تقنية

X

صرّحت ليندا ياكارينو، الرئيسة التنفيذية لمنصة “إكس” (X)، بأن المنصة تستعد لإطلاق خدمات مالية جديدة ستتيح للمستخدمين قريبًا إمكانية إجراء استثمارات وصفقات تداول مالي بشكل مباشر من خلالها. وتأتي هذه الخطوة في إطار الرؤية الطموحة لمالك المنصة، إيلون ماسك، الذي يسعى إلى تحويل “إكس” إلى “تطبيق لكل شيء”، وهو مشروع يهدف إلى جعل المنصة محورًا رقميًا شاملاً يغطي مختلف جوانب حياة المستخدمين، بما في ذلك التواصل الاجتماعي، والأخبار، والخدمات المالية.

X
X

وخلال مشاركتها في مهرجان “كان ليونز” للإعلانات، وفي مقابلة أجرتها معها صحيفة “فاينانشال تايمز”، أوضحت ياكارينو أن المنصة تسعى لأن تصبح مركزًا رقميًا لإدارة الحياة اليومية، وخصوصًا فيما يتعلق بالجوانب المالية. وقالت: “في المستقبل، ستكون قادرًا على إدارة حياتك المالية بالكامل من خلال منصة إكس، سواء كنت تدفع ثمن البيتزا، أو تقوم باستثمار معين، أو تنفذ صفقة تداول مالي”.

وأكدت ياكارينو أن هذه المبادرات ليست مجرد أفكار مستقبلية، بل يتم العمل عليها فعليًا، حيث تجري الشركة حاليًا دراسات لتقديم خدمات مالية متنوعة، منها إمكانية إطلاق بطاقة ائتمان أو خصم مباشر تحمل علامة “X”، ومن المتوقع أن تُطرح هذه البطاقة في السوق قبل نهاية عام 2025، ما يعكس مدى الجدية التي تتعامل بها المنصة مع هذا التحول الجذري في طبيعة خدماتها.

ويعد هذا التوجه خطوة رئيسية نحو إعادة تعريف وظيفة منصات التواصل الاجتماعي، بحيث لا تقتصر فقط على التفاعل والمشاركة، بل تمتد لتشمل التعاملات المالية والمعاملات التجارية. وبحسب ياكارينو، فإن منصة “إكس” تسعى لتقديم تجربة موحدة ومتكاملة تسمح للمستخدم بإجراء كل ما يحتاجه من عمليات في مكان واحد، مما يوفر عليه الوقت ويعزز من كفاءة استخدامه للتكنولوجيا.

وتتماشى هذه الخطط مع طموحات إيلون ماسك المعروفة، الذي عبّر مرارًا عن رغبته في أن تصبح “إكس” المنصة التي يعتمد عليها المستخدمون في حياتهم اليومية، على غرار التطبيقات الشاملة الموجودة في بعض الدول مثل “وي تشات” في الصين، والذي يجمع بين الرسائل، والدفع الإلكتروني، والخدمات المصرفية، والتسوق، في تطبيق واحد.

وفي ضوء هذه التصريحات، فإن المرحلة المقبلة ستشهد تحولًا كبيرًا في طبيعة استخدام منصة “إكس”، إذ من المتوقع أن تقدم خدمات مالية متقدمة، تتراوح بين التداول والاستثمار، وصولًا إلى إصدار بطاقات مصرفية. وإذا نجحت المنصة في تنفيذ هذه الرؤية، فقد تتمكن من ترسيخ مكانتها ليس فقط كمنصة تواصل اجتماعي، بل أيضًا كمحور رئيسي للحياة الرقمية والمالية لملايين المستخدمين حول العالم.

تسعى منصة “إكس” (X)، التي استحوذ عليها رجل الأعمال إيلون ماسك في عام 2022، إلى إعادة تعريف طبيعة شبكات التواصل الاجتماعي من خلال التوسع في مجال الخدمات المالية، ضمن رؤية طموحة لتحويل المنصة إلى نسخة غربية من تطبيق “وي تشات” الصيني. ويُعرف “وي تشات” بقدرته على الجمع بين وظائف متعددة، تشمل التراسل الفوري، والدفع الإلكتروني، والتجارة الإلكترونية، وهو ما تطمح “إكس” إلى تحقيقه في الأسواق الغربية.

أعلنت “إكس” مؤخرًا عن إطلاق خدمة جديدة تُعرف باسم “X Money”، وهي محفظة رقمية ونظام للدفع المباشر بين المستخدمين. تأتي هذه الخطوة بالتعاون مع شركة “فيزا”، العملاقة في مجال حلول الدفع، ومن المقرر أن تبدأ الخدمة أولاً في الولايات المتحدة، على أن يتم توسيعها تدريجيًا لتشمل أسواقًا دولية في مراحل لاحقة. تهدف هذه المبادرة إلى تقديم حلول مالية متكاملة للمستخدمين من داخل المنصة، دون الحاجة إلى الخروج منها لإتمام عمليات الشراء أو التحويل المالي.

وأوضحت المديرة التنفيذية لمنصة “إكس”، ليندا ياكارينو، أن الخدمة الجديدة ستوفر للمستخدمين إمكانيات متعددة، من بينها شراء المنتجات مباشرة، وتخزين الأموال بطريقة آمنة، بالإضافة إلى تقديم مكافآت مالية لصنّاع المحتوى، ما يُعزز من الاقتصاد الإبداعي على المنصة ويحفّز المستخدمين على التفاعل والمشاركة المستمرة.

كما صرحت ياكارينو بأن المنصة تعمل حاليًا على بناء نظام شامل يجمع بين التجارة الإلكترونية والخدمات المالية، وهو ما يمثل نقلة نوعية في طبيعة عمل منصات التواصل الاجتماعي، خاصة وأن مثل هذا النموذج لم يكن متوفراً في السابق ضمن إطار موحد ومتكامل.

رغم الطموح الكبير الذي تحمله هذه الخطة، إلا أن التوسع في هذا المجال الحيوي لا يخلو من تحديات معقدة. من أبرز هذه التحديات تلك المرتبطة بالجوانب التنظيمية والقانونية، حيث سيكون على “إكس” الالتزام بسلسلة من المتطلبات، مثل الحصول على التراخيص اللازمة في كل سوق تدخلها، والامتثال الصارم لقوانين مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، إلى جانب حماية بيانات المستخدمين وتوفير مستويات عالية من الأمان السيبراني.

ومع ازدياد الرقابة العالمية على الشركات الرقمية التي تعمل في المجال المالي، ستكون “إكس” مطالبة بإثبات جدارتها ليس فقط من حيث التكنولوجيا، بل كذلك من حيث الامتثال للقوانين والمعايير الدولية. هذه المعايير تزداد تعقيدًا في ظل التفاوت بين الأنظمة المالية في مختلف الدول، ما يتطلب من المنصة قدرًا كبيرًا من المرونة القانونية والقدرة على التكيّف.

ورغم ذلك، فإن الخطوة تُعد تحوّلًا استراتيجيًا جريئًا من قبل إيلون ماسك وفريقه التنفيذي، في إطار مساعيه لتحويل “إكس” إلى منصة متكاملة تقدم للمستخدمين تجربة شاملة، تتجاوز حدود التراسل والمحتوى، لتصل إلى أنماط الحياة اليومية مثل التسوق، وإدارة الأموال، ودعم الابتكار الرقمي.

صعوبات الإعلانات والعلاقات المتوترة

تواجه منصة “إكس” (المعروفة سابقاً بتويتر) تحديات متزايدة في الحفاظ على استقرارها المالي، نتيجة انسحاب عدد كبير من المعلنين الذين يمثلون المصدر الأساسي لإيراداتها. جاء هذا الانسحاب عقب استحواذ الملياردير إيلون ماسك على المنصة في صفقة ضخمة بلغت قيمتها 44 مليار دولار. وقد عبّر عدد من هؤلاء المعلنين عن تخوفاتهم من سياسة ماسك الجديدة فيما يتعلق بإدارة المحتوى، إذ يُنظر إلى توجهه المتساهل في الإشراف على ما يُنشر على أنه خطر قد يؤدي إلى عرض إعلاناتهم بجوار محتوى مثير للجدل أو غير لائق، مما يؤثر سلباً على سمعة العلامات التجارية.

وفي هذا السياق، أفادت تقارير إعلامية أن إدارة “إكس” قامت بتهديد بعض الشركات باتخاذ إجراءات قانونية إذا لم تستأنف شراء المساحات الإعلانية على المنصة. غير أن المديرة التنفيذية للمنصة، ليندا ياكارينو، نفت هذه المزاعم جملةً وتفصيلاً، ووصفتها بأنها مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة، كما أنكرت التقرير الذي نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” والذي أشار إلى أن علامات تجارية كبرى مثل Verizon وRalph Lauren وافقت على الإعلان مجددًا تحت ضغوط قانونية.

في محاولة لمواجهة هذه التحديات، رفعت “إكس” دعوى احتكار ضد “التحالف العالمي للإعلام المسؤول”، الذي يضم شركات إعلانات ووكالات تسويق كبرى، متهمة إياه بالتنسيق لمقاطعة غير قانونية للمنصة بحجة حماية السلامة الرقمية. إلا أن الشركة لاحقًا أسقطت بعض الأسماء من لائحة المتهمين، مثل Unilever، بعد أن عادت تلك الشركات تدريجياً للإعلان على المنصة في وقت لاحق من العام الماضي.

رغم هذه الأزمات، تحاول “إكس” إظهار مؤشرات على التعافي. فقد صرّحت ياكارينو بأن نحو 96% من المعلنين الذين كانوا نشطين على المنصة قبل استحواذ ماسك قد عادوا إليها، مؤكدة أن الإيرادات الإعلانية تقترب من مستويات عام 2022. لكن هذا التفاؤل يقابله حذر في أوساط المعلنين، لا سيما بعد تعبير بعضهم في مهرجان “كان ليونز” الإعلاني عن شعورهم بالضغط للعودة، مشيرين إلى استمرار المحتوى السام الذي لم تتم معالجته بالشكل الكافي، إضافة إلى القلق من العلاقة الوثيقة بين ماسك والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وما قد يترتب عليها من مواقف سياسية محرجة.

من جانب آخر، تراهن “إكس” على الذكاء الاصطناعي كوسيلة لتوسيع آفاقها الإعلانية. فقد أعلنت الشركة عن دمج تقنيات شركة xAI – التابعة لماسك – في المنصة، وذلك بعد استحواذها عليها في مارس الماضي مقابل 45 مليار دولار. وتأمل “إكس” من خلال هذا الدمج في تطوير أدوات ذكية لاستهداف الإعلانات في الوقت الفعلي بناءً على المحتوى الرائج، وهو ما ترى فيه الإدارة فرصة لتعزيز فعالية الحملات الإعلانية وتحقيق تجربة أكثر دقة للمعلنين.

ورغم التوقعات من شركة Emarketer بارتفاع إيرادات “إكس” إلى 2.3 مليار دولار هذا العام، إلا أن هذا الرقم لا يزال بعيدًا عن ذروة إيرادات عام 2022 التي تجاوزت 4 مليارات دولار. وبينما تواصل المنصة مساعيها لاستعادة ثقة المعلنين، تبقى العوامل السياسية والمحتوى الإشكالي أبرز العقبات أمام تحقيق استقرار حقيقي ومستدام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى