غوغل
تواجه شركة غوغل هجمة تنظيمية غير مسبوقة، مما يدفعها إلى بذل جهود استباقية لتشكيل الرأي العام والسياسات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي قبل أن تشهد الأسواق العالمية موجةً من التشريعات المنظمة لهذا المجال. وأكد أحد المديرين التنفيذيين للشركة، في حديث لوكالة رويترز، أن الأولوية الرئيسية تتمثل في تطوير برامج تعليمية تهدف إلى تدريب القوى العاملة على مهارات الذكاء الاصطناعي، استعدادًا للمتغيرات المستقبلية في هذا القطاع الحيوي.
أكد كينت ووكر، رئيس الشؤون العالمية في شركة “ألفابت” – الشركة الأم لـ”غوغل” – أن تعزيز وعي الأفراد والمنظمات، بما في ذلك الحكومات، بالذكاء الاصطناعي واستخدام أدواته، يُسهم في صياغة سياسات أكثر فاعلية في هذا المجال، كما يُتيح فرصًا جديدة ومبتكرة.
قيود تنظيمية
بينما تسعى “غوغل” بخطى سريعة لتعزيز مكانتها في سباق الذكاء الاصطناعي والتفوق على منافسيها الكبار مثل “OpenAI” و”ميتا” المدعومتين من “مايكروسوفت”، فإنها تواجه في الوقت نفسه تحديات تنظيمية كبيرة في أعمالها الحالية، خاصة في مجالات الإعلان والبحث.
في الاتحاد الأوروبي، أقدمت “غوغل” على عرض بيع جزء من أعمالها في مجال تكنولوجيا الإعلان في محاولة لاستباق التدقيق التنظيمي المتزايد وإرضاء الجهات الرقابية، وفقًا لتقارير وكالة “رويترز”. وفي الولايات المتحدة، تواجه الشركة ضغوطًا من وزارة العدل التي تسعى إلى تفكيك متصفح “كروم”، على الرغم من أن هذا المسار قد يتغير مع تطور الأوضاع السياسية، خاصة في ظل الإدارة الجديدة للرئيس دونالد ترامب.
وفي خضم هذه التحديات، تشهد الساحة العالمية جهودًا حثيثة من قبل الحكومات لصياغة لوائح جديدة تهدف إلى معالجة القضايا الناشئة عن التطور السريع للذكاء الاصطناعي، مثل حقوق النشر وحماية الخصوصية. ويأتي قانون الذكاء الاصطناعي الذي يعمل عليه الاتحاد الأوروبي كأحد أبرز هذه الجهود، حيث يسعى إلى تقييم المخاطر المحتملة وفرض شفافية أكبر على أنظمة الذكاء الاصطناعي ذات الأغراض العامة. إلا أن هذا القانون واجه انتقادات من قبل شركات التكنولوجيا العملاقة، التي تخشى أن تتعرض لغرامات باهظة قد تصل إلى مليارات الدولارات في حال عدم الامتثال لهذه اللوائح الجديدة.
هذه التطورات تعكس التوازن الدقيق الذي تحاول “غوغل” تحقيقه بين الابتكار التكنولوجي والامتثال التنظيمي، في وقت يشهد فيه قطاع الذكاء الاصطناعي تحولات سريعة وتحديات متزايدة.
فرصة لتشكيل الرأي العام
يرى المسؤولون التنفيذيون في “غوغل” فرصةً لتشكيل الرأي العام حول تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والتي أثارت مخاوف متزايدة من فقدان جماعي للوظائف. وفي خطوة لمواجهة هذه المخاوف، أعلن سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة “غوغل”، في سبتمبر عن إنشاء صندوق استثماري بقيمة 120 مليون دولار مخصص لبناء برامج تعليمية في مجال الذكاء الاصطناعي.
كما يقوم نواب رؤساء الشركة، بما في ذلك ووكر وروث بورات، الرئيسة والمديرة التنفيذية للاستثمار، بزيارات متكررة حول العالم لمناقشة توصيات السياسة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي مع الحكومات. وتشمل جهود “غوغل” أيضًا توسيع نطاق برنامج “Grow With Google”، وهو مبادرة تعليمية عبر الإنترنت تقدم أدوات تدريبية للشركات وتعليم العمال مهارات مثل تحليل البيانات ودعم تكنولوجيا المعلومات، مما يساعدهم على توسيع آفاقهم في المجالات التقنية.
وفي ديسمبر، أعلنت الشركة أن مليون شخص قد حصلوا على شهادات من خلال هذا البرنامج. وأشارت ليزا جيفيلبر، رئيسة البرنامج، إلى أن “غوغل” تضيف دورات متخصصة تركز على الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك دورة مخصصة للمعلمين.
ومع ذلك، يرى ووكر أن الدورات التدريبية وحدها ليست كافية لإعداد العمال بشكل كامل. وأكد أن “ما يهم حقًا هو وجود هدف يعمل الناس من أجله، مثل الحصول على اعتماد يمكنهم استخدامه للتقدم لوظيفة”. وأضاف أن “غوغل” تسعى إلى تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، مشيرًا إلى برنامج “Skilled Trades and Readiness” كمثال رائد، حيث تعاونت الشركة مع كليات محلية لتدريب العمال على الوظائف المحتملة في بناء مراكز البيانات.
وتوقع ووكر أن يتم استبدال جزء صغير فقط من الوظائف الحالية بالكامل بالذكاء الاصطناعي على المدى الطويل، مستشهدًا بعدد من الدراسات التي تشير إلى أن الذكاء الاصطناعي سيتم دمجه في معظم الوظائف بشكل تدريجي، مما يعزز القدرات البشرية بدلًا من استبدالها بالكامل.