تقنية

أبل

تواجه شركة “أبل” الأمريكية ضغوطًا متزايدة من الاتحاد الأوروبي، إذ تقترب من مواجهة لائحة اتهام جديدة من هيئات مكافحة الاحتكار التابعة للتكتل الأوروبي، وذلك بسبب مزاعم بانتهاكها لقانون الخدمات الرقمية الذي دخل حيز التنفيذ مؤخرًا. وتأتي هذه الخطوة بعد أن فُرضت على الشركة غرامة ثقيلة بلغت نحو 500 مليون يورو (ما يعادل 579 مليون دولار أمريكي) في وقت سابق من هذا العام، بسبب ممارسات مشابهة تتعلق بتقييد المنافسة في متجر تطبيقاتها.

ابل
ابل

وبحسب مصادر مطلعة على القضية، فإن مهلة نهائية قد تم تحديدها وتنتهي في 26 يونيو، وهي تمنح “أبل” فرصة أخيرة لتعديل سياساتها المتعلقة بمتجر التطبيقات الخاص بها (App Store). وإذا لم تمتثل الشركة قبل هذا التاريخ، فإن الاتحاد الأوروبي يعتزم إصدار تحذير رسمي لها قد يُفضي لاحقًا إلى توجيه لائحة اتهام جديدة.

وتركّز السلطات الأوروبية في هذه المرحلة على ما تعتبره تقييدًا غير قانوني من قبل “أبل” للمطورين الذين يستخدمون متجر التطبيقات لتوزيع برامجهم. وتحديدًا، فإن القضية تتعلق بمنع هؤلاء المطورين من إبلاغ المستخدمين عن خيارات أخرى قد تكون أقل تكلفة خارج النظام البيئي لأبل، وهو ما ترى فيه بروكسل ممارسة احتكارية تهدف إلى إبقاء المستخدمين محصورين ضمن خدمات “أبل” فقط، ومنع التنافس الحر.

ويرى المسؤولون الأوروبيون أن هذه الممارسات تعرقل حرية السوق وتحد من خيارات المستهلك، مما يشكل انتهاكًا مباشرًا لقواعد قانون الخدمات الرقمية الجديد، الذي يهدف إلى ضمان قدر أكبر من الشفافية والانفتاح في التعامل مع المستخدمين داخل الفضاء الرقمي الأوروبي.

وتصرّ “أبل”، من جهتها، على أن سياساتها تهدف إلى حماية المستخدمين وضمان الأمان في عمليات الدفع وتنزيل التطبيقات، إلا أن هذا التبرير لم يعد مقنعًا للهيئات التنظيمية الأوروبية، التي تعتبر أن استمرار هذه السياسات يضر بالمنافسة ويمنع المستخدمين من الاستفادة من أسعار أفضل وخيارات أوسع.

في حال قررت المفوضية الأوروبية المضي قدمًا في إصدار لائحة اتهام، فقد يترتب على ذلك اتخاذ إجراءات قانونية إضافية ضد “أبل”، وربما فرض غرامات مالية جديدة أو إجبارها على إجراء تغييرات جذرية في طريقة عمل متجرها داخل دول الاتحاد.

وتعد هذه المواجهة الجديدة جزءًا من حملة أوسع يشنّها الاتحاد الأوروبي ضد شركات التكنولوجيا الكبرى مثل “أبل”، و”أمازون”، و”غوغل”، و”ميتا”، لضمان امتثالها للتشريعات الرقمية الأوروبية الجديدة، والتي تهدف إلى كبح النفوذ المتزايد لهذه الشركات على الاقتصاد الرقمي والمستخدمين الأوروبيين.

ومن المتوقع أن تراقب صناعة التكنولوجيا العالمية تطورات هذه القضية عن كثب، لما لها من تأثير مباشر على سياسات الأسواق الرقمية وعلى مستقبل العلاقة بين شركات التكنولوجيا الكبرى والحكومات، في أوروبا وخارجها.

تواجه شركة “أبل” خطر التعرض لعقوبات مالية جديدة من قبل الاتحاد الأوروبي، في حال عدم امتثالها لمتطلبات قانون الأسواق الرقمية (DMA). ووفقًا لتقرير صادر عن وكالة “بلومبرغ” فإن المفوضية الأوروبية قد تفرض على الشركة غرامات يومية تصل إلى 5% من متوسط إيراداتها العالمية اليومية، وذلك عن كل يوم تستمر فيه أبل في عدم الامتثال للمعايير المفروضة.

وأفادت مصادر مطلعة أن شركة “أبل” ما تزال تملك فرصة لتفادي هذه الغرامات التصعيدية في حال سارعت إلى تقديم مقترح شامل ومقنع يعالج الانتهاكات التي يُعتقد أنها ارتكبتها في إطار القانون الأوروبي الجديد. ويهدف قانون الأسواق الرقمية إلى فرض ضوابط صارمة على شركات التكنولوجيا الكبرى لمنعها من احتكار الأسواق الرقمية وتعزيز المنافسة.

وكانت المفوضية الأوروبية قد فرضت في 23 أبريل غرامة على “أبل” في اليوم نفسه الذي تم فيه معاقبة شركة “ميتا”، المالكة لفيسبوك وإنستغرام، بمبلغ 200 مليون يورو، بسبب ممارساتها المتعلقة بخدمة “الدفع أو الموافقة” التي تقدمها للمستخدمين الأوروبيين لتفادي الإعلانات. وتُعد هذه الغرامات بمثابة إشارة قوية إلى جدية الاتحاد الأوروبي في تطبيق القانون الجديد على كبرى شركات التكنولوجيا الأمريكية.

ويُذكر أن المفوضية الأوروبية وجدت أن كلًا من “أبل” و”ميتا” انتهكتا متطلبات قانون الأسواق الرقمية، والذي يضع مجموعة من الالتزامات التي يتعين على “حراس البوابة الرقميين” — وهو الوصف الذي يُطلق على الشركات المهيمنة — الالتزام بها، من بينها الشفافية، وعدم تفضيل الخدمات الذاتية على حساب المنافسين، وفتح منصاتها أمام خيارات أخرى.

ورغم عدم وضوح الخطوة التالية حتى الآن، أشار متحدث رسمي باسم المفوضية إلى أن “أبل” لا تزال تملك الوقت لتقديم عرض مناسب يُعالج المخاوف المثارة، مؤكداً في الوقت نفسه أن الجهات التنظيمية لن تتردد في اتخاذ الإجراءات اللازمة إذا ما استمرت الشركة في مخالفة التزاماتها.

وكان رد “أبل” على غرامة أبريل شديد اللهجة، إذ اتهمت الجهات التنظيمية الأوروبية بالتمييز ضدها والسعي لإجبارها على تقديم تقنياتها بشكل مجاني، وهو ما اعتبرته الشركة غير عادل. كما أن “أبل” سبق وأن فُرضت عليها في العام الماضي غرامة بقيمة 1.8 مليار يورو من قبل الاتحاد الأوروبي، بسبب ممارسات اعتُبرت أنها أقصت من خلالها منافسيها في مجال بث الموسيقى على أجهزة آيفون.

ولا تُعد هذه الحادثة الأولى من نوعها في مسار المواجهة بين شركات التكنولوجيا الكبرى والاتحاد الأوروبي، إذ فرضت المفوضية خلال السنوات الماضية غرامات مالية ضخمة على شركات أخرى مثل “غوغل”، بلغت أكثر من 8 مليارات دولار، كما أمرت شركة “أبل” سابقًا بسداد ضرائب متأخرة قيمتها 13 مليار يورو إلى أيرلندا، في إطار الجهود المستمرة لتنظيم النشاط التكنولوجي في السوق الأوروبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى