تقنية

غوغل

في سياق المعركة القانونية الجارية بين شركة “غوغل” ووزارة العدل الأميركية، أعربت الشركة عن قلقها الشديد من التبعات المحتملة لاقتراح تفكيكها، وهو ما تعتبره تهديدًا مباشرًا لمكانة الولايات المتحدة في السباق التكنولوجي العالمي، خصوصًا في مواجهة التنين الصيني الصاعد. فقد شددت “غوغل” على أن الإجراء الذي اقترحته وزارة العدل، ضمن إطار الدعوى القضائية التي تتهمها باحتكار سوق محركات البحث عبر الإنترنت، لن يضر فقط بالشركة وإنما سيضعف القدرة التنافسية للولايات المتحدة على الساحة الدولية.

أوضحت “غوغل” أن محاولات تفكيك بنيتها الحالية

غوغل
غوغل

قد تعيق الابتكار وتحد من تطورها التكنولوجي، مما يمنح المنافسين الدوليين، وفي مقدمتهم الشركات الصينية، فرصة لتوسيع نفوذهم في القطاع الرقمي العالمي. وذكرت الشركة أن هذا التفكيك المحتمل لا يشكل تهديدًا لها فقط، بل يعرض الأمن القومي الأميركي للخطر، إذ تعتمد العديد من الوكالات والمؤسسات الأميركية على خدمات “غوغل” في عملياتها اليومية، بما في ذلك الأمن السيبراني، وتحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي.

وترى الشركة أن الحفاظ على تماسك بنيتها الحالية يمكّنها من الاستثمار بكفاءة أكبر في التقنيات المتقدمة، ويمنحها المرونة الضرورية لمواصلة المنافسة على أعلى المستويات. وتضيف أن تقويض بنيتها الموحدة قد يؤدي إلى تباطؤ في الاستجابة للتطورات السريعة في القطاع، في حين أن منافسيها في الصين يتحركون بخطى متسارعة ومدعومين بسياسات حكومية طموحة وموجهة.

كما أشارت “غوغل” إلى أن استهدافها بالإجراءات القانونية قد يبعث برسائل سلبية إلى بقية شركات التكنولوجيا الأميركية، ويحد من قدرتها على النمو والمنافسة العالمية. وفي ظل تصاعد التوترات الاقتصادية والتكنولوجية بين واشنطن وبكين، فإن المساس بواحدة من كبرى شركات التكنولوجيا الأميركية قد يُنظر إليه على أنه تقويض داخلي للقدرات الأميركية.

ولم تكتف الشركة بالدفاع عن نفسها من منظور السوق، بل قدّمت حجة وطنية، مفادها أن نجاحها يصب في مصلحة الأمن القومي الأميركي، وأن التعاون الوثيق بين “غوغل” والحكومة الأميركية في عدد من المشاريع الحساسة يؤكد أهمية بقائها ككيان موحد وقوي.

“غوغل” موقفها بالتأكيد على أن معالجة قضايا المنافسة

يجب أن تتم بطريقة تراعي السياق الجيوسياسي العالمي، وتجنب اتخاذ قرارات قد تُضعف التحالف بين القطاعين العام والخاص في مواجهة التحديات العالمية، لا سيما في المجالات الحيوية كالتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي.

بدأت يوم الاثنين في واشنطن محاكمة تعد من أبرز القضايا القانونية في قطاع التكنولوجيا منذ أكثر من عقدين، وتأتي في أعقاب حكم صدر في أغسطس الماضي اعتبر أن “غوغل” تحتكر سوق البحث على الإنترنت، وفقًا لتقرير نشرته شبكة “CNBC”

في هذا السياق، دعت وزارة العدل الأميركية إلى فصل وحدة متصفح “كروم” التابعة لغوغل، كما طالبتها بفتح بيانات البحث أمام الشركات المنافسة. وردت غوغل على هذه المطالب في منشور عبر مدونتها، حيث اعتبرت أن هذه الخطوات لا تخدم مصلحة البلاد، خاصة وسط تصاعد التنافس العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي.

وفي مقدمة المنشور، أشارت الشركة إلى “ديب سيك”، وهي شركة صينية ناشئة في الذكاء الاصطناعي، كمنافس صاعد. وكتبت لي آن مولولاند، نائبة رئيس الشؤون التنظيمية في “غوغل”، أن مقترح وزارة العدل “سيقيد عملية تطوير الذكاء الاصطناعي، وسيخضع تصميم المنتجات وتطويرها لإشراف حكومي مباشر”.

وأضافت مولولاند: “هذا الإجراء قد يعطل مسار الابتكار الأميركي في وقت حرج، إذ نخوض سباقًا عالميًا محمومًا مع الصين على الريادة في التكنولوجيا، وتُعد غوغل من الشركات الأميركية الرائدة في هذا المجال”.

وتُعد غوغل واحدة من عدة شركات تكنولوجية كبرى تسعى لمواجهة جهود مكافحة الاحتكار التي بدأتها إدارة الرئيس جو بايدن، بعد أن كانت قد انطلقت خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.

وكانت غوغل قد خسرت قضية منفصلة تتعلق بالاحتكار الأسبوع الماضي، بعد أن قضت المحكمة بأنها تسيطر بشكل غير قانوني على سوق الإعلانات الرقمية من خلال دورها كوسيط بين المعلنين والناشرين.

وتواجه شركات أخرى مثل “ميتا” و”أمازون” دعاوى مشابهة تتعلق بالاحتكار.

أما بخصوص المحاكمة الحالية، فهي ستستمر لمدة ثلاثة أسابيع وتُختتم في 9 مايو، على أن يصدر القاضي أميت ميهتا حكمه في أغسطس المقبل، حيث تعتزم غوغل تقديم استئناف في حال صدور حكم ضدها.

وتخطط غوغل للدفاع عن نفسها بالقول إن متصفح “كروم” يمنح المستخدمين حرية ومرونة في الوصول إلى الإنترنت، وأن شفرته البرمجية مفتوحة وتستخدمها شركات أخرى. كما اعتبرت أن فتح بيانات البحث — مثل الاستعلامات، والنقرات، والنتائج — أمام المنافسين، سيُعرض الأمن السيبراني، وربما الأمن القومي، للخطر، وسيرفع كذلك تكلفة الأجهزة الإلكترونية على المستهلكين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى