بريكس

في قمة مرتقبة تستضيفها مدينة ريو دي جانيرو في البرازيل، يعتزم قادة مجموعة “بريكس” للدول النامية توجيه دعوة مهمة نحو تبني إطار تنظيمي مشترك لحماية البيانات من الاستخدام غير المصرح به من قبل تقنيات الذكاء الاصطناعي. ووفقًا لمسودة بيان اطلعت عليه وكالة “رويترز”، فإن هذا التوجه يعكس قلقًا متزايدًا لدى الدول النامية من الاستخدام غير المنضبط للبيانات، خاصة في ظل تزايد قدرات الذكاء الاصطناعي واعتماده الكبير على كميات ضخمة من المعلومات لتدريب نماذجه.

تشير المسودة إلى أن قادة التكتل، الذي يضم دولًا كالبرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب إفريقيا، يسعون إلى تجنب الممارسات التي تؤدي إلى جمع البيانات بشكل مفرط أو دون إذن واضح من أصحابها. كما تدعو الوثيقة إلى وضع ضوابط تضمن الاستخدام العادل لهذه البيانات، وتوفير آليات تعويضية تضمن حقوق الأفراد والمؤسسات التي تُستخدم بياناتها في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي.
ويتطرق جزء من القمة، المقرر أن تستمر يومين، إلى مستقبل الذكاء الاصطناعي وتحدياته، في ظل اهتمام متزايد من دول “بريكس” بالاستفادة من هذه التكنولوجيا دون المساس بسيادة البيانات أو استغلالها من قبل كيانات خارجية. ويؤكد القادة على أهمية ضمان ألا تتحول البيانات إلى سلعة تستفيد منها الدول المتقدمة وشركات التكنولوجيا الكبرى على حساب الدول النامية.
هذا وتأتي هذه الدعوة في ظل تجاهل مستمر من قبل بعض شركات التكنولوجيا العالمية، ومعظمها يقع في دول الشمال العالمي، لدعوات المطالبة بتعويضات مالية مقابل المحتوى الذي يُستخدم لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. فقد أبدت هذه الشركات مقاومة شديدة لمطالب فرض رسوم مقابل استخدام المواد المحمية بحقوق الطبع والنشر، مما يخلق حالة من التوتر بين الدول النامية وشركات التكنولوجيا التي تتحكم في بنية الذكاء الاصطناعي عالميًا.
في الوقت ذاته، تظهر مبادرات جديدة مثل “Character.AI”، التي تسعى لتقديم تجربة تفاعلية أقرب إلى الواقع من خلال تمكين المستخدمين من التحدث وجهًا لوجه مع نماذج الذكاء الاصطناعي، الحاجة الملحة لوضع أطر أخلاقية وتشريعية تواكب التطور السريع في هذا المجال. فبينما تفتح هذه التقنيات آفاقًا واسعة لتحسين حياة الأفراد، فإنها تطرح في المقابل تساؤلات جادة حول الخصوصية، وحقوق الملكية الفكرية، والعدالة في الوصول إلى التكنولوجيا.
وختامًا، فإن دعوة قادة مجموعة “بريكس” تأتي في توقيت حرج، حيث تتسارع وتيرة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، دون وجود تشريعات دولية كافية لضبطه. ومن المتوقع أن تكون نتائج هذه القمة خطوة مهمة نحو صياغة موقف موحد للدول النامية، يسعى لحماية حقوقها في عصر تتحول فيه البيانات إلى مورد استراتيجي لا يقل أهمية عن النفط أو الموارد الطبيعية الأخرى.