Exynos 2600

تُعد كفاءة الطاقة والتحكم في درجات الحرارة من أبرز العناصر الحاسمة في تصميم الرقاقات الإلكترونية الحديثة، لا سيما في ظل التطور المتسارع الذي يشهده قطاع الأجهزة المحمولة و الذكاء الاصطناعي. فمع تزايد الحاجة إلى أداء أعلى، وكفاءة أكبر، وأجهزة أكثر نحافة، بات لزامًا على الشركات المصنعة للرقاقات أن تولي اهتمامًا بالغًا لهذه الجوانب، لما لها من تأثير مباشر على تجربة المستخدم، وعمر البطارية، وحتى السلامة الحرارية للأجهزة.

ومن المعروف أن شركة “سامسونغ” الكورية الجنوبية، عبر سلسلة معالجاتها “إكسينوس” (Exynos)، تسعى منذ سنوات لمنافسة كبار مصنعي الرقاقات، وفي مقدمتهم شركة “كوالكوم” التي تُعد معالجاتها من طراز “سنابدراجون” معيارًا عاليًا في السوق من حيث الأداء وكفاءة الطاقة وإدارة الحرارة. إلا أن معالجات “إكسينوس” ظلت، للأسف، محل انتقاد من قبل الخبراء والمستخدمين على حد سواء، خصوصًا من ناحية التحكم في درجات الحرارة العالية التي تؤثر سلبًا على الأداء العام للجهاز، بالإضافة إلى الاستهلاك الزائد للطاقة، مما يؤدي إلى انخفاض عمر البطارية بشكل ملحوظ مقارنةً بمنافساتها.
لكن يبدو أن “سامسونغ” تعكف حاليًا على إجراء تغييرات جوهرية في هذا المجال. فقد أفاد تقرير حديث صادر عن كوريا الجنوبية، ونقله موقع “PhoneArena” المتخصص في أخبار التقنية، بأن الشركة تختبر تقنيات جديدة تهدف إلى تحسين كفاءة رقاقاتها القادمة، لا سيما على صعيد إدارة الحرارة. وبحسب التقرير، فإن سامسونغ لا تكتفي فقط بتحديثات طفيفة في التصميم أو تحسينات تدريجية، بل تعتمد على منهجية جديدة في بنية المعالج نفسه، إلى جانب الاعتماد على مواد تبديد حراري أكثر تطورًا، وتقنيات تصنيع أكثر دقة، ربما تصل إلى مستويات 3 نانومتر أو أقل في المستقبل القريب.
ويبدو أن هذه الجهود تأتي في إطار استراتيجية أوسع تسعى من خلالها سامسونغ إلى تقليل اعتمادها على الموردين الخارجيين، مثل “كوالكوم” و”ميدياتك”، وتعزيز قدراتها الذاتية في مجال تصميم وتصنيع المعالجات، ما قد يمنحها مزيدًا من المرونة والسيطرة على التكامل بين العتاد والبرمجيات في أجهزتها الذكية.
تجدر الإشارة إلى أن النجاح في تحقيق كفاءة طاقة أعلى وتحكم حراري أفضل لا ينعكس فقط في تحسين أداء المعالج، بل يؤدي أيضًا إلى تقليل التكاليف التشغيلية على المدى الطويل، وزيادة موثوقية الأجهزة، وتعزيز تجربة المستخدم من خلال تقديم أداء مستقر، وحرارة منخفضة، واستهلاك طاقة مثالي.
ختامًا، إن كانت هذه المؤشرات صحيحة، فقد تكون سامسونغ على مشارف نقلة نوعية في عالم المعالجات. وإذا ما نجحت فعلاً في تحسين كفاءة الطاقة وإدارة الحرارة في رقاقاتها القادمة، فقد نرى عودة قوية لمعالجات “إكسينوس” إلى المنافسة الجادة، وربما حتى تفوقًا على نظيراتها، مما يعيد رسم خريطة سوق المعالجات المحمولة من جديد.
تعمل شركة “سامسونغ” على تطوير معالجها الجديد “إكسينوس 2600″، الذي يُتوقع أن يُستخدم في بعض إصدارات هواتف Galaxy S26 القادمة، ويتميز هذا المعالج بتقنيات متقدمة لإدارة الحرارة قد تمنحه ميزة تنافسية قوية. تشير تقارير تقنية إلى أن “سامسونغ” تعتزم استخدام تقنيات جديدة في تغليف الشرائح الإلكترونية لتحسين كفاءة التبريد والأداء العام، وهو توجه استراتيجي يعكس جهود الشركة في تعزيز مكانة معالجاتها الخاصة ضمن سوق المعالجات عالية الأداء.
من أبرز هذه التقنيات، تقنية Heat Pass Block (HPB)، وهي طريقة حديثة لتبديد الحرارة، تعتمد على إدخال مواد ناقلة للحرارة داخل غلاف شريحة أشباه الموصلات. يُقال إن “إكسينوس 2600” سيكون أول معالج من سامسونغ يستخدم هذه التقنية، التي تتضمن مشتتًا حراريًا مصنوعًا من النحاس يتم تثبيته مباشرة فوق معالج التطبيقات (AP) وشرائح ذاكرة الوصول العشوائي الديناميكية (DRAM). يهدف هذا المشتت إلى امتصاص الحرارة الناتجة عن المكونات الأساسية مثل وحدة المعالجة المركزية (CPU)، ووحدة معالجة الرسومات (GPU)، والذاكرة، وغيرها من عناصر نظام الشريحة الواحد (SoC)، الأمر الذي من شأنه أن يحسن من استقرار الجهاز وأداءه الحراري.
وبحسب ما ورد، فإن “إكسينوس 2600” يعتمد على دقة تصنيع 2 نانومتر، باستخدام تقنيات Samsung Foundry، ما يجعله من أوائل المعالجات لدى “سامسونغ” التي تستفيد من هذا المستوى المتقدم من التصنيع. ومن المتوقع أن تنتهي الشركة من اختبارات المعالج بحلول أكتوبر 2025، على أن يبدأ الإنتاج الضخم إذا أثبتت التجارب جدواه. يُعتقد أن هذه الشريحة ستكون ضمن التشكيلة الأساسية لهواتف Galaxy S26 المنتظرة مطلع 2026.
ومن الجدير بالذكر أن بعض الإصدارات مثل Galaxy S26 Ultra قد تأتي حصريًا بمعالج Snapdragon 8 Elite Gen 2 من شركة “كوالكوم”، وهي خطوة تعكس استمرار سياسة “سامسونغ” في توزيع استخدام المعالجات بين إكسينوس وسنابدراجون حسب المناطق والأسواق.
تاريخيًا، سعت “سامسونغ” لتحسين شرائح “إكسينوس” لتصبح أكثر تنافسية أمام شرائح “كوالكوم”، خصوصًا من حيث الكفاءة الحرارية والأداء العام. ففي معالج “إكسينوس 2400″، استخدمت الشركة تقنية Fan-Out Wafer Level Packaging(FOWLP)، التي تسمح بتوسيع أطراف التوصيل خارج حدود شريحة أشباه الموصلات، مما ساعد على تحسين تبديد الحرارة. وتشير التقارير إلى أن “إكسينوس 2600” سيواصل اعتماد هذه التقنية إلى جانب HPB، وهو ما قد يمثل نقلة نوعية في تصميم المعالجات.
إذا نجحت “سامسونغ” في تحسين إدارة الحرارة والكفاءة في إكسينوس 2600، فقد تصبح معالجاتها منافسة بجدية لمعالجات كوالكوم، خصوصًا في أسواق الهواتف الرائدة.