الروبوتات
قدمت شركة OpenMind الأميركية مؤخرًا منصتها الجديدة المسماة “براين باك”، والتي تمثل خطوة نوعية في عالم الروبوتات المستقلة من خلال دمج وظائف متعددة في وحدة واحدة محمولة بشكل يسهل حملها، تشبه حقيبة الظهر. تهدف هذه المنصة إلى تبسيط عمليات الروبوتات المعقدة، التي كانت سابقًا تعتمد على أنظمة منفصلة لكل وظيفة، مثل الاستشعار، ورسم الخرائط، والتحكم، إلى جانب غيرها من القدرات الأساسية، مما يجعل “براين باك” حلًا متكاملًا يلبي احتياجات الروبوتات الحديثة بطريقة أكثر كفاءة ومرونة.

ما يميز “براين باك” هو دمجها لعدة تقنيات متقدمة ضمن جهاز واحد، حيث توفر المنصة قدرات الرؤية المحمية بالخصوصية، التي تسمح للروبوت بفهم البيئة المحيطة به دون تعريض البيانات الحساسة للخطر. كما تشمل المنصة نظامًا للتوصيف التلقائي للأشياء، والذي يمكن الروبوت من التعرف على العناصر المختلفة وتصنيفها بسرعة ودقة، ما يسهل من أداء مهام معقدة تتطلب التعرف على المحيط والتفاعل معه. إلى جانب ذلك، تتيح المنصة التشغيل عن بُعد، بحيث يمكن للمهندسين والمشغلين التحكم في الروبوتات ومراقبة أدائها عن بعد، وهو ما يعزز من مرونة استخدامها في البيئات المختلفة، سواء كانت صناعية أو بحثية أو حتى في مجالات الطوارئ.
من بين السمات البارزة الأخرى في “براين باك” القدرة على الشحن الذاتي، ما يمنح الروبوتات استقلالية أكبر ويقلل الحاجة للتدخل البشري المستمر، ويتيح لها أداء المهام لفترات أطول دون انقطاع. كل هذه القدرات مدمجة في وحدة واحدة محمولة، ما يجعل من السهل نقلها واستخدامها في مواقع مختلفة دون الحاجة إلى تجهيزات إضافية أو عمليات تركيب معقدة.
تعتمد المنصة على وحدة معالجة عالية الأداء من شركة “إنفيديا”، مما يمنح الروبوتات القدرة على إجراء عمليات الإدراك واتخاذ القرارات مباشرة على متنها، دون الحاجة إلى الاعتماد بشكل كبير على الحوسبة السحابية أو الخوادم الخارجية. هذا التصميم يقلل من زمن الاستجابة ويزيد من قدرة الروبوتات على التعامل مع المواقف الطارئة أو المعقدة في الوقت الفعلي، وهو أمر بالغ الأهمية في العديد من التطبيقات العملية مثل الاستكشاف البيئي، والمراقبة الأمنية، والخدمات اللوجستية.
وفقًا لتقرير نشره موقع “interestingengineering”، فإن “براين باك” تمثل نموذجًا مبتكرًا في مجال الروبوتات المستقلة، حيث تجمع بين الأداء العالي، والمرونة، والقدرة على العمل المستقل، كل ذلك في جهاز محمول صغير الحجم. كما أن دمج هذه الوظائف في وحدة واحدة يقلل من التعقيدات الهندسية والتكاليف المرتبطة بتشغيل أنظمة روبوتية متعددة، ويتيح للمطورين والباحثين التركيز على تطوير تطبيقات جديدة وابتكارات متقدمة دون الانشغال بالجوانب اللوجستية المعقدة.
باختصار، تعد منصة “براين باك” من OpenMind خطوة مهمة نحو جعل الروبوتات أكثر استقلالية وذكاءً، مع قدرة أكبر على التفاعل مع بيئات مختلفة بشكل آمن وفعال. إن الجمع بين الرؤية المحمية بالخصوصية، والتوصيف التلقائي، والتشغيل عن بُعد، والشحن الذاتي، بالإضافة إلى وحدة المعالجة القوية، يجعلها نموذجًا متقدمًا للجيل القادم من الروبوتات المحمولة والمستقلة، ويشير إلى مستقبل واعد لهذه التكنولوجيا في مختلف المجالات العملية والعلمية.
نظام “براين باك” هو نفس النظام الذي استخدمته شركة OpenMind في تجاربها الأخيرة مع الروبوتات الرباعية القادرة على الشحن الذاتي، وقد أصبح الآن متاحاً للمطورين، والمختبرات البحثية، والمستخدمين الأوائل حول العالم. ويهدف هذا النظام بحسب الرئيس التنفيذي يان ليباردت إلى تقليص الفجوة بين الروبوتات والذكاء، لتمكين الأجهزة من التنقل وفهم بيئتها والتعلم منها بشكل مستقل، مما يعزز قدرات الروبوتات على التفاعل مع العالم المحيط بها بطريقة أكثر ذكاء ومرونة.
ويشير الرئيس التقني للشركة بويوان تشن إلى أن “براين باك” يجمع بين الدقة البحثية والسهولة في الاستخدام، إذ تم تصميمه لتوفير موثوقية أنظمة البحث العلمي مع بساطة الأجهزة الاستهلاكية. وهذا يعني أن الروبوتات المستقلة أصبحت الآن أكثر قابلية للوصول والاستخدام من قبل الباحثين والهواة على حد سواء، دون الحاجة إلى مختبرات متخصصة أو إعدادات تقنية معقدة. يمكن للمستخدمين متابعة بيانات الروبوت، وتوجيه عملية تعلمه، وضمان دقة المعلومات التي يجمعها، مع الحفاظ على خصوصية البيانات.
يعمل النظام بمثابة الجهاز العصبي المركزي للروبوت، حيث يجمع بين الحوسبة عالية الأداء والمستشعرات المتقدمة والبرمجيات الذكية ليتيح للروبوت مراقبة محيطه، وتسجيل الأحداث، وفهم البيئة من حوله. كما يتيح إنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد دقيقة في الوقت الفعلي، مما يمكن الروبوت من التنقل بكفاءة داخل أماكن متعددة، سواء في المنازل أو المختبرات أو الأماكن العامة. بالإضافة إلى ذلك، يمتلك النظام القدرة على التعرف على الأشياء وتصنيفها تلقائياً، وإنشاء قاعدة بيانات للذاكرة الخاصة بالملاحظات، مع الحفاظ على خصوصية الأشخاص من خلال اكتشاف وتغطية الوجوه تلقائياً.
يدعم النظام التشغيل عن بُعد وبث الفيديو الآمن من أي جهاز، كما يتيح خاصية الشحن الذاتي، ما يسمح للروبوت بالاستمرار في العمل دون انقطاع، وهو ما يعد ميزة كبيرة للعمليات الطويلة أو في البيئات التي تتطلب مراقبة مستمرة.
توفر منصة “براين باك” للروبوتات إمكانية اكتساب قدرات متقدمة بسهولة من خلال التوصيل والتشغيل، ما يجعلها مناسبة للعمل في مجموعة متنوعة من البيئات. أظهرت الاختبارات المبكرة قدرة الروبوتات المزودة بهذا النظام على التجوال الذاتي، ورسم خرائط متعددة الغرف، والتعرف على الأشياء المختلفة، والعودة إلى محطات الشحن تلقائياً، كل ذلك دون الحاجة إلى إشراف مباشر.
كما طورت شركة OpenMind سابقاً بروتوكول FABRIC الذي يتيح للروبوتات التحقق من الهوية ومشاركة السياق فيما بينها في الوقت الفعلي، مما يعزز التعلم الجماعي والتكيف مع البيئات الجديدة، ويتيح التعاون بين البشر والروبوتات بطريقة أكثر سلاسة. إلى جانب ذلك، أطلقت الشركة نظام التشغيل OM1، وهو نظام مستقل عن الأجهزة مصمم ليكون منصة ذكاء اصطناعي أصلية للروبوتات، مما يمكنه العمل على مجموعة واسعة من الأجهزة ويعمل كعقل عالمي موحد للروبوتات، يربط قدراتها الذكية ويجعلها أكثر تكاملاً وكفاءة في أداء مهامها.
بفضل هذه التطورات، تمثل منصة “براين باك” نقلة نوعية في مجال الروبوتات المستقلة، حيث تجمع بين الذكاء الاصطناعي القوي وسهولة الاستخدام، مع مراعاة الخصوصية والأمان، لتفتح المجال أمام مستقبل تتحرك فيه الروبوتات بحرية، وتتعلم، وتتفاعل مع بيئتها والبشر بطريقة أكثر طبيعية وفعالية.




