روبوتات بشرية
تواجه شركة ناشئة تعمل في مجال تطوير الروبوتات الشبيهة بالبشر في وادي السيليكون مستوى شديدًا من التنافسية عند توظيف الموظفين الجدد، حيث تشير التقارير إلى أن معدل قبولها للمتقدمين أقل بكثير من أي من الجامعات الأمريكية التي تنتمي إلى رابطة آيفي، وهي الجامعات المعروفة بمعاييرها الصارمة والصعبة للقبول. هذا يعني أن الحصول على وظيفة في هذه الشركة الناشئة يُعد أصعب من اجتياز معايير القبول في أرقى الجامعات في الولايات المتحدة، وهو ما يعكس حجم المنافسة العالية والطلبات المكثفة التي تفرضها الشركة على المتقدمين.

وبحسب ما صرح به مؤسس الشركة ورئيسها التنفيذي، بريت آدكوك، فقد تلقت الشركة منذ تأسيسها في العام ألفين واثنين وعشرين عددًا هائلًا من السير الذاتية من المتقدمين الراغبين في الانضمام إليها. ويُظهر هذا الإقبال الكبير على الوظائف في الشركة أن هناك اهتمامًا واسعًا بالعمل في مجال الروبوتات الشبيهة بالبشر، وهو مجال يشهد نموًا سريعًا وتطورًا مستمرًا، خاصة في وادي السيليكون، الذي يُعرف بكونه مركز الابتكار التكنولوجي وريادة الأعمال على مستوى العالم.
تأسست الشركة بهدف دفع حدود التكنولوجيا في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات، حيث تسعى إلى تطوير روبوتات متقدمة يمكنها محاكاة السلوك البشري بشكل طبيعي ودقيق. هذه الرؤية الطموحة جعلت الشركة وجهة جذابة للمهندسين والعلماء والمبتكرين الذين يسعون للعمل على مشاريع مبتكرة تجمع بين الذكاء الاصطناعي والهندسة المتقدمة. ومع ذلك، فإن العدد الكبير من الطلبات والمهارات العالية المطلوبة جعل عملية الاختيار دقيقة للغاية، بحيث يتم قبول نسبة صغيرة فقط من المتقدمين الذين يمتلكون المؤهلات والخبرات اللازمة، وهو ما يفسر انخفاض معدل القبول مقارنة بمعايير الجامعات الأكثر شهرة.
ويشير آدكوك إلى أن الإقبال الكبير على التقديم للوظائف يعكس الاهتمام المتزايد بالعمل في شركات التكنولوجيا المتقدمة، حيث يسعى الكثير من المتخصصين إلى أن يكونوا جزءًا من فرق تطور مستقبل الروبوتات الذكية. كما أن المنافسة الشديدة بين المتقدمين تساعد الشركة على اختيار أفضل المواهب المتاحة، وهو ما يعزز فرص الابتكار والتميز في مشاريعها. ويعتبر هذا النموذج من التوظيف مثالًا على الطريقة التي تعتمدها الشركات الناشئة في وادي السيليكون لضمان تحقيق التفوق التكنولوجي، حيث أن الاختيار الصارم للمواهب يضمن أن كل فرد في الفريق قادر على الإسهام بشكل فعال في تطوير المنتجات والابتكارات المستقبلية.
إن مقارنة معدل القبول في هذه الشركة الناشئة بمعدلات قبول الجامعات الشهيرة تعكس طبيعة التحديات التي يواجهها المتقدمون. ففي حين أن الجامعات ذات التصنيف العالي تعتمد على مجموعة واسعة من المعايير الأكاديمية والشخصية لاختيار الطلاب، تعتمد الشركة الناشئة على المعايير الفنية والمهارية التي تضمن قدرة المتقدم على العمل في بيئة عالية التنافسية ومعقدة. ويضيف آدكوك أن هذه السياسة لا تهدف فقط إلى اختيار أفضل المرشحين، بل أيضًا لضمان أن الفريق قادر على مواجهة التحديات التقنية الكبيرة التي تفرضها صناعة الروبوتات المتقدمة.
منذ تأسيس الشركة، نجحت “فيغر إيه آي” في جذب اهتمام العديد من المواهب من مختلف أنحاء العالم، مما جعلها مثالًا على الشركات الناشئة الطموحة التي تتجاوز حدود التوظيف التقليدي لتختار الأفضل في مجالها، حتى وإن كان ذلك يعني انخفاض معدل القبول بشكل كبير مقارنة بأي مؤسسة تعليمية أو أكاديمية مرموقة.
تحققت شركة فيغر إيه آي من بيانات التوظيف لديها وأفادت بأنها تلقت نحو مئة وستة وسبعين ألف طلب للتوظيف خلال السنوات الثلاث الماضية، إلا أن الشركة وظفت ما يقارب أربعمئة وخمسة وعشرين شخصًا فقط. وفقًا لتقرير نشره موقع بيزنس إنسايدر واطلعت عليه العربية بزنس، يمثل هذا معدل توظيف منخفضًا للغاية يبلغ حوالي ربع بالمئة خلال هذه الفترة، ويشير الرئيس التنفيذي آدم آدكوك إلى أن غالبية الطلبات كانت غير مناسبة للوظائف المتاحة في الشركة.
ولا يزال من غير الواضح كيف توزعت هذه الطلبات على مدار السنوات الثلاث، لكن حتى لو افترضنا توزيعها بالتساوي، أي حوالي خمسة وتسعين ألف طلب سنويًا، فإن معدل القبول سيظل أقل من معدل القبول في أصعب الجامعات على مستوى العالم. على سبيل المثال، يوضح تصنيف موقع يو أس نيوز آند وورلد ريبورت أن معهد كاليفورنيا للتقنية يعد الجامعة الأقل قبولًا بين الجامعات الأمريكية، حيث يبلغ معدل القبول بها ثلاثة أعشار بالمئة، وهو ما يقارب معدل قبول شركة فيغر إيه آي.
وأشار آدكوك في تعليقات على منشوره إلى أن مراجعة الطلبات كانت عملية شاقة جدًا، مضيفًا أن الفريق يراجع الطلبات واحدة تلو الأخرى، وهو ما يستغرق وقتًا كبيرًا جدًا. كما أشار الرئيس التنفيذي إلى أن نظام تتبع المتقدمين، الذي تستخدمه الشركات عادة لفرز السير الذاتية، لا يختصر الوقت بشكل كبير عندما تصل الشركة إلى عدد هائل من الطلبات، موضحًا أن كل طلب يتطلب ما لا يقل عن عشرين نقرة، حتى لو كان عديم الفائدة.
وتقع شركة فيغر إيه آي في قلب اتجاهين رئيسيين في سوق العمل الحالي، وهما الذكاء الاصطناعي والروبوتات الشبيهة بالبشر. هذا يجعل المنافسة على استقطاب المواهب قوية جدًا، خصوصًا في قطاع الذكاء الاصطناعي، حيث تشهد كبرى شركات التكنولوجيا مثل ميتا وأوبن إيه آي منافسة شديدة لجذب أفضل الباحثين، مقدمين رواتب مرتفعة جدًا قد تصل إلى سبعة أو تسعة أرقام.
وليس فقط الشركات الكبرى، بل حتى الشركات الناشئة في قطاع التكنولوجيا تتنافس بقوة على استقطاب المواهب، مع تقديم مزايا إضافية مثل حصص في الأسهم أو فرص لتولي مناصب قيادية، بما في ذلك منصب الشريك المؤسس، وإتاحة وقت أكبر للبحث والتطوير. هذا يعكس أهمية الذكاء الاصطناعي والروبوتات البشرية في السوق الحالية وأهمية بناء فرق قوية ومتميزة.
وتجدر الإشارة إلى أن متوسط عدد الطلبات المقدمة لكل وظيفة شاغرة يبلغ حوالي مئتين واثنين وأربعين طلبًا، وفقًا لبيانات نقلها موقع بيزنس إنسايدر عن منصة جرينهاوس المتخصصة في تتبع المتقدمين للوظائف.
وتعتبر شركة فيغر إيه آي واحدة من أبرز الشركات في مجال الروبوتات الشبيهة بالبشر، وقد نجحت مؤخرًا في جمع أكثر من مليار دولار في جولة تمويلية من فئة سيريس سي، لترتفع قيمة الشركة إلى تسعة وثلاثين مليار دولار. هذا النجاح المالي الكبير يعكس ثقة المستثمرين في قدرة الشركة على قيادة الابتكار في مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي، ويؤكد على مكانتها الرائدة بين الشركات الناشئة والتقنية المتقدمة.




