آيفون

تشهد بلدة ديفاناهالي الريفية في جنوب الهند تحولاً كبيراً، مع بدء شركة فوكسكون – الشريك التصنيعي الرئيسي لشركة أبل – في بناء ثاني أكبر مصانعها خارج الصين على أطراف البلدة، ضمن مشروع ضخم تقدر تكلفته بنحو 2.5 مليار دولار، ويوفر حوالي 40 ألف فرصة عمل.
ويحمل المشروع داخلياً اسم “مشروع الفيل”، ويُقام على مساحة شاسعة تعادل ما يقارب 220 ملعب كرة قدم. ويأتي كجزء من استراتيجية أوسع تنتهجها “فوكسكون” لتنويع سلاسل التوريد وتقليل الاعتماد على الصين، في ظل التوترات التجارية بين بكين وواشنطن.
ووفقاً لما نقله موقع “Rest of World”
يُتوقع أن تضاعف الشركة إنتاج هواتف آيفون في الهند ليصل إلى 30 مليون وحدة سنوياً، مما يعزز مكانة الهند كمركز عالمي لتجميع الأجهزة الإلكترونية.
أدى دخول شركة “فوكسكون” إلى منطقة ديفاناهالي – المعروفة تاريخياً بزراعة البوملي والعنب وإنتاج الحرير – إلى إشعال طفرة عقارية غير مسبوقة. فقد ارتفعت أسعار الأراضي بنسبة 35%، فيما قفز سعر القدم المربع بنسبة 55% منذ عام 2021، وفقاً لبيانات صادرة عن شركة “أناروك” للاستشارات العقارية.
وقد شهدت المنطقة المحيطة بموقع المصنع، ضمن دائرة نصف قطرها 20 كيلومتراً، انتشاراً سريعاً للمشروعات السكنية، حيث يُنفَّذ حالياً نحو 60 مشروعاً عقارياً بأسعار تتراوح بين 40 ألف و700 ألف دولار.
وسارعت “فوكسكون” إلى الدخول في شراكات مع مطورين محليين لتأمين مساكن لعشرات الآلاف من موظفيها القادمين من الصين وتايوان والفلبين.
وتروي نيثو راماجيري، وهي خبيرة تقنية معلومات من بنغالورو، أنها قررت شراء شقة فاخرة في ديفاناهالي بعدما شدّ انتباهها إعلان دعائي. وتقوم حالياً بتأجيرها لثلاثة موظفين رفيعي المستوى من “فوكسكون”، ما يدرّ عليها دخلاً شهرياً يبلغ 420 دولاراً، وهو أعلى بكثير من متوسط الإيجار المحلي. وتشير راماجيري إلى أن قيمة شقتها ارتفعت بنسبة 70% خلال عام واحد فقط.
وإلى جانب مصنع الهواتف، تعمل “فوكسكون” أيضاً على إنشاء مصنع جديد لمكونات السيارات الكهربائية في المنطقة، يُعرف باسم “مشروع الفهد”، ما يضيف زخماً كبيراً لوتيرة التحول الصناعي المتسارع في ديفاناهالي.
كما تعتزم شركات عالمية مثل “SAP” الألمانية و”أمازون” تأسيس مقرات جديدة في المنطقة، ما يعزز جاذبيتها كمركز استثماري صاعد.
مقاومة من المزارعين
لكن هذا النمو لم يخلُ من التحديات، فقد واجه المشروع معارضة من عدد من المزارعين المحليين الذين رفضوا بيع أراضيهم، أو اعتبروا أن التعويضات المعروضة عليهم غير منصفة.
ونظم مئات منهم احتجاجات ضد استملاك أراضيهم، معبرين عن مخاوفهم من الإقصاء عن فرص العمل التي يُفترض أن يوفرها التوسع الصناعي.
يقول راميش تشيماشانهالي، أحد زعماء القرى: “الوعود بالتوظيف ليست جديدة”، لافتاً إلى أن أبناء المزارعين لم يحصلوا على التدريب الكافي للالتحاق بوظائف المصانع الحديثة.
ورغم هذه الاعتراضات، تمضي عجلة التطوير قدماً؛ حيث كثّفت السلطات جهودها في مشاريع البنية التحتية، وفعّلت خدمات التوصيل مثل “زوماتو” و”سويغي”، وشرعت في تطبيق حلول متقدمة لإعادة تدوير المياه ومعالجة الصرف الصحي، في إطار خطة طموحة لتحويل ديفاناهالي إلى مدينة ذكية وجاذبة للاستثمار.