تقنية

الذكاء الاصطناعي

تواصل شركة “يام تشاينا القابضة”، التي تدير سلاسل مطاعم “كنتاكي” و”بيتزا هت” في الصين، دفع عجلة الابتكار من خلال الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي، بهدف تعزيز كفاءتها التشغيلية وتحسين تجربة العملاء في فروعها المنتشرة في مختلف أنحاء البلاد. وفي خطوة استراتيجية تعكس التوجه المتسارع نحو التحول الرقمي، أطلقت الشركة مساعداً ذكياً يحمل اسم “كيو-سمارت” (KYU Smart) ، وهو نظام تقني متطور يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، ليكون جزءاً أساسياً من بيئة العمل داخل المطاعم.

 الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي

وصرّحت ليلى تشانغ ، رئيسة قسم التكنولوجيا في يام تشاينا، بأن إطلاق “كيو-سمارت” يمثل نقلة نوعية في طريقة إدارة العمليات اليومية، حيث يساهم النظام بشكل مباشر في تقليل معدلات الهدر، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للعملاء، إلى جانب خفض التكاليف المرتبطة بالموارد البشرية. وأوضحت أن النظام الجديد قادر على أداء مهام متعددة، منها تنظيم الجداول الزمنية للموظفين بشكل أكثر دقة وكفاءة، بما يتناسب مع ذروة العمل في كل فرع، ما يضمن وجود عدد كافٍ من العاملين في أوقات الذروة وتقليل الفائض في الأوقات الهادئة.

ولا يقتصر دور “كيو-سمارت” على الجوانب الإدارية فحسب، بل يمتد أيضاً إلى مراقبة المخزون بشكل لحظي، ما يساعد على تفادي النقص المفاجئ في المواد الأساسية أو تراكم الفائض، وذلك من خلال تحليلات دقيقة تعتمد على البيانات المتوفرة من كل فرع. كما يستطيع المساعد الذكي التنبؤ بالطلب المستقبلي بناءً على سلوك الزبائن والبيانات التاريخية، مما يسمح باتخاذ قرارات دقيقة بشأن عمليات التوريد وتحضير الوجبات.

الأمر اللافت أن “كيو-سمارت” قادر أيضاً على المشاركة في عملية إعداد الطعام، حيث تم تزويده بوحدات ذكية تدعم الأتمتة الجزئية في المطبخ، مثل تحضير بعض المكونات أو متابعة درجات الحرارة أثناء الطهي. هذا النوع من التكامل بين الذكاء الاصطناعي والمهام اليومية يعزز من سرعة الأداء ويقلل من فرص الخطأ البشري، مما يرفع من مستوى رضا العملاء ويمنح الموظفين فرصة للتركيز على الجوانب التي تتطلب تفاعلاً مباشراً مع الزبائن.

وتعكس هذه المبادرة التزام يام تشاينا بتبني أحدث الابتكارات التكنولوجية لضمان التميز التشغيلي في سوق شديدة التنافسية، مثل السوق الصينية. كما تسعى الشركة إلى بناء منظومة ذكية متكاملة تربط بين جميع عناصر سلسلة القيمة، بدءاً من التوريد، ومروراً بالإنتاج والخدمة، ووصولاً إلى إدارة تجربة العملاء.

وبينما تتجه أنظار قطاع المطاعم في العالم إلى كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، تبدو يام تشاينا في موقع الريادة، واضعة نموذجاً يمكن أن يُحتذى به عالمياً في استخدام التكنولوجيا ليس فقط لتحسين الكفاءة، بل أيضاً لتقديم خدمة أكثر سرعة ودقة وملاءمة لاحتياجات المستهلكين.

في مقابلة صحفية مع موقع “South China Morning Post”، صرّحت جوي تشانغ، إحدى القيادات في شركة “يام تشاينا”، بأن الشركة تركز حاليًا على تطوير أدوات ذكية تهدف إلى تعزيز كفاءة مديري المطاعم، ما يتيح لهم مزيدًا من الوقت لتحسين جودة خدمة العملاء والارتقاء بتجربتهم. وأكدت تشانغ أن هذه الاستراتيجية التقنية تمثل امتدادًا للنهج الرقمي المتقدم الذي تنتهجه الشركة منذ سنوات، مشيرة إلى أن “يام تشاينا” كانت من أوائل الشركات التي اعتمدت أنظمة الدفع الرقمية في مطاعم الوجبات السريعة بالصين، وذلك في عام 2015.

واصلت الشركة تقدمها الرقمي اللافت خلال السنوات التالية

ففي عام 2024 شكّلت الطلبات الرقمية نحو 90% من إجمالي مبيعاتها، وهو ما يعكس التحول العميق في سلوك المستهلكين في الصين، ويُعزى جزء كبير من هذا النجاح إلى برنامج الولاء الذي تديره الشركة، والذي يضم أكثر من 540 مليون عضو. هذا البرنامج لا يسهم فقط في زيادة الولاء، بل يُعد مصدرًا غنيًا بالبيانات التي تُوظفها الشركة لتحسين استراتيجيات التسويق وتخصيص العروض.

وفي الربع الأول من عام 2025، قامت “يام تشاينا” بافتتاح 247 فرعًا جديدًا، مما رفع إجمالي عدد فروعها إلى 16,642 فرعًا في مختلف أنحاء الصين. هذا التوسع المتسارع رافقه أيضًا نمو ملحوظ في الأداء المالي، حيث ارتفعت مبيعات الشركة بنسبة 1% لتصل إلى 2.98 مليار دولار، كما زاد صافي الدخل بنسبة 1.7% ليبلغ 292 مليون دولار، وهو أعلى مستوى تحققه الشركة منذ عام 2016، ما يعكس نجاح الاستراتيجية الرقمية والتوسعية المتبعة.

وترى تشانغ أن الصين تشهد تحولًا رقميًا سريعًا تدعمه الطفرة الكبيرة في قطاع التجارة الإلكترونية، التي بلغت قيمتها نحو 2.2 تريليون دولار في عام 2024. وأوضحت أن هذا النمو يُشكّل بيئة خصبة للابتكار التكنولوجي، ويدفع الشركات إلى التكيف بسرعة أكبر مع الأدوات الرقمية والذكاء الاصطناعي.

وفي هذا الإطار، تعمل “يام تشاينا” على بناء منظومة رقمية متكاملة تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي من أجل تحسين إدارة المخزون، وسلاسل الإمداد، والخدمات اللوجستية، من خلال دمج البيانات بين الموردين والفروع ومراكز التوزيع. هذا التكامل يُسهم في تحسين الكفاءة التشغيلية، وتقليل الفاقد، وتسريع الاستجابة لاحتياجات السوق.

ويؤكد خبراء في قطاع العلامات التجارية أن هذه الخطوات تمنح “يام تشاينا” ميزة تنافسية قوية، من خلال تعزيز قدرتها على التفاعل السريع مع التغيرات في الطلب، وتقديم تجربة أكثر مرونة وتخصيصًا للعملاء. كما أن الاستفادة من البيانات الضخمة والتحليلات الذكية تجعل الشركة في موقع ريادي ضمن قطاع مطاعم الوجبات السريعة في السوق الصيني، الذي يُعد من أكثر الأسواق ديناميكية في العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى