تقنية

لينوفو

في السنوات الأخيرة أصبحت شركة لينوفو أكثر اهتماما بتسريع حضورها في ميدان الذكاء الاصطناعي، وبدأت تتعامل مع هذا التوجه باعتباره محورا رئيسيا لنمو أعمالها المستقبلية. ومن أبرز الخطوات التي ركزت عليها الشركة تطوير وكيل ذكي شخصي ترى أنه سيشكل نقطة تحول في سوق الأجهزة المعززة بالذكاء الاصطناعي حتى مع استمرار الاضطرابات العالمية التي تعاني منها أسواق شرائح الذاكرة. هذا التوجه يعكس قناعة إدارة لينوفو بأن المستقبل القريب سيشهد اندماجا أعمق بين قدرات الذكاء الاصطناعي واحتياجات المستخدم اليومية سواء على مستوى المستهلك الفردي أو المؤسسات.

لينوفو
لينوفو

وقد أوضح رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي يانغ يوانتشينغ في تصريحاته يوم الخميس أن الشركة تعمل حاليا على التحضير لإطلاق عالمي للوكيل الذكي الجديد خلال شهر يناير القادم. وأشار إلى أن هذا الوكيل يعتمد على نماذج متقدمة من الذكاء الاصطناعي القادرة على فهم نوايا المستخدم قبل أن يطلبها بشكل مباشر وذلك من خلال دمجه في الأجهزة المحمولة والحواسيب الشخصية ومنظومات الحوسبة الموثوقة التي توفر بيئة آمنة لمعالجة البيانات. هذا النوع من الوكلاء الذكيين لا يقتصر فقط على تنفيذ الأوامر بل يحاول التنبؤ بما يحتاجه المستخدم اعتمادا على تحليل أنماط الاستخدام والسياقات اليومية مما يجعله أقرب إلى مساعد شخصي يعمل باستمرار على تسهيل المهام وتبسيط التجربة التقنية.

وتشير رؤية لينوفو إلى أن تقديم هذا النوع من الوكلاء الذكيين سيمنحها موقعا تنافسيا متقدما خصوصا في ظل سباق مستمر بين الشركات العالمية لإعادة تعريف ما يمكن للأجهزة الذكية القيام به. فبدلا من الاكتفاء بقدر محدود من الوظائف التقليدية تهدف الشركة إلى جعل الأجهزة قادرة على التعلم والتكيف والتفاعل مع المستخدم بصورة أكثر طبيعية. ومع تزايد الطلب العالمي على الحلول المعتمدة على الذكاء الاصطناعي ترى لينوفو أن الاستثمار في هذه التقنيات سيعزز قدرتها على تجاوز التحديات التي تواجه قطاع الإلكترونيات وخاصة التقلوبات التي يشهدها سوق الشرائح والذاكرة.

ويأتي إطلاق الوكيل الذكي ضمن إطار استراتيجية أوسع تتبناها لينوفو تحت مسمى الذكاء الاصطناعي الهجين وهي استراتيجية تهدف إلى دمج الذكاء الاصطناعي السحابي مع الذكاء الاصطناعي الذي يعمل مباشرة على الجهاز نفسه بحيث يحصل المستخدم على أداء أكثر سرعة وخصوصية وأمانا. وتطمح الشركة من خلال هذه الرؤية إلى تقديم تجربة متكاملة تتراوح بين الاستخدام الفردي وحلول الأعمال التي تحتاج إلى مستويات أعلى من الاعتمادية والكفاءة.

كما تهدف هذه الاستراتيجية إلى خلق منظومة متكاملة من الخدمات والأجهزة التي تتواصل فيما بينها وتسمح بتحقيق أقصى استفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي سواء في العمل أو التعليم أو الترفيه. وتعتقد لينوفو أن المستقبل سيعتمد على تعاون وثيق بين الأجهزة والبرامج والخدمات بحيث يعمل كل جزء لدعم الآخر وتوفير تجربة سلسة للمستخدم. ولهذا تسعى إلى ابتكار تقنيات جديدة تستجيب لحاجات السوق وتتماشى مع التطورات السريعة التي يشهدها العالم. وهكذا تأمل لينوفو أن يعزز الوكيل الذكي الجديد حضورها العالمي ويمنحها فرصة لقيادة موجة جديدة من الابتكار في سوق التكنولوجيا الذكية.

في الربع المالي الثاني المنتهي في 30 سبتمبر، استطاعت شركة لينوفو تحقيق إيرادات وصلت إلى عشرين فاصل خمسة مليار دولار، وهو رقم يعكس نموا واضحا بنسبة خمسة عشر في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. هذا الأداء وضع الشركة عند مستوى يفوق ما حققته خلال ذروة الجائحة، إذ تمكنت من تجاوز أفضل نتائجها السابقة بفضل توسعها في مجالات ترتبط بالذكاء الاصطناعي. وقد أشارت الشركة إلى أن السبب الأساسي وراء هذا الارتفاع يكمن في الزيادة الكبيرة في مبيعات خوادم الذكاء الاصطناعي، إلى جانب تسجيل نمو قوي تجاوز حدود النمو التقليدي في مبيعات الحواسيب والهواتف الذكية والخدمات التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهو ما أسهم في تعزيز مكانة الشركة في سوق يشهد تحولات متسارعة.

ورغم الارتفاع الملحوظ في الإيرادات، تراجع صافي الربح بنسبة خمسة في المئة ليصل إلى ثلاثمئة وأربعين مليون دولار. ويعكس هذا التراجع الضغوط التي تواجهها الشركة نتيجة التغيرات الحاصلة في سوق مكونات الحوسبة، خصوصا مع الارتفاع الكبير في أسعار شرائح الذاكرة العالمية.

في هذا السياق، أكد الرئيس التنفيذي يانغ أن الشركة ما تزال متماسكة أمام أزمة ارتفاع أسعار شرائح الذاكرة، موضحا أن لينوفو تمتلك مخزونا كافيا وتعتمد عقودا طويلة الأجل مع أكبر الموردين، مما يمنحها قدرة أكبر على إدارة التحديات مقارنة بغيرها. وأشار إلى أن الثقة كبيرة في قدرة الشركة على تجاوز الظروف الطارئة وإدارة الموقف بكفاءة أعلى من الكثير من المنافسين.

ويأتي هذا في ظل موجة ارتفاع شاملة طالت أسعار شرائح الذاكرة نتيجة تحول واضح لدى الشركات المصنعة التي باتت تركز على تلبية الطلب المتزايد من مراكز البيانات ومشروعات الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي أدى إلى تقليص المعروض المتاح للأجهزة الاستهلاكية التقليدية. فقد شهدت بعض شرائح الذاكرة من نوع دي رام ارتفاعا تجاوز مئة وواحدا وسبعين في المئة خلال الربع الثالث، بينما صعدت أسعار شرائح دي دي آر خمسة بأكثر من ثلاثة أضعاف منذ سبتمبر. هذه القفزات تركت أثرا مباشرا على الشركات التي تعتمد على هذه المكونات في منتجاتها.

ووفق مذكرة بحثية صادرة عن مؤسسة مورغان ستانلي، فإن الزيادة الكبيرة في أسعار الذاكرة فرضت ضغطا ملحوظا على هوامش أرباح لينوفو، وقد تستمر الأزمة حتى العام المقبل، رغم توقعات المؤسسة بأن لينوفو ستكون الأكثر قدرة على التكيف بين الشركات الآسيوية العاملة في هذا القطاع، بفضل استعداداتها المسبقة واستراتيجياتها المتوازنة في إدارة التوريد.

في المقابل، جاءت تحذيرات من شركة شاومي التي ترى أن ارتفاع أسعار الذاكرة سينعكس مباشرة على أرباح مصنعي الهواتف الذكية. وأوضح رئيس الشركة لو ويبينغ أن هذه الظروف قد تدفع بعض الشركات إلى التراجع أو الخروج من السوق نهائيا، مشيرا إلى أن مرحلة الاضطرابات تكشف دائما عن الشركات الأكثر استعدادا وقدرة على الصمود من خلال امتلاك موارد مالية أقوى وإدارة أكثر مرونة للتحديات. بهذه التطورات، يبدو أن سوق التكنولوجيا يتجه نحو مرحلة جديدة من التنافس تعتمد بصورة أكبر على من يملك القدرة على التأقلم مع تحولات الطلب وتغيرات سلاسل التوريد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى