تقنية

علي بابا

ارتفعت أسهم شركة “علي بابا” المدرجة في بورصة هونغ كونغ بأكثر من 19% يوم الاثنين، لتسجل أعلى مستوياتها منذ شهر مارس الماضي، وذلك بعد إعلان الشركة عن نتائج إيجابية وقوية لوحدتها في الحوسبة السحابية. هذه القفزة الكبيرة في قيمة السهم تعكس استجابة السوق الإيجابية لأداء الشركة، لا سيما فيما يتعلق بتقدمها في المجالات التقنية وتحديداً الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن تحركاتها الاستراتيجية في قطاع التجارة الفورية الذي يشهد منافسة محتدمة داخل الصين.

علي بابا
علي بابا

الارتفاع اللافت في قيمة أسهم “علي بابا” جاء مدفوعاً بنتائج أعمالها الفصلية التي أعلنت عنها مؤخراً، والتي كشفت عن إيرادات بلغت 247.65 مليار يوان صيني، أي ما يعادل نحو 34.73 مليار دولار أمريكي، وذلك للربع المالي المنتهي في يونيو. وعلى الرغم من أن هذه الإيرادات تمثل نمواً بنسبة 2% على أساس سنوي، فإنها جاءت دون توقعات المحللين. لكنّ ما خفف من وقع هذه النتائج، بل وجعلها محط ترحيب من قبل المستثمرين، هو الأداء القوي في صافي الدخل السنوي، الذي تجاوز توقعات السوق بنسبة وصلت إلى 78%.

الوحدة السحابية للشركة كانت محور التركيز الأساسي في هذا الإعلان، إذ أظهرت نتائجها المالية والتقنية تحسناً واضحاً، مما يشير إلى قدرة “علي بابا” على المنافسة في سوق الحوسبة السحابية، ليس فقط داخل الصين، بل على المستوى العالمي أيضاً. وتُعد هذه الوحدة بمثابة ركيزة أساسية في استراتيجية “علي بابا” طويلة الأمد، خصوصاً مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية.

وفي هذا السياق، برز تطور جديد مهم تمثل في الكشف عن تفاصيل متعلقة بشريحة ذكاء اصطناعي جديدة تعمل “علي بابا” على تطويرها. هذه الشريحة من المتوقع أن تلعب دوراً محورياً في تعزيز قدرات الشركة في مجالات الحوسبة السحابية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يمنح الشركة ميزة تنافسية إضافية في سوق يشهد نمواً سريعاً وتحولات مستمرة.

أما على صعيد التجارة الإلكترونية، فقد أظهرت “علي بابا” اهتماماً متزايداً بتوسيع نطاق خدماتها في مجال “التجارة الفورية”، وهو نموذج أعمال يركّز على توصيل المنتجات للمستهلكين في غضون وقت قصير جداً. ويأتي هذا التحرك استجابةً لمتغيرات السوق واحتياجات المستهلكين المتزايدة في الصين، حيث باتت المنافسة في هذا المجال أكثر شراسة مع دخول عدد كبير من الشركات الناشئة والمنافسين التقليديين.

بشكل عام، تعكس هذه التطورات التزام “علي بابا” بتجديد نماذج أعمالها والاستثمار في التقنيات الحديثة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، من أجل تعزيز مكانتها في السوق وتحقيق نمو مستدام على المدى الطويل.

شهدت وحدة الحوسبة السحابية التابعة لشركة “علي بابا” الصينية تطوراً ملحوظاً خلال الفترة الأخيرة، لتتحول إلى أحد أبرز العوامل الإيجابية في أداء الشركة، حيث سجلت نمواً سنوياً في الإيرادات بنسبة 26%. هذا الإنجاز يسلط الضوء على أهمية هذا القطاع الحيوي في استراتيجية “علي بابا” للتحول الرقمي وتعزيز حضورها في مجالات التقنية المتقدمة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي.

وفي إطار هذا التوجه، وعلى غرار العديد من شركات التكنولوجيا الكبرى في الصين والولايات المتحدة، كثفت “علي بابا” استثماراتها في مجال الذكاء الاصطناعي، ليس فقط على صعيد تطوير البنية التحتية الداعمة لهذه التكنولوجيا، بل أيضاً من خلال بناء نماذجها الذكية الخاصة، وتوفير حلول وخدمات تعتمد على الذكاء الاصطناعي عبر منصتها السحابية. هذه الخطوات تعكس طموح الشركة لتعزيز تنافسيتها في سوق عالمي يشهد تحولات سريعة نحو الأتمتة والحوسبة الذكية.

يرى المحللون والمستثمرون أن وحدة الحوسبة السحابية تمثل عنصراً محورياً في مساعي “علي بابا” للاستفادة التجارية من الذكاء الاصطناعي، تماماً كما تفعل شركتا “مايكروسوفت” و”غوغل”، اللتان سبقتا إلى تحقيق مكاسب كبيرة من دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن خدمات الحوسبة السحابية لديهما.

وفي هذا السياق، أفادت الشركة في بيان صدر يوم الجمعة أن الإيرادات الناتجة عن المنتجات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي استمرت في تسجيل نمو سنوي بثلاث خانات (أي أكثر من 100%)، وذلك للربع المالي الثامن على التوالي، ما يعكس الطلب القوي والمتزايد على حلول الذكاء الاصطناعي التي تقدمها الشركة.

وبالتزامن مع ذلك، نقلت قناة CNBC أن “علي بابا” تعمل على تطوير شريحة جديدة متخصصة في الذكاء الاصطناعي، وهو ما عزز من ثقة السوق بالشركة وأسهم في رفع سعر سهمها في تداولات يوم الاثنين. يُعد هذا التوجه نحو تصنيع شرائح الذكاء الاصطناعي خطوة استراتيجية تهدف إلى تقليل الاعتماد على الموردين الخارجيين وتوفير حلول متكاملة داخل منظومة الشركة.

أما في مجال التجارة الإلكترونية، الذي يشكل العمود الفقري لأعمال “علي بابا”، فقد ظهرت مؤشرات على تعافٍ تدريجي، بالتوازي مع دخول الشركة بقوة إلى سوق التجارة الفورية في الصين. هذا السوق سريع النمو يشهد منافسة محتدمة من لاعبين كبار، وتستثمر “علي بابا” موارد كبيرة فيه عبر تطبيقها الشهير “تاوباو”، حيث أطلقت هذا العام ميزة جديدة تتيح توصيل بعض المنتجات للعملاء خلال ساعة واحدة فقط داخل الصين.

ومع أن هذه الاستثمارات الطموحة في التجارة الفورية أثرت على الأرباح المعدلة لقطاع التجارة الإلكترونية، إلا أن المستثمرين أبدوا تفهماً واستعداداً لمنح الشركة هامشاً من الحرية المالية للاستثمار في النمو طويل الأمد، إدراكاً منهم لأهمية هذا التوسع في الحفاظ على ريادة “علي بابا” في السوق الصينية المتغيرة باستمرار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى