تقنية

غوغل

أعلنت شركة غوغل عن نيتها إيقاف إرسال تقارير الإنترنت المظلم مع بداية العام المقبل، في خطوة تمثل تغييرًا مهمًا في طريقة تعامل الشركة مع خدمات حماية البيانات الشخصية. ويأتي هذا القرار من خلال إيقاف الأداة المجانية التي كانت تتيح للمستخدمين التحقق مما إذا كانت معلوماتهم الشخصية قد ظهرت أو تم تداولها ضمن ما يعرف بالإنترنت المظلم، وهو ذلك الجزء الخفي من الشبكة الذي لا يمكن الوصول إليه عبر محركات البحث التقليدية وغالبًا ما يرتبط بأنشطة غير قانونية أو تسريبات بيانات حساسة.

غوغل
غوغل

وقد لعبت هذه الأداة دورًا مهمًا في تعزيز وعي المستخدمين بمخاطر تسرب البيانات، إذ كانت تمكّنهم من معرفة ما إذا كانت عناوين بريدهم الإلكتروني أو أرقام هواتفهم أو بعض بياناتهم الشخصية الأخرى قد وقعت في أيدي جهات غير موثوقة. وبمجرد ظهور تطابق بين بيانات المستخدم وقواعد بيانات الإنترنت المظلم، كانت غوغل تقوم بإرسال تنبيه يوضح طبيعة التسريب والخطوات المقترحة لتقليل الأضرار المحتملة، مثل تغيير كلمات المرور أو تفعيل وسائل حماية إضافية.

في بداياتها، لم تكن هذه الأداة متاحة لجميع المستخدمين، بل اقتصر استخدامها على المشتركين في خدمة غوغل ون، وهي خدمة مدفوعة تقدم مزايا إضافية مثل التخزين السحابي والدعم الفني المتقدم وبعض أدوات الأمان. وقد أثار هذا الحصر حينها اهتمامًا واسعًا، نظرًا لأهمية الخدمة وحساسية المجال الذي تتعامل معه، ما جعل الكثيرين يرون فيها قيمة مضافة حقيقية للاشتراك.

وفي منتصف عام 2024، قررت غوغل توسيع نطاق الاستفادة من الأداة وجعلها متاحة للجميع دون اشتراك مدفوع، في خطوة فسّرها البعض على أنها محاولة لتعزيز الثقة مع المستخدمين وزيادة الوعي العام بمخاطر الإنترنت المظلم وتسرب البيانات. وقد لاقت هذه الخطوة ترحيبًا كبيرًا، خاصة من المستخدمين الذين لا يرغبون أو لا يستطيعون الاشتراك في خدمات مدفوعة، لكنها في الوقت نفسه رفعت من سقف التوقعات بشأن استمرار الأداة وتطويرها.

إلا أن إعلان غوغل عن إيقاف هذه التقارير ابتداءً من مطلع العام المقبل أثار تساؤلات عديدة حول الأسباب الحقيقية وراء هذا القرار. فبينما لم توضح الشركة بشكل مفصل الدوافع، يرى بعض المراقبين أن الأمر قد يكون مرتبطًا بتغييرات في استراتيجيتها أو بتكاليف تشغيلية أو حتى بتوجهات جديدة في مجال الخصوصية وحماية البيانات. كما يعتقد آخرون أن غوغل قد تسعى إلى دمج هذه الميزة مستقبلًا ضمن خدمات أخرى أو تقديم بدائل مختلفة تعتمد على أساليب حماية أكثر تقدمًا.

وبغض النظر عن الأسباب، فإن هذا القرار يعيد تسليط الضوء على أهمية وعي المستخدمين بدورهم في حماية بياناتهم الشخصية، وعدم الاعتماد الكامل على الأدوات التقنية وحدها. فمع تزايد الهجمات الإلكترونية وتسريبات البيانات، يصبح من الضروري اتباع ممارسات أمان رقمية سليمة، مثل استخدام كلمات مرور قوية وفريدة، وتفعيل التحقق بخطوتين، ومتابعة أي نشاط غير معتاد على الحسابات المختلفة، لضمان قدر أكبر من الأمان في عالم رقمي يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم.

عند تفعيل هذه الميزة يحصل المستخدم على إشعار فوري في حال تم رصد اسمه أو بريده الإلكتروني أو رقم هاتفه منشورًا أو متداولًا على شبكة الإنترنت وغالبًا ما يحدث ذلك نتيجة تعرض قواعد بيانات الشركات أو الخدمات الرقمية لعمليات اختراق وتسريب للمعلومات الشخصية وقد أشار تقرير تقني إلى أن هذه التنبيهات تهدف أساسًا إلى زيادة وعي المستخدمين بالمخاطر المحتملة المرتبطة بتسرب بياناتهم الشخصية على الشبكة وخاصة في البيئات غير الآمنة مثل الإنترنت المظلم حيث يتم تداول هذه المعلومات بطرق غير قانونية

ووفقًا لما جاء في تقرير تقني متخصص فقد أعلنت غوغل عبر رسالة إلكترونية موجهة للمستخدمين عن قرارها إيقاف هذه الأداة التي كانت مخصصة لإرسال تقارير حول ظهور البيانات الشخصية في الإنترنت المظلم وأوضحت الشركة أن هذا القرار جاء بعد مراجعة ملاحظات المستخدمين وتعليقاتهم التي أظهرت أن هذه التقارير لا تقدم فائدة عملية حقيقية بعد تنبيه المستخدم بوجود تسريب إذ تكتفي فقط بعرض المعلومة دون إرشاده إلى الخطوات اللاحقة التي يمكن اتخاذها لحماية نفسه أو تقليل الأضرار

وكانت التقارير التي توفرها الأداة تركز على إبلاغ المستخدم بأن بعض بياناته الشخصية قد ظهرت على الإنترنت المظلم كما تتيح له الاطلاع على سجل كامل بجميع التنبيهات المرتبطة بحسابه على غوغل إضافة إلى معرفة مصدر التسريب أو خرق البيانات الذي أدى إلى ظهور هذه المعلومات ومع ذلك فإن المشكلة الأساسية كانت في غياب الإرشادات العملية حيث لم يكن التقرير يقدم نصائح واضحة أو خطوات مباشرة تساعد المستخدم على التصرف بشكل صحيح بعد اكتشاف التسريب مثل تغيير كلمات المرور أو التواصل مع الجهات المعنية أو اتخاذ تدابير أمنية إضافية

وأكدت غوغل في توضيحاتها أنها تعتزم تغيير استراتيجيتها في هذا المجال والتركيز بدلًا من ذلك على تطوير أدوات وخدمات جديدة تمنح المستخدمين إرشادات واضحة وقابلة للتنفيذ وتهدف هذه الأدوات إلى مساعدة الأفراد على حماية بياناتهم بشكل أفضل والتعامل بفعالية مع أي اختراق محتمل بدل الاكتفاء بمجرد التنبيه دون حلول عملية

وفيما يتعلق بالجدول الزمني للتغيير أوضحت غوغل أنها ستتوقف عن رصد أي نتائج جديدة تتعلق بالإنترنت المظلم ابتداءً من الخامس عشر من يناير عام ألفين وستة وعشرين وبعد ذلك بفترة قصيرة ستقوم الشركة بإزالة إمكانية الوصول إلى هذه التقارير بشكل كامل من حسابات المستخدمين وذلك في السادس عشر من فبراير من العام نفسه وبذلك لن يعود بإمكان المستخدمين الاطلاع على التنبيهات السابقة أو متابعة أي تسريبات جديدة عبر هذه الأداة

ويعكس هذا القرار توجهًا أوسع لدى شركات التكنولوجيا الكبرى نحو إعادة تقييم أدوات الخصوصية والأمان التي تقدمها للمستخدمين والتركيز على الحلول التي تجمع بين التوعية والتمكين العملي بما يساعد الأفراد على فهم المخاطر الرقمية والتعامل معها بوعي أكبر في عالم يشهد تزايدًا مستمرًا في الهجمات الإلكترونية وتسريب البيانات الشخصية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى