سامسونغ وإنفيديا

في أكتوبر المقبل، تتجه أنظار العالم إلى كوريا الجنوبية، حيث تستعد العاصمة سيول لحدث محوري من المتوقع أن يعزز مكانتها كمركز رئيسي للتكنولوجيا والابتكار، وذلك من خلال استضافة قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (APEC). تأتي هذه القمة هذا العام تحت شعار “الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية الاقتصادية”، مما يعكس التوجه العالمي المتزايد نحو توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في دعم مسارات النمو وتحفيز الاقتصادات.

ومن أبرز محاور الاهتمام في هذه القمة، مشاركة الرئيس التنفيذي لشركة “إنفيديا” العالمية، جنسن هوانغ، الذي يعتزم زيارة كوريا الجنوبية لحضور الفعاليات المرتقبة. ووفقًا لتقارير إعلامية كورية، فإن هوانغ من المنتظر أن يقود جلسة رئيسية خلال القمة، حيث سيتناول في كلمته مستقبل الذكاء الاصطناعي، ودوره المحوري في تطور الصناعات الرقمية، خاصة ما يتعلق بأشباه الموصلات، التي تُعد من الأعمدة الأساسية للتقنيات الذكية.
زيارة هوانغ إلى سيول تحمل دلالات استراتيجية كبيرة، لاسيما في ظل الأهمية المتنامية لكوريا الجنوبية على خارطة الصناعات التكنولوجية العالمية، حيث تُعد من أكبر منتجي ومصدّري أشباه الموصلات في العالم. كما أن توقيت الزيارة يأتي في لحظة مفصلية يشهد فيها العالم تنافسًا متصاعدًا في ميادين الذكاء الاصطناعي، وهو ما يعزز من أهمية هذا الحدث بالنسبة للمستثمرين وصنّاع القرار في المنطقة.
وتُعد شركة إنفيديا واحدة من أبرز اللاعبين العالميين في مجال تصميم المعالجات الرسومية والحوسبة المتقدمة، وقد تصدّرت عناوين الأخبار مؤخرًا بفضل ابتكاراتها في تقنيات الذكاء الاصطناعي ومعالجات الحوسبة السحابية، الأمر الذي يجعل من مشاركة هوانغ في قمة APEC فرصة ثمينة للقاء بين قادة التكنولوجيا وواضعي السياسات الاقتصادية في آسيا والمحيط الهادئ.
ومن المتوقع أن تسهم الجلسات النقاشية خلال القمة، والتي سيشارك فيها نخبة من رواد التقنية والاقتصاد، في طرح رؤى جديدة حول آليات التعاون الدولي في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي، إلى جانب استعراض الفرص والتحديات المرتبطة بتطبيقاته المختلفة، خصوصًا في القطاعات الحيوية مثل التعليم، والرعاية الصحية، والطاقة، والصناعة.
كما قد تفتح هذه القمة الباب أمام اتفاقيات استراتيجية بين شركات عالمية ومؤسسات كورية، بهدف تطوير بنى تحتية رقمية متقدمة، وتعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي بما يخدم الأهداف الاقتصادية طويلة المدى لدول المنطقة. ويُتوقع أن تكون مخرجات القمة ذات طابع عملي، يربط بين السياسات العامة والتطبيقات التكنولوجية، في خطوة تُعدّ الأولى من نوعها بهذا المستوى في المنطقة.
في المجمل، تعكس استضافة سيول لهذه القمة وتأكيد مشاركة شخصية مثل جنسن هوانغ التحول المتسارع في خارطة الاقتصاد العالمي، حيث باتت التكنولوجيا – وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي – المحرك الأساسي لعجلة التنمية والابتكار.
أكدت مصادر في سيول أن حضور هوانغ لجلسات القمة يعكس بوضوح نية شركة “إنفيديا” في تعزيز علاقاتها وشراكاتها مع كبرى الشركات الكورية العملاقة، وعلى رأسها شركتا “سامسونغ إلكترونيكس” و”إس كيه هاينكس”. هذا الحضور يأتي في إطار سعي الشركة الأمريكية لتوسيع نطاق التعاون في مجالات تطوير الشرائح الإلكترونية، والتقنيات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، مما قد يفتح آفاقًا جديدة لشراكات أعمق بين الطرفين تستهدف ابتكار تقنيات متقدمة وتحسين الأداء في هذه الصناعات الحيوية.
