تقنية

سامسونغ

أعلنت شركة سامسونغ للإلكترونيات، إحدى أكبر الشركات العالمية في مجال التكنولوجيا وصناعة الرقائق الإلكترونية، يوم الأحد عن خطوة استراتيجية جديدة تهدف إلى تعزيز قدراتها الإنتاجية في قطاع أشباه الموصلات. وجاء في بيان الشركة أنها تعتزم إنشاء خط جديد لإنتاج الرقائق داخل مجمعها الصناعي الضخم في مدينة بيونجتايك الواقعة في كوريا الجنوبية، وهو أحد أكبر مواقع إنتاج الرقائق المتقدمة في العالم. وتأتي هذه الخطوة استجابة مباشرة للطلب المتزايد بشكل غير مسبوق على مكونات الذكاء الاصطناعي، في ظل الطفرة العالمية التي يشهدها هذا القطاع، وارتفاع حاجة الأسواق إلى شرائح متطورة قادرة على دعم التطبيقات الذكية والحوسبة عالية الأداء.

سامسونغ
سامسونغ

وأوضحت الشركة أن خط الإنتاج الجديد سيكون أحد أهم الإضافات إلى البنية التحتية القائمة، وسيعمل وفق أحدث التقنيات المستخدمة في تصنيع الرقائق الرقمية المتقدمة. ووفقاً لما أعلنته سامسونغ، من المتوقع أن يصبح الخط جاهزاً للعمل بشكل كامل في عام 2028، بعد الانتهاء من جميع مراحل الإنشاء والتجهيز والاختبارات التشغيلية. وتؤكد الشركة أن هذا الجدول الزمني يتماشى مع خططها طويلة الأمد الرامية إلى ترسيخ مكانتها كمنافس رئيسي في سوق أشباه الموصلات العالمي، خصوصاً في ظل احتدام المنافسة مع شركات كبرى مثل TSMC وغيرها من الشركات الرائدة في هذا القطاع الحيوي.

وتسعى سامسونغ من خلال هذه الاستثمارات إلى تعزيز قدرتها على تزويد العملاء حول العالم برقاقات متقدمة تُستخدم في مراكز البيانات، والأنظمة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، والتطبيقات التي تتطلب مستويات عالية من الكفاءة والسرعة في معالجة البيانات. كما يهدف هذا التوسع إلى دعم التوجه العالمي نحو الاعتماد المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي والتعلم العميق، والتي تتطلب شرائح مصممة بدقة عالية وبقدرات تحمل كبيرة.

ولم تقتصر خطط الشركة على إضافة خط الإنتاج فحسب، بل أكدت سامسونغ أيضاً أنها تعتزم تنفيذ سلسلة من الاستثمارات الإضافية لتعزيز البنية التحتية الداعمة للعمليات الموسعة في المصنع. وتشمل هذه الاستثمارات بناء منشآت مساندة، وتطوير الأنظمة التشغيلية، وتحسين قدرات سلسلة الإمداد لضمان استقرار الإنتاج ورفع معدلات الكفاءة. كما تتضمن الخطط توسيع مرافق الاختبار والجودة، بما يضمن أن الرقائق المنتجة تلبي أعلى المعايير العالمية في الدقة والاعتمادية.

ويأتي هذا الإعلان في وقت يشهد فيه قطاع أشباه الموصلات طلباً قياسياً بسبب ثورة الذكاء الاصطناعي التي اجتاحت الأسواق العالمية خلال السنوات الأخيرة. فالشركات التقنية الكبرى والمؤسسات الصناعية والبحثية أصبحت تعتمد بشكل متزايد على رقائق متطورة لتمكين تقنياتها من العمل بكفاءة. وهذا ما يجعل من توسيع الطاقة الإنتاجية خطوة ضرورية لضمان تلبية احتياجات السوق وتقليل الفجوة بين العرض والطلب.

وبهذه الخطوة، تؤكد سامسونغ التزامها بالمضي قدماً نحو تعزيز قدراتها التنافسية عالمياً، والاستثمار في المستقبل الرقمي الذي يعتمد بشكل جوهري على الابتكار في مجال الرقائق الإلكترونية. كما تعكس هذه المبادرة رؤية الشركة في لعب دور محوري في قيادة التحول التكنولوجي العالمي خلال السنوات القادمة.

في سياق التطورات الاقتصادية التي تشهدها كوريا الجنوبية أخيرا جاء إعلان شركة سامسونغ ليعكس توجها واضحا لدى كبرى الشركات الكورية نحو إعادة تقييم استراتيجياتها الاستثمارية بين الداخل والخارج. فقد تزامن هذا الإعلان مع الاجتماع الذي عقده الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ مع مجموعة من كبار رجال الأعمال في البلاد يوم الأحد وذلك بعد إبرام اتفاقية تجارية واسعة مع الولايات المتحدة يوم الجمعة تتضمن التزاما كوريا جنوبيا بضخ استثمارات ضخمة في القطاعات الاستراتيجية داخل السوق الأمريكية بقيمة تصل إلى ثلاثمئة وخمسين مليار دولار وفق ما نقلته وكالة رويترز. هذا الاتفاق أثار نقاشا داخليا حول مدى تأثيره في حجم الاستثمارات المحلية وما إذا كان سيؤدي إلى تحول تدريجي لرؤوس الأموال نحو الأسواق الخارجية على حساب الاقتصاد الوطني.

وخلال الاجتماع أشار الرئيس إلى وجود مخاوف حقيقية من احتمال تراجع الاستثمارات الداخلية في ظل توسيع الشركات الكورية لنطاق حضورها في الولايات المتحدة. وشدد على ضرورة أن تضع الشركات في اعتبارها أهمية تعزيز الاستثمار داخل كوريا الجنوبية لما لذلك من أثر مباشر في دعم الاقتصاد وخلق فرص جديدة. كما دعا القطاع الخاص إلى العمل جنبا إلى جنب مع الحكومة من أجل ضمان توظيف حزمة الاستثمار المتفق عليها مع الجانب الأمريكي بالشكل الذي يخدم المصالح الوطنية ويحافظ في الوقت نفسه على حضور كوريا الاقتصادي في الأسواق الخارجية. وأكد الرئيس أن التنسيق الوثيق بين الحكومة والشركات الكبرى هو الطريق الأمثل لتحقيق الاستفادة القصوى من هذه الفرص الاستثمارية الضخمة دون الإضرار بالاقتصاد المحلي.

وفي هذا السياق طلب الرئيس من الشركات الكبرى وفي مقدمتها سامسونغ دراسة كيفية تحقيق توازن بين التزاماتها الدولية ومتطلبات السوق المحلية مع إيلاء اهتمام أكبر لبرامج الاستثمار داخل البلاد. وأوضح أن الحكومة مستعدة لمد يد العون لكل شركة ترغب في الاستفادة من الحوافز والبرامج التي توفرها الدولة ضمن إطار استراتيجياتها الاقتصادية الجديدة سواء تعلق الأمر بدعم البحث والتطوير أو توفير بيئة أكثر جاذبية للمستثمرين المحليين. كما شدد على أهمية الابتكار باعتباره ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي وقدرة كوريا الجنوبية على المحافظة على موقعها العالمي في الصناعات المتقدمة.

ومن جانبه أكد جاي واي لي رئيس مجلس إدارة سامسونغ للإلكترونيات التزام الشركة بزيادة حجم استثماراتها المحلية خلال المرحلة القادمة. وأوضح أن سامسونغ تعمل على تعزيز دورها في دعم الاقتصاد الوطني من خلال خلق فرص عمل ذات جودة للشباب وتطوير بيئة عمل تساعد على الابتكار والإنتاجية. كما أشار إلى أن الشركة ستواصل جهودها في بناء شراكات فعالة مع الشركات الصغيرة والمتوسطة إضافة إلى دعم شركات المشروعات الناشئة بما يسهم في تعزيز التنوع في الاقتصاد الكوري وخلق منظومة صناعية أكثر تكاملا. وبيّن أن سامسونغ تؤمن بأن نجاحها العالمي يرتبط بشكل وثيق بقدرتها على الاستثمار في الداخل والحفاظ على قاعدة صناعية قوية تدعم تنافسيتها الدولية.

وبذلك يشكل إعلان سامسونغ وما رافقه من تصريحات رسمية محاولة لتوجيه بوصلة الاستثمارات نحو تحقيق توازن بين التوسع الخارجي والحفاظ على نشاط اقتصادي قوي داخل كوريا الجنوبية. هذه التحركات تعكس رغبة الحكومة والشركات معا في ضمان استدامة النمو وتوفير فرص اقتصادية واسعة للمواطنين مع المحافظة على قدرة البلاد على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية المتسارعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى