تقنية

غوغل

أعلنت شركة “غوغل ديب مايند”، وهي الذراع المختص بالذكاء الاصطناعي التابع لشركة غوغل، عن إطلاق أحدث نموذج متقدم للذكاء الاصطناعي تحت اسم “Gemini 2.5 Deep Think”. ووفقًا لما أعلنته الشركة، فإن هذا النموذج الجديد يُعد الأكثر تقدمًا حتى الآن في مجال الاستدلال متعدد الخطوات ، ويتميز بقدرته على معالجة الأسئلة المعقدة من خلال تحليل مجموعة واسعة من الأفكار المحتملة في وقت متزامن، ثم مقارنة هذه الأفكار وتقييمها لاختيار أفضل إجابة ممكنة.

غوغل
غوغل

ويُظهر النموذج الجديد تطورًا ملحوظًا في قدرات الذكاء الاصطناعي، إذ بات قادرًا على القيام بعمليات عقلية تشبه التفكير النقدي والتحليل العميق، حيث يمكنه التنقل بين احتمالات متعددة، واستكشاف سيناريوهات مختلفة قبل الوصول إلى استنتاج نهائي. ويُشير هذا التطور إلى خطوة كبيرة نحو بناء أنظمة ذكاء اصطناعي تتمتع بمرونة فكرية أقرب إلى الإنسان.

وقد أوضحت غوغل ديب مايند أن “Gemini 2.5 Deep Think” تم تدريبه باستخدام تقنيات جديدة تستند إلى ما يُعرف باسم “الاستدلال المتعدد الطبقات”، والتي تتيح للنموذج التعامل مع مستويات أعلى من التعقيد في فهم الأسئلة وصياغة الأجوبة. وبهذه القدرات، يمكن أن يُستخدم النموذج في مجموعة واسعة من التطبيقات المتقدمة، مثل التحليل القانوني، وتفسير البيانات الطبية، والمساعدة في اتخاذ قرارات استراتيجية في مجالات الأعمال والتخطيط.

وتزامنًا مع الإعلان عن إطلاق النموذج، كشفت غوغل أن المستخدمين الذين يشتركون في خدمة “Ultra” الخاصة بـ”Gemini” سيكون بإمكانهم الوصول إلى هذا النموذج الجديد بدءًا من يوم الجمعة. وتبلغ تكلفة هذا الاشتراك الشهري 250 دولارًا ، وهو موجه للمستخدمين المحترفين والشركات التي تحتاج إلى إمكانيات ذكاء اصطناعي متقدمة.

ويُعد إدراج “Gemini 2.5 Deep Think” ضمن اشتراك Ultra مؤشرًا على أن غوغل تستهدف شريحة معينة من المستخدمين القادرين على الاستفادة من هذه القدرات المتقدمة في سيناريوهات عمل معقدة. وقد صرّحت غوغل أن هذا النموذج تم اختباره على نطاق واسع، وأظهر أداءً متميزًا في اختبارات الاستنتاج المنطقي، وتحليل الأسئلة المفتوحة، والمقارنة بين مفاهيم متشابكة.

ويأتي هذا الإعلان في وقت يتزايد فيه التنافس بين شركات التكنولوجيا الكبرى على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر ذكاءً وتخصصًا. فبينما تواصل “أوبن إيه آي”، و”ميتا”، و”أمازون” تطوير نماذجها الخاصة، تسعى غوغل إلى التميز من خلال التركيز على تحسين قدرات التفكير العميق والاستدلال المعقد، وهي المهارات التي تشكل حجر الزاوية في تطوير ذكاء اصطناعي أقرب لما يمكن اعتباره “ذكاءً عامًا”.

ومع إطلاق “Gemini 2.5 Deep Think”، تتطلع غوغل إلى تعزيز موقعها في طليعة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، مستفيدة من البنية التحتية الهائلة التي تملكها، ومن قدرتها على دمج هذه التقنيات في منتجاتها الحالية، مثل محرك البحث، وخدمات السحاب، وتطبيقات الأعمال.