وتشير التوقعات إلى أن القمة القادمة قد تكون نقطة انطلاق لتشكيل تحالف اقتصادي وتقني شامل بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، يعزز التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات، وغيرها من القطاعات التكنولوجية المتقدمة. هذا التحالف المتوقع قد يسهم في خلق بيئة تنافسية أكثر قوة على مستوى العالم، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها الصناعة التكنولوجية عالميًا.
ولم تقتصر الاستعدادات على شركة “إنفيديا” فقط، إذ تبذل الحكومة الكورية جهودًا كبيرة لتنسيق حضور أسماء بارزة في عالم التكنولوجيا العالمي. من بين هؤلاء الأسماء البارزة سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي”، وسوندار بيتشاي، المدير التنفيذي لشركة “جوجل”، وتيم كوك، المدير التنفيذي لشركة “أبل”. هذه المشاركة الواسعة من قادة صناعة التكنولوجيا تشير إلى أن القمة ستشكل حدثًا غير مسبوق، يجمع تحت سقفه نخبة من رواد الصناعة لمناقشة مستقبل التكنولوجيا والتعاون المشترك.
وتركز القمة على عدة محاور رئيسية تشمل تطوير التكنولوجيا الذكية والابتكارات في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تسعى الشركات الكبرى لتوحيد الجهود وتبادل الخبرات بهدف تسريع وتيرة الابتكار وخلق حلول تقنية متطورة تلبي احتياجات السوق العالمي. بالإضافة إلى ذلك، تعد القمة فرصة لتوطيد العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية على المستوى الاقتصادي والتقني، وهو ما يعزز من مكانة البلدين كلاعبين رئيسيين في الصناعة التكنولوجية العالمية.
من جانبها، ترى الحكومة الكورية في هذه القمة منصة استراتيجية لتعزيز مكانة كوريا الجنوبية كمركز تكنولوجي عالمي، مستفيدة من تواجد عمالقة التكنولوجيا العالميين على أراضيها. وهذا يتماشى مع خطط كوريا الهادفة إلى دفع عجلة النمو الاقتصادي من خلال الاستثمار في الصناعات المستقبلية مثل الذكاء الاصطناعي، وتصنيع أشباه الموصلات، والتقنيات الرقمية الحديثة.
ويُتوقع أن تسفر النقاشات خلال القمة عن مخرجات عملية تعزز التعاون بين الشركات الأمريكية والكورية في مجالات البحث والتطوير، وتقاسم الموارد، وتبني التكنولوجيا الحديثة، الأمر الذي قد يُسهم في تعزيز القدرات التنافسية للشركات المشاركة، ويدعم استراتيجيات الابتكار المستدام.
بالإضافة إلى ذلك، فإن حضور شخصيات بارزة مثل سام ألتمان وسوندار بيتشاي وتيم كوك يعكس الأهمية الاستثنائية التي توليها كبرى الشركات العالمية لهذه القمة، مما يجعلها نقطة جذب مركزية للأفكار الجديدة وفرص الشراكات المستقبلية. كما يعكس هذا الحضور رغبة قوية في بناء جسور تواصل استراتيجية من شأنها دفع عجلة التطور التكنولوجي العالمي.
وفي المجمل، تشكل هذه القمة فرصة فريدة تجمع بين الحكومات والشركات العالمية الكبرى لتبادل الأفكار، وبلورة استراتيجيات مشتركة تستهدف مواجهة التحديات التقنية المعقدة، والاستفادة من الإمكانات الضخمة التي توفرها تقنيات الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات. من المتوقع أن يكون لهذا الحدث أثر بعيد المدى على مشهد الصناعة التكنولوجية العالمية، معززا التعاون الدولي ومستشرفًا آفاق الابتكار المستقبلية.