تيك توك
لم يعد إنشاء المحتوى على منصة تيك توك مجرد عملية بسيطة تقتصر على تصوير مقطع فيديو قصير ونشره أمام الجمهور، بل أصبح هذا المجال يعتمد على استراتيجيات متكاملة تتطلب فهماً عميقاً لطبيعة المنصة وسلوك المستخدمين فيها. فصانع المحتوى اليوم يحتاج إلى مهارات متعددة تشمل القدرة على تحرير الفيديو بطريقة جذابة ومبتكرة، واختيار الموسيقى المناسبة التي تنسجم مع الفكرة المطروحة، واستخدام الوسوم أو ما يعرف بالهاشتاغات التي تساعد في انتشار المقطع ووصوله إلى جمهور أوسع، بالإضافة إلى دراسة الأوقات المثلى للنشر من أجل ضمان تحقيق أكبر قدر ممكن من التفاعل والمشاهدات.

هذه العملية المعقدة قد تمثل عبئاً كبيراً على المبدعين الذين يسعون إلى الحفاظ على جودة إنتاجهم وتقديم محتوى متجدد يلقى إعجاب المتابعين. ومع تزايد عدد المستخدمين وتنوع اتجاهاتهم واهتماماتهم، بات على صانع المحتوى أن يكون في حالة دائمة من التطوير والتجريب لمواكبة التغيرات السريعة التي يشهدها عالم المنصات الرقمية. ولهذا السبب بدأت تيك توك بالبحث عن حلول تقنية تساعد المبدعين على تجاوز هذه التحديات وتحسين تجربتهم الإبداعية.
وفي هذا السياق، كشفت المنصة خلال قمة المبدعين التي عقدت في الولايات المتحدة عن مجموعة من الميزات الجديدة المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، والتي تهدف إلى تسهيل عملية الإنتاج الإبداعي وتمكين المستخدمين من التركيز أكثر على جانب الأفكار والابتكار بدلاً من الانشغال بالجوانب التقنية الصعبة. فمن بين هذه الميزات أدوات لتحرير الفيديو تعتمد على خوارزميات ذكية تساعد على تحسين جودة الصورة والصوت بشكل تلقائي، واقتراح موسيقى تتناسب مع إيقاع المشهد ومضمونه، إضافة إلى أدوات تحليلية تستطيع تحديد أنسب الأوقات للنشر بناءً على تفاعل المتابعين ونمط نشاطهم اليومي.
كما تعمل المنصة على تطوير تقنيات تساعد المبدعين في ابتكار نصوص أو أفكار لفيديوهات جديدة، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي اقتراح مواضيع رائجة أو اتجاهات جديدة بناءً على البيانات التي تجمعها تيك توك حول تفضيلات المستخدمين والمحتوى الذي يلقى رواجاً في كل فترة زمنية. هذه الخطوات لا تهدف فقط إلى تسهيل مهام صانعي المحتوى، بل تسعى أيضاً إلى رفع مستوى الإبداع وتحسين جودة التجربة للمشاهدين.
من خلال هذه التطورات، تؤكد تيك توك أنها لم تعد مجرد منصة ترفيهية لعرض مقاطع قصيرة، بل أصبحت بيئة رقمية متكاملة تدعم الإبداع وتحتضن المواهب في مختلف المجالات، سواء في الفنون أو التعليم أو التسويق أو التواصل الاجتماعي. ومع تطور أدوات الذكاء الاصطناعي، يتوقع أن يشهد المستقبل مزيداً من التحول في طريقة إنتاج المحتوى، حيث يصبح الذكاء الاصطناعي شريكاً أساسياً للمبدع يساعده في كل مراحل العمل من الفكرة حتى النشر.
إن هذه المبادرات تمثل خطوة جديدة في مسار التطور التكنولوجي والإبداعي، وتعكس رؤية تيك توك في جعل عملية صناعة المحتوى أكثر سهولة واحترافية، بما يفتح المجال أمام جيل جديد من المبدعين ليعبروا عن أنفسهم بطرق مبتكرة ومؤثرة في عالم رقمي يتطور باستمرار.
ميزة AI Outline: خطة قبل التصوير
تسعى المنصات الرقمية اليوم إلى تقديم أدوات مبتكرة تساعد صناع المحتوى على تنظيم أعمالهم وتحسين جودتها قبل مرحلة التنفيذ. ومن بين هذه الأدوات تبرز ميزة AI Outline، التي تم تطويرها خصيصاً لدعم المستخدمين في إعداد خطة متكاملة قبل تسجيل مقاطع الفيديو. تقوم هذه الأداة الذكية بتحليل نوع المحتوى الذي يرغب المستخدم في إنتاجه، ثم تقترح أفكاراً مبتكرة، وعناوين جذابة، وتعليقات توضيحية متوافقة مع موضوع الفيديو. كما تساعد على اختيار الهاشتاغات الأكثر ملاءمة وانتشاراً، مما يزيد من احتمالية الوصول إلى جمهور أوسع وتحقيق تفاعل أكبر على المنصات المختلفة، وفق تقرير نشره موقع androidheadlines
حالياً، لا تزال هذه الميزة محدودة التوافر، إذ يمكن استخدامها فقط من قبل المبدعين الذين تزيد أعمارهم عن الثامنة عشرة والمقيمين في الولايات المتحدة وكندا وبعض الأسواق الأخرى. ومع ذلك، أكدت الشركة المطورة وجود خطط لتوسيع نطاق توفرها قريباً لتشمل المزيد من المستخدمين حول العالم، في إطار جهودها لدعم تجربة صناعة المحتوى الرقمية وجعلها أكثر احترافية وسلاسة.
الثمن هو الخصوصية: فيسبوك يحوّل صورك إلى لوحات فنية باستخدام الذكاء الاصطناعي
في سياق متصل، واصلت شركة ميتا تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي لمنصاتها الاجتماعية مثل فيسبوك وإنستغرام، وأطلقت ميزة جديدة تحول الصور الشخصية إلى لوحات فنية رقمية بأساليب متنوعة. إلا أن هذه الخطوة أثارت جدلاً واسعاً حول مسألة الخصوصية، إذ يخشى المستخدمون من كيفية استخدام بياناتهم وصورهم في تدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة. وبينما يرى البعض أن الميزة تضيف بعداً إبداعياً للمحتوى الشخصي، يعتبر آخرون أن الثمن الحقيقي هو فقدان السيطرة على البيانات الشخصية التي يتم جمعها وتحليلها.
وسائل التواصل الاجتماعي وتحديثات تيك توك
على صعيد آخر، تعمل منصة تيك توك على تعزيز تجربة المبدعين من خلال أدوات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي. ومن أبرز هذه الأدوات Smart Split، التي تتيح إعادة تنسيق مقاطع الفيديو الطويلة المنشورة على منصات مثل يوتيوب أو إنستغرام، وتحويلها تلقائياً إلى مقاطع قصيرة مناسبة للنشر على تيك توك. تقوم الأداة باقتصاص أهم أجزاء الفيديو، مما يوفر الوقت والجهد على صناع المحتوى ويضمن ظهوراً أكثر تأثيراً على المنصة.
حالياً، تتوفر هذه الميزة عبر TikTok Studio Web فقط، إلا أن الشركة تخطط لتوسيع نطاق استخدامها على مختلف الأجهزة والتطبيقات قريباً. كما أعلنت تيك توك عن تعديل جديد في نظام الاشتراكات يمنح المبدعين فرصة الحصول على ما يصل إلى 90% من الأرباح، شرط استيفاء معايير محددة مثل امتلاك عشرة آلاف متابع وتحقيق مئة ألف مشاهدة خلال الشهر السابق.
تعكس هذه التطورات تصاعد المنافسة بين المنصات الاجتماعية حول تمكين المستخدمين بالذكاء الاصطناعي، وتحويلهم من مجرد ناشرين للمحتوى إلى منتجين محترفين يمتلكون أدوات متقدمة تساعدهم على التخطيط والتحرير وتحقيق الدخل بشكل أكثر فعالية.