كُشف النقاب عن نموذج “Gemini 2.5 Deep Think” لأول مرة في مايو خلال مؤتمر “غوغل” السنوي للمطورين، وذلك باعتباره أول نموذج متعدد الوكلاء من “غوغل” يُتاح للعامة. ووفقًا لما أورده موقع “TechCrunch” المتخصص في أخبار التكنولوجيا، فإن هذا النموذج يُمثل نقلة نوعية في قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث يعتمد على تفعيل عدة وكلاء ذكاء اصطناعي بالتوازي لمعالجة نفس المهمة، ما يُسهم في تحسين جودة النتائج النهائية.

ويُعد هذا النهج، الذي يعتمد على تعدد الوكلاء، أكثر تطلبًا من الناحية الحوسبية مقارنةً باستخدام وكيل واحد فقط. إلا أن “غوغل” ترى في هذا الأسلوب مستقبلًا للذكاء الاصطناعي، كونه يُنتج إجابات أكثر دقة وعمقًا، خاصة في المسائل المعقدة التي تتطلب استدلالًا متقدمًا وتحليلًا متعدد الأبعاد.

وتؤكد “غوغل” أن “Gemini 2.5 Deep Think” يُعد تطورًا جوهريًا مقارنةً بالإصدار السابق الذي تم الإعلان عنه سابقًا. ومن أجل تعزيز أداء هذا النموذج، طوّرت الشركة تقنيات جديدة في مجال “التعلم التعزيزي” بهدف تحسين قدرات النموذج على اتخاذ قرارات استدلالية ذكية واستخدام طرق تفكير أكثر كفاءة عند معالجة الأسئلة الصعبة.

وفي منشور رسمي على مدونتها، أوضحت “غوغل” أن النموذج الجديد مُصمم لمساعدة المستخدمين في مجالات تتطلب الإبداع، مثل حل المشكلات المعقدة، والتخطيط الاستراتيجي، بالإضافة إلى إجراء تحسينات تدريجية خطوة بخطوة. ويأتي ذلك ضمن إطار سعي الشركة لتقديم أدوات ذكاء اصطناعي قادرة على دعم البشر في تنفيذ المهام التي تستلزم تفكيرًا عالي المستوى.

وقد أحرز “Gemini 2.5 Deep Think” نتائج متميزة في اختبار يُعرف باسم “Humanity’s Last Exam”، وهو اختبار صُمم لقياس مدى قدرة نماذج الذكاء الاصطناعي على الإجابة على آلاف الأسئلة في مجالات متعددة كعلم الرياضيات، والعلوم الطبيعية، والعلوم الإنسانية. ووفقًا لنتائج “غوغل”، فقد حقق النموذج نسبة أداء بلغت 34.8% دون الاستعانة بأي أدوات خارجية، متفوقًا بذلك على نموذج “غروك 4” من شركة xAI الذي حصل على 25.4%، ونموذج “o3” من “OpenAI” الذي سجل 20.3%.

ولم تتوقف إنجازات النموذج عند هذا الحد، إذ أشارت “غوغل” أيضًا إلى تفوق “Gemini 2.5 Deep Think” في اختبار “LiveCodeBench6″، والذي يُعد من بين أصعب التقييمات في مجال البرمجة التنافسية. فقد سجل النموذج نسبة نجاح بلغت 87.6%، مقارنة بـ 79% لنموذج “غروك 4” و72% لنموذج “o3”.

بذلك، يُمكن القول إن “غوغل” تهدف من خلال هذا النموذج إلى ترسيخ موقعها في صدارة سباق الذكاء الاصطناعي العالمي، في مواجهة منافسين كبار مثل “OpenAI”، و”xAI”، و”Anthropic”، عبر تقديم نموذج أكثر ذكاءً وتخصصًا، قادر على التعامل مع تعقيدات المهام البشرية بشكل أكثر فاعلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى