تقنية

ديب سيك

كشفت التطورات التكنولوجية التي عرضها مختبر الذكاء الاصطناعي الصيني “ديب سيك” (DeepSeek) عن اشتعال المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك وفقًا لتصريحات كبار التنفيذيين في صناعة التكنولوجيا التي نقلتها شبكة “CNBC”

وخلال سلسلة من المقابلات التي أجريت في قمة باريس الخاصة بالذكاء الاصطناعي، أشار قادة عدد من شركات التكنولوجيا الكبرى إلى أن ظهور “ديب سيك” يبرز أن الصين لا يمكن تجاهلها كلاعب أساسي في ابتكار الذكاء الاصطناعي.

وكان “ديب سيك” قد أثار دهشة الأسواق العالمية الشهر الماضي بعد أن أعلنت عن ورقة تقنية كشفت أن أحد نماذج الذكاء الاصطناعي الجديدة الخاصة بها تم تطويره بتكلفة تدريب لا تتجاوز 6 ملايين دولار، وهو مبلغ أقل بكثير مقارنة بالمليارات التي تنفقها شركات التكنولوجيا الكبرى ومختبرات الذكاء الاصطناعي الغربية مثل “أوبن إيه آي” و”أنثروبيك”.

قال كريس ليهان، المسؤول العالمي للشؤون العامة في “أوبن إيه آي”، إن نموذج “ديب سيك” المتطور ومنخفض التكلفة يثبت أن هناك منافسة حقيقية بين الذكاء الاصطناعي الأميركي والذكاء الاصطناعي الذي تقوده الصين. وأضاف ليهان: “هناك دولتان فقط في العالم تمتلكان القدرة على تطوير هذه التقنية على نطاق واسع”، مشبهاً الوضع بما كان عليه احتكار الكهرباء في بداية القرن العشرين.

إنجاز تقني أم تحدٍ واقعي؟

أوضحت شركة “ديب سيك” أن نموذجها الجديد “R1″، الذي يعتمد على التفكير المنطقي ومفتوح المصدر، قادر على منافسة نموذج “O1” من “أوبن إيه آي” من حيث الأداء، وذلك باستخدام عمليات أقل تكلفة واستهلاكاً للطاقة.

ومع ذلك، يعرب بعض الخبراء في الغرب عن شكوكهم في قدرة الصين على تحقيق هذه النتائج، نظراً للقيود المفروضة على تصدير معالجات الرسوم المتقدمة من شركة “إنفيديا”، التي تُعد أساسية لتدريب تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

من جانبه، أكد رييد هوفمان، المؤسس المشارك لشركة “لينكد إن” والشريك في شركة “غريلوك بارتنرز” لرأس المال الاستثماري، أن ما حققته “ديب سيك” يمثل نقطة تحول، معتبراً أن المنافسة مع الصين أصبحت الآن أمراً واقعياً.

تأثير محدود حتى الآن

على الرغم من التقدم الذي أحرزته “ديب سيك”، يعتقد قادة الذكاء الاصطناعي أن تهديدها لمختبرات الذكاء الاصطناعي الأميركية مثل “أوبن إيه آي” لا يزال محدوداً. فقد أظهرت التقارير أن تكلفة تطوير “ديب سيك” تفوق بكثير ما تدعيه الشركة، وأنها ربما اعتمدت على تقنيات “التقطير” باستخدام مخرجات نماذج أكبر لتطوير نموذجها.

وفي هذا السياق، قال ميريديث ويتاكر، رئيس مؤسسة “سيجنال”، إن التطورات الأخيرة في “ديب سيك” لم تُحدث تغييراً كبيراً في ديناميكيات الصناعة، مشيراً إلى أن هذه التطورات لن تُسبب اضطرابات في توزيع القوة أو التوازن الجيوسياسي في الوقت الحالي، حيث لا يزال الاتجاه السائد يعتمد على النماذج الأكبر حجماً.

واختتم الخبراء تصريحاتهم بالتأكيد على أن “اللعبة قد بدأت”، ولكن النماذج الكبيرة لا تزال تشكل الأساس لمستقبل الذكاء الاصطناعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى