المكالمة
تلقي المكالمات من أرقام مجهولة أصبح مصدر إزعاج شائعًا في الوقت الحاضر. قد تكون هذه المكالمات من مسوقين عبر الهاتف، أو قد تكون من محتالين يسعون لسرقة معلوماتك الشخصية وأموالك أو السيطرة على جهازك باستخدام أساليب خداعية.
وفي عصرنا الحالي، حيث تهيمن الاتصالات الرقمية، أصبحت عمليات الاحتيال عبر المكالمات الهاتفية أكثر انتشارًا. ومع التقدم التكنولوجي الكبير وظهور الذكاء الاصطناعي، أصبحت المكالمات الاحتيالية أكثر إقناعًا وصعوبة في الكشف. لكن رغم ذلك، لا توجد جريمة كاملة، ودائمًا ما تظهر علامات أو ثغرات تشير إلى أن المكالمة قد تكون غير موثوقة. وفي هذا المقال، سنعرض أبرز النقاط التي تساعدك في التمييز بين المكالمات الاحتيالية والمكالمات الشرعية.
تنبيه المكالمات الاحتيالية
قد تظهر لك رسالة على هاتفك تنبهك بأن المكالمة الواردة قد تكون مكالمة احتيالية. هذه الطريقة تعد من أسهل الوسائل للكشف عن هذا النوع من المكالمات، وأفضل إجراء يمكنك اتخاذه هو حظر الرقم المتصل.
تتوفر هذه الميزة في العديد من الهواتف الذكية، مثل “آيفون” و”بكسل”، لكنها قد تكون متاحة فقط في بعض اللغات والمناطق. يعتمد ظهور هذه الميزة على مزود خدمة الاتصالات في بلدك.
ومع زيادة المكالمات التسويقية، اتخذت العديد من شركات الاتصالات اللاسلكية خطوات للكشف التلقائي عن المكالمات الواردة من مصادر غير مرغوب فيها، مثل المسوقين والمحتالين. تعتمد هذه الشركات على قاعدة بيانات تحتوي على أرقام معروفة للمحتالين والمسوقين، وعند تطابق الرقم مع هذه القاعدة، يتم عرض التنبيه على المكالمة بأنها قد تكون احتيالية.
البحث عن الرقم في الإنترنت
إحدى الطرق الفعالة لمعرفة هوية المتصل هي البحث عن الرقم عبر الإنترنت، حيث تعد مواقع التواصل الاجتماعي من الأدوات المفيدة للغاية في ذلك. كثير من الأشخاص يشاركون تحذيرات حول الأرقام الاحتيالية لتجنب الوقوع في فخها. يمكنك استخدام “فيسبوك” أو “إكس” للبحث عن الرقم مباشرة في شريط البحث، أو إضافة كلمة “سكام” (Scam) مع الرقم للحصول على نتائج أكثر دقة.
يمكنك أيضا الاستفادة من محرك البحث “غوغل” للبحث عن الرقم بشكل مخصص عن طريق وضع الرقم بين علامتي تنصيص (مثل “رقم المتصل”) ثم الضغط على “بحث”. ستظهر لك المواقع التي تتحدث عن هذا الرقم، وفي حال كان رقماً احتيالياً، من المحتمل أن تجد نتائج من منصات مثل “ريديت” و”كورا”. وإذا لم تظهر أي نتائج، فقد يكون الرقم جديدًا ولم يتم الإبلاغ عنه بعد.
من الخيارات الأخرى المتاحة، يمكنك استخدام تطبيقات ومواقع مخصصة للبحث عن هوية المتصلين مثل “تروكولر” (Truecaller)، بالإضافة إلى خدمات أخرى مشابهة مجانية ومدفوعة. رغم أن هذه الأدوات لا تستطيع تحديد ما إذا كانت المكالمة احتيالية أم لا، إلا أنها تساهم في الكشف عن هوية المتصل.
الرد على المكاملة
أكثر وسيلة فعّالة لتحديد المكالمات الاحتيالية هي الرد عليها ببساطة. لا يوجد أي خطر من الإجابة على هذه المكالمات، حيث أن المحتال لن يتمكن من القيام بأي شيء ما لم تتفاعل معه. في هذا السياق، سنستعرض أبرز العلامات التي قد تشير إلى أن المتصل هو محتال.
طلب المعلومات الحساسة
في معظم الحالات، يتقمص المحتالون شخصية دعم العملاء ويبدأون في طلب معلومات حساسة وتفاصيل شخصية. لكن يجب أن تكون واثقًا أن دعم العملاء لا يطلب منك أبدًا تفاصيل تسجيل الدخول الخاصة بك. في بعض الأحيان قد يطلبون منك الإجابة على أسئلة الأمان، لكن ليس كلمة مرورك.
في الواقع، لا ينبغي لك أن تقدم تفاصيلك الشخصية أو كلمة مرورك لأي شخص يتصل بك، مثل عنوان منزلك، تاريخ ميلادك، أو بريدك الإلكتروني. من المهم أن تعرف أن دعم العملاء لن يتصل بك إلا إذا كنت قد تواصلت مع الدعم الفني بنفسك. من الشائع أن يتظاهر المحتالون بأنهم جزء من فريق الدعم، لذا يمكنك التأكد تمامًا من أن الأمر عملية احتيال إذا لم تكن قد طلبت المساعدة.
التكلم بفظاظة وعدوانية عندما تواجهه
من المهم أن تعلم أن المحتال لا يولي اهتمامًا لمصلحتك، وقد يصبح عدائيًا وفظًا إذا شعرت أنه لن يحصل على تعاون منك. إذا بدأ المتصل باستخدام الإهانات أو الصراخ، فهذا غالبًا يشير إلى محاولة لخداعك، خاصة إذا رفضت الاستجابة له. حتى لو كانت نوايا المتصل تبدو صادقة، فإن التعامل مع هذا النوع من الأشخاص لا يكون مفيدًا.
في هذه الحالة، يُنصح بإغلاق الهاتف فورًا دون محاولة التفاوض، لأن تهدئة المواقف مع هؤلاء الأشخاص غالبًا ما تكون غير مجدية. وإذا ادعى المتصل أنه موظف في إحدى الشركات، من الأفضل أن تُبلغ تلك الشركة بما حدث.
التهديدات القانونية
غالبًا ما يعتمد المحتالون على زرع الخوف للحصول على المعلومات التي يريدونها منك. إحدى أساليبهم هي تهديدك باتخاذ إجراءات قانونية ضدك. على سبيل المثال، قد يدّعي المتصل أنك مدين بأموال لشراء سيارة ويبدأ في تهديدك بالعواقب المترتبة على عدم دفع المبلغ، بهدف تخويفك ودفعك للسداد.
وإذا لم تتعاون، قد يهددك بالاتصال بالشرطة. يتحدث معك أحيانًا بطريقة واثقة، دون أن يكون فظًا أو عدوانيًا، مما يجعل من الصعب اكتشاف هذه الأنواع من الاحتيال. وللتأكد من صحة المكالمة وتجنب الوقوع في فخ الاحتيال، يُنصح بالاتصال بالجهات الرسمية المعنية للتحقق من مدى شرعية المكالمة.
العروض الترويجية المزيفة
تستخدم الشركات المكالمات الهاتفية كوسيلة للترويج لمنتجاتها، مما قد يجذب العديد من الأشخاص. لكن المحتالين يستغلون هذا الأسلوب لتقديم عروض ترويجية أو مكافآت مبالغ فيها.
من الأفضل تجاهل مثل هذه المكالمات، ويمكنك التحقق من صحة العروض عبر زيارة الموقع الرسمي للشركة أو المتجر. كما يجب أن تضع في اعتبارك أن المحتالين قد يستفيدون من معلوماتك الشخصية المتاحة على وسائل التواصل الاجتماعي لتخصيص عروضهم، لذا من المهم تعزيز خصوصيتك.
المعلومات الغامضة
لا يقدم المحتالون معلومات مفصلة في مكالماتهم المخادعة، على عكس الأشخاص العاديين الذين يحرصون على تقديم أكبر قدر ممكن من التفاصيل. على سبيل المثال، إذا تلقيت مكالمة تدعي أنك فزت في مسابقة، فقد لا يتم الكشف عن كافة التفاصيل الأساسية. وبالمثل، إذا تم إخبارك بمشكلة ما، قد لا يتم شرح الأسباب بشكل كامل.
المحتالون يستخدمون الذكاء الاصطناعي في المكالمات الهاتفية
مع تزايد انتشار الذكاء الاصطناعي، أصبح لدى المحتالين أدوات جديدة لزيادة عدد ضحاياهم وجعل هجماتهم أكثر إقناعًا وربحًا. فقد تمكنوا من استخدام التقنيات الحديثة لتعديل المكالمات الهاتفية وجعلها تبدو أكثر واقعية. على سبيل المثال، يمكنهم استخدام مقاطع صوتية لأشخاص تعرفهم مثل أصدقائك أو أفراد عائلتك، ثم دمجها لإنشاء محادثة مفبركة معك وتوجيهك كما يشاؤون.
تُعد المكالمات الاحتيالية المدعومة بالذكاء الاصطناعي تحديًا كبيرًا للكثير من المستخدمين. أهم ما يمكنك فعله في هذه الحالات هو التحلي بالحذر والذكاء. فلن تقع في فخ هذه المكالمات إلا إذا تصرفت بما يريده المحتال. إذا تلقيت مكالمة من رقم مجهول يدعي أنه أحد أصدقائك ويبدأ في طلب معلومات شخصية أو تحويلات مالية، يمكنك ببساطة الاتصال بصديقك للتحقق مما إذا كان هو المتصل أم لا. كما يمكنك طرح بعض الأسئلة الشخصية التي قد لا يستطيع المحتال الإجابة عليها.
من المهم أيضًا أن تتذكر أنه لا يجب عليك تقديم أي معلومات شخصية أو سرية حتى لأدوات الذكاء الاصطناعي، حتى إذا كنت تدرك ذلك. فقد تم تسجيل حالات لاختراق معلومات المستخدمين بسبب تقديمهم تفاصيل حساسة لهذه الأدوات.
على الرغم من أن تقنيات الذكاء الاصطناعي في المكالمات الهاتفية أصبحت أكثر دقة، إلا أن هناك أيضًا أدوات فعالة لمكافحة استخدامها في الأغراض الخبيثة. لذلك، لا داعي للقلق بشكل مفرط، لكن يجب أن تكون دائمًا حذرًا.