تقنية

الروبوتات

توقعت مذكرة بحثية صادرة عن مؤسسة “مورغان ستانلي” أن يشهد سوق الروبوتات في الصين نموًا لافتًا خلال السنوات المقبلة، مع تقديرات بارتفاع حجمه من 47 مليار دولار في عام 2024 إلى 108 مليارات دولار بحلول عام 2028. ويمثل هذا النمو معدلًا سنويًا مركبًا يبلغ نحو 23%، ما يعكس تسارعًا ملحوظًا في وتيرة الاستثمار والتطوير في هذا القطاع الحيوي.

مورغان ستانلي
مورغان ستانلي

ويُعد قطاع الروبوتات من القطاعات الاستراتيجية التي توليها الصين اهتمامًا بالغًا، سواء على مستوى التصنيع أو الابتكار التكنولوجي، وهو ما يتجلى في الأداء القوي للسوق المحلي الذي استحوذ على ما يقرب من 40% من إجمالي سوق الروبوتات العالمية في عام 2023، وفقًا لما أشار إليه المحللان شنغ تشونغ وتشيلسي وانغ، المقيمان في هونغ كونغ.

ويرتبط هذا النمو السريع بجملة من العوامل الاقتصادية والتكنولوجية التي تدفع باتجاه تعزيز الاعتماد على الروبوتات في مجالات متعددة، من بينها التصنيع، والخدمات اللوجستية، والرعاية الصحية، والزراعة الذكية، وحتى التطبيقات الاستهلاكية. كما أن تبني الصين المتزايد لتقنيات الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، وتقنيات إنترنت الأشياء يساهم في تكامل الروبوتات في بيئات العمل والإنتاج بشكل أكثر كفاءة وتخصصًا.

وتتسق هذه التوجهات مع الاستراتيجية الحكومية الصينية “صنع في الصين 2025″، والتي تهدف إلى الارتقاء بجودة التصنيع المحلي وتحويله من صناعة كثيفة العمالة إلى أخرى عالية التقنية وقائمة على الأتمتة والذكاء الاصطناعي. ويُعد التوسع في إنتاج وتوظيف الروبوتات جزءًا محوريًا من هذه الرؤية، خاصة في ظل التحديات المرتبطة بتقلص القوة العاملة وارتفاع تكاليف الأجور في بعض القطاعات.

وبالإضافة إلى الدور الحكومي، تلعب الشركات الصينية الخاصة والتقنيات الناشئة دورًا مهمًا في دفع عجلة الابتكار. فقد شهدت السنوات الأخيرة نموًا ملحوظًا في عدد الشركات الناشئة المتخصصة في تطوير الروبوتات الصناعية والخدمية، فضلاً عن دخول الشركات الكبرى إلى هذا المجال عبر استثمارات ضخمة في البحث والتطوير، وإبرام شراكات استراتيجية مع مؤسسات دولية لتسريع وتيرة التقدم التكنولوجي.

وتسعى الصين من خلال هذا التوجه إلى تعزيز مكانتها العالمية كلاعب رئيسي في مجال الروبوتات، بما يتجاوز حدود التصنيع إلى الريادة في التصدير والتأثير في المعايير الدولية. ومع استمرار هذا النمو، من المتوقع أن تسهم الصين في إعادة تشكيل مشهد الروبوتات العالمي، سواء من حيث حجم السوق أو نوعية الابتكارات.

وفي ظل هذا الزخم، يبقى التحدي الأكبر أمام الصين هو الحفاظ على وتيرة التطور التقني، وضمان بيئة تنظيمية وتشريعية تدعم الابتكار، إلى جانب معالجة المخاوف المتعلقة بالبطالة التكنولوجية والأمن السيبراني. ومع ذلك، فإن التوقعات الحالية تشير إلى أن الصين ماضية بخطى واثقة نحو تعزيز موقعها كمركز عالمي لصناعة وتطوير الروبوتات خلال السنوات القليلة المقبلة.

رغم غياب التوقعات الدقيقة بشأن حصة الصين المستقبلية في سوق الروبوتات بحلول عام 2028، بحسب تقرير نشره موقع “SCMP” واطلعت عليه “العربية Business”، فإن المؤشرات الحالية تؤكد أن الصين تمضي بخطى واثقة نحو ترسيخ مكانتها كمحور عالمي في هذا المجال المتطور. ويصف الخبراء الصين بأنها ليست فقط السوق الأكبر للروبوتات، بل تعد أيضًا مركزًا للابتكار العالمي، وهو ما يمنحها ميزة تنافسية بارزة في تطوير الجيل القادم من الروبوتات من حيث الكفاءة والتكلفة.

تشهد الصين تحولًا واسع النطاق في قطاعها الصناعي بفضل الاعتماد المتزايد على الروبوتات، حيث أصبحت هذه التقنيات الذكية جزءًا لا يتجزأ من بيئة العمل الحديثة، وتعد مؤهلة لتغيير وجه المجتمع في المستقبل القريب، خاصة مع التطور السريع في قدرات الروبوتات على التعلم، والتعاون مع البشر، والتشغيل بتكاليف منخفضة نسبيًا.

ووفقًا لبيانات صادرة عن المكتب الوطني للإحصاء الصيني، فإن إنتاج الروبوتات الصناعية سجل نموًا كبيرًا بلغ 35.5% في مايو مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ليصل إلى 69,056 وحدة. وفي الوقت ذاته، ارتفع إنتاج روبوتات الخدمة بنسبة 13.8% ليصل إلى 1.2 مليون وحدة، مما يعكس زخمًا واضحًا في الاستثمار بهذا القطاع.

تلعب الروبوتات دورًا محوريًا في تنفيذ خطة “صنع في الصين 2025″، وهي مبادرة استراتيجية أطلقتها الحكومة الصينية منذ نحو عشر سنوات بهدف تعزيز تفوق البلاد في الصناعات عالية التقنية، خاصة التصنيع الذكي. ومن خلال هذه المبادرة، تسعى الصين إلى أن تصبح الرائدة عالميًا في الابتكار الصناعي والتقنيات المستقبلية.

وتشير البيانات إلى أن الصين تهيمن على سوق الروبوتات الصناعية عالميًا، حيث استحوذت العام الماضي على أكثر من نصف عدد التركيبات الجديدة لهذه الروبوتات حول العالم. وتضم البلاد حاليًا نحو 741,700 شركة تعمل في مجال الروبوتات، من ضمنها شركات بارزة مثل “UBTech Robotics” المدرجة في بورصة هونغ كونغ، و”Unitree Robotics” التي تتخذ من هانغتشو مقرًا لها، و”AgiBot” في شنغهاي.

وفي سياق متصل، توقعت مؤسسة “مورغان ستانلي” أن تحتل الطائرات بدون طيار (الدرونز) الصدارة ضمن قطاعات الروبوتات في الصين، متوقعة أن ترتفع قيمة هذا القطاع من 19 مليار دولار في عام 2024 إلى 40 مليار دولار بحلول عام 2028. كما ينتظر أن يحقق قطاع الروبوتات الشبيهة بالبشر نموًا سنويًا قويًا يبلغ 63%، لترتفع قيمته من 300 مليون دولار هذا العام إلى 3.4 مليار دولار في عام 2030.

ويُتوقع أن يصل عدد الروبوتات الشبيهة بالبشر في الصين إلى 252 ألف وحدة بحلول عام 2030، ثم يقفز الرقم إلى نحو 302 مليون وحدة بحلول عام 2050، أي ما يعادل نحو 30% من الإجمالي العالمي لهذه الفئة من الروبوتات.

ويُجمع الباحثون على أن عام 2025 سيكون عامًا مفصليًا في تاريخ الروبوتات الشبيهة بالبشر، حيث سيشهد الانطلاقة الفعلية للإنتاج الضخم، ما يعزز من قدرة الصين على دفع عجلة التحديث الصناعي والاقتصادي من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى