تقنية

الهواتف

في ضوء البيانات الحديثة التي ظهرت خلال الفترة الماضية، اتضح أن هاتف آيفون إير الجديد فائق النحافة يواجه تراجعًا ملحوظًا في قيمته عند إعادة البيع خلال الأسابيع العشرة الأولى من طرحه في الأسواق. هذا التراجع يبدو أكثر حدّة بالمقارنة مع باقي طرازات سلسلة آيفون سبعة عشر وكذلك مع هواتف السلاسل السابقة من آيفون. ويشير هذا التحول المبكر في قيمة الجهاز إلى أن استقبال المستهلكين له قد لا يكون بالقدر الذي كانت تأمله الشركة عند الإعلان عنه والترويج لمزاياه التي ركزت على التصميم النحيف والخفة وتحسينات محددة في الأداء.

آيفون
آيفون

وعلى الرغم من أن الفترة الزمنية منذ إطلاق الهاتف لا تزال قصيرة نسبيًا ولا تكفي لإصدار حكم نهائي حول نجاح الجهاز أو فشله في السوق، فإن الأرقام المتاحة حتى الآن توفر مؤشرًا أوليًا مهمًا يمكن الاستناد إليه لتقييم المسار المحتمل لأداء الهاتف خلال الأشهر المقبلة. فالتراجع في قيمة إعادة البيع غالبًا ما يعكس مستوى الطلب الفعلي على المنتج ومدى رضا المستخدمين عنه، كما يعبر عن تصورات المستهلكين حول المزايا التي يقدمها مقارنة بالسعر الأساسي الذي دفعوه عند اقتنائه.

وتجدر الإشارة إلى أن هواتف سلسلة آيفون سبعة عشر الأخرى لم تشهد التراجع ذاته، إذ حافظت على مستويات أقوى في قيمة إعادة البيع، الأمر الذي يعزز الفكرة القائلة إن آيفون إير تحديدًا هو الذي يواجه تحديات خاصة. قد يعود ذلك إلى عدة عوامل مثل تركيز الجهاز على النحافة على حساب بعض المواصفات التي يفضلها المستخدمون عادة، أو إلى أن الفروق بينه وبين طرز آيفون الأخرى لم تكن كبيرة بما يكفي لجذب شريحة واسعة من المشترين. كما أن بعض التقارير المبكرة تحدثت عن أن التصميم شديد النحافة قد يدفع بعض المستخدمين إلى التساؤل حول الصلابة والقدرة على تحمل الاستخدام الطويل.

ومن المحتمل أيضًا أن تكون التوقعات المرتفعة التي سبقت إطلاق الهاتف قد لعبت دورًا في رسم صورة أولية لم تتوافق تمامًا مع تجربة المستخدمين الفعلية، مما أدى إلى فتور نسبي في الطلب عليه مقارنة بالتوقعات. وبالنظر إلى تاريخ أبل في قطاع الهواتف الذكية، فإن الشركة نادرًا ما تواجه مثل هذا التراجع السريع في قيمة أحد طرازاتها، الأمر الذي يجعل من تجربة آيفون إير حالة تستحق الدراسة والتحليل، خاصة مع اعتماد الشركة في السنوات الأخيرة على تقديم نسخ متباينة من أجهزتها لتلبية احتياجات فئات مختلفة من المستهلكين.

وعلى الرغم من كل المؤشرات الحالية، فإن من المبكر الجزم بأن الجهاز يمثل إخفاقًا بالنسبة للشركة. فالكثير من الهواتف تمر بمراحل متفاوتة في الطلب خلال الأشهر الأولى من طرحها قبل أن تستقر في موقعها الحقيقي في السوق. وقد تسهم التحديثات البرمجية أو العروض الترويجية أو تغيرات اتجاهات المستخدمين في تحسين أداء آيفون إير مستقبلًا. ومع ذلك تبقى البيانات الحالية كافية للإشارة إلى أن الهاتف لا يحقق حتى الآن المستوى نفسه من القوة التسويقية الذي حققته طرازات أخرى من السلسلة ذاتها، ما يجعل الأشهر المقبلة مهمة في تحديد مصيره بين منتجات أبل في المرحلة القادمة.

من الطبيعي أن تختلف مبيعات كل نسخة من هواتف آيفون عن الأخرى، فلا يمكن توقع أن تحقق جميع الطرازات نجاحًا مماثلًا لنظيراتها السابقة. ومع ذلك، يبدو أن الوضع الحالي لهاتف آيفون إير أقل من المثالي، خاصة مع تزايد التسريبات التي تشير إلى أن شركة آبل تعمل على خفض إنتاج هذا الطراز بشكل تدريجي مع اقتراب نهاية دورة الإنتاج، كما تم الإعلان عن تأجيل إصدار الجيل التالي من هذا الهاتف إلى العام ألفين وسبعة وعشرين، وفقًا لتقرير نشره موقع “9to5Mac” المتخصص في أخبار التكنولوجيا.

وأشار تقرير حديث صادر عن منصة “سيل سيل” المتخصصة في بيع الهواتف والأجهزة اللوحية إلى أن قيمة إعادة البيع لهاتف آيفون إير شهدت تراجعًا ملحوظًا وصل إلى سبعة وأربعين فاصلة أربعة بالمئة خلال الأسابيع العشرة الأولى منذ إطلاقه، وهو ما وصفته المنصة بأنه “أسوأ انخفاض في قيمة إعادة بيع أي هاتف آيفون منذ عام ألفين واثنين وعشرين”.

وعلى الرغم من أن فترة عشرة أسابيع تعتبر قصيرة نسبيًا لاستخلاص استنتاجات نهائية، إلا أن منصة “سيل سيل” تتابع هذا النوع من التحليل منذ سنوات عديدة، مما يوفر على الأقل قاعدة مقارنة موثوقة عبر مختلف إصدارات هواتف آيفون السابقة.

وذكر التقرير أن المنصة قامت بتحليل خمسين نسخة واثنتين من هواتف آيفون منذ إصدار سلسلة آيفون أربعة عشر، ووجدت أن سلسلة آيفون ستة عشر سجلت انخفاضًا أكبر في قيمة إعادة البيع خلال الأسبوع الأول من توفرها، بمعدل فقدان بلغ اثنان وأربعين بالمئة، مقارنة بانخفاض واحد وأربعين بالمئة لهاتف آيفون إير، وأربعين بالمئة فقط لسلسلة آيفون سبعة عشر. ومع ذلك، تغير الوضع بشكل واضح بعد الأسبوع السادس، حيث أصبح متوسط انخفاض قيمة هاتف آيفون إير حوالي ثلاثة وأربعين فاصلة أربعة بالمئة، مقارنة بأربعين فاصلة ثلاثة بالمئة لسلسلة هواتف آيفون ستة عشر، وستة وثلاثين فاصلة سبعة بالمئة فقط لبقية سلسلة هواتف آيفون سبعة عشر.

وأشار التقرير إلى أن قيمة إعادة البيع لسلسلة آيفون سبعة عشر استقرت تقريبًا بحلول الأسبوع العاشر، بينما استمر انخفاض قيمة آيفون إير، وهو ما قد يشير إلى وجود مشكلات طويلة الأمد تتعلق بثقة المستخدمين في إعادة بيع هذا الطراز. وتعتبر هذه المؤشرات مهمة لأنها تعكس ليس فقط القيمة المالية للهاتف عند إعادة البيع، بل أيضًا مدى رضى المستخدمين وثقتهم بالمنتج على المدى الطويل.

ويعكس هذا التحليل تحديات تواجه شركة آبل في الحفاظ على قيمة منتجاتها عند إعادة البيع، خاصة مع تزايد المنافسة في سوق الهواتف الذكية وارتفاع توقعات المستخدمين بشأن الأداء والمواصفات. كما يظهر أن نجاح أي طراز جديد من هواتف آيفون لا يقتصر على المبيعات الأولية فقط، بل يرتبط أيضًا بمدى قدرة الهاتف على الحفاظ على قيمته في السوق الثانوية.

بناءً على ما سبق، يبدو أن آيفون إير يواجه فترة صعبة من حيث ثقة المستخدمين في إعادة البيع، وهو ما قد يؤثر على استراتيجية آبل في تحديث وإصدار الإصدارات المقبلة. ومن المتوقع أن تراقب الشركة هذه المؤشرات عن كثب قبل الإعلان عن الجيل التالي، بهدف تجنب أي تراجع في القيمة السوقية لهواتفها في المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى