توازن بين الابتكار والخصوصية، وهو ما يشكل أحد أكبر التحديات في الأجهزة الذكية الحديثة.
وفي حديثه عن الدوافع وراء تطوير هذا الابتكار، أوضح مينا فهمي، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة ساندبار، أن فكرة الخاتم جاءت من تجربة شخصية. فقد كان كثيراً ما يخطر له أفكار مهمة أثناء المشي أو السفر، لكنه يجد صعوبة في تسجيلها بسرعة دون استخدام الهاتف. ومن هنا جاءت الرغبة في ابتكار وسيلة صغيرة وخفيفة يمكن ارتداؤها طوال الوقت لتسجيل الأفكار في لحظتها، دون أن تعيق الحركة أو تتطلب تفاعلاً معقداً مع الأجهزة الأخرى.
وأضاف فهمي أن الهدف من ستريم هو القبض على الفكرة قبل أن تضيع، أي تسجيلها فور ظهورها بطريقة طبيعية وغير مزعجة، مما يجعله أداة مثالية للمبدعين، ولأصحاب الأعمال، وللأشخاص الذين يحبون تدوين خواطرهم أثناء اليوم. فهو لا يقتصر على كونه جهازاً تقنياً فحسب، بل يمكن اعتباره وسيلة للتعبير الشخصي وتوثيق اللحظة.
وقد تمكنت الشركة من جمع تمويل استثماري قدره ثلاثة عشر مليون دولار من مجموعة من صناديق رأس المال الجريء، من بينها True Ventures و Upfront Ventures، وهو ما يعكس ثقة المستثمرين في قدرة هذا المنتج على تحقيق نجاح كبير في سوق مزدحم بالأجهزة الذكية القابلة للارتداء. وتراهن الشركة على أن تصميم الخاتم الصغير والمريح سيشكل ميزة تنافسية قوية أمام الأجهزة الأخرى التي غالباً ما تكون كبيرة الحجم أو معقدة الاستخدام.
ويشير المحللون إلى أن ستريم قد يمثل بداية لجيل جديد من الأجهزة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي المصغر ، أي تلك التي تعمل بشكل مستقل دون الحاجة إلى شاشة أو تطبيق مباشر، وإنما من خلال التفاعل الصوتي واللمسي فقط. فالمستقبل يتجه نحو تقنيات أكثر قرباً من الإنسان، تندمج مع جسده وتتعلم منه، وتقدم له تجربة رقمية طبيعية لا تتطلب انتباهاً مستمراً أو تدخلاً يدوياً.
من هذه الزاوية، يبدو أن خاتم ستريم ليس مجرد أداة للتسجيل أو التحكم بالموسيقى، بل هو خطوة في طريق بناء بيئة رقمية أكثر إنسانية ، حيث يصبح الجهاز امتداداً لذكاء المستخدم وليس مجرد وسيلة ميكانيكية. وإذا نجح المشروع في تحقيق أهدافه عند طرحه في الأسواق، فقد نكون أمام تحول جديد في طريقة تفاعلنا مع التقنية اليومية، إذ تصبح أدواتنا الذكية أقرب إلى الحواس الطبيعية، وأكثر قدرة على فهمنا والتكيف معنا.
وبهذا المعنى، يمكن القول إن خاتم ستريم يجسد فلسفة جديدة في عالم التكنولوجيا، تقوم على البساطة والخصوصية والذكاء المتواصل، وهو ما يجعله مرشحاً ليكون أحد أكثر الابتكارات المثيرة في السنوات القادمة. ومع اقتراب موعد إطلاقه، تترقب الأوساط التقنية مدى قدرته على إثبات نفسه بين منافسيه، خاصة في سوق تتسابق فيه الشركات على تقديم أجهزة أكثر تفاعلاً وذكاءً.




