ميتـا

أعلنت شركة “ميتا“، المالكة لمنصات “فيسبوك” و”إنستغرام“، عن تحقيق إنجاز بارز في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث وصلت نماذجها المفتوحة المصدر من عائلة “لاما” (LLaMA) إلى 1.2 مليار عملية تنزيل حتى الآن. وجاء هذا الإعلان ضمن فعاليات مؤتمر “لاما كون” الأول للمطورين، الذي عقدته الشركة يوم الثلاثاء، في خطوة تهدف إلى تعزيز مجتمع المطورين العاملين مع نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر وتشجيع تبادل المعرفة حول تقنيات الذكاء الحديثة.
وكانت الشركة قد أعلنت في منتصف مارس الماضي أن عدد تنزيلات نماذج “لاما” تجاوز حاجز المليار، مقارنة بـ650 مليون تنزيل فقط تم تسجيلها في أوائل ديسمبر 2024. هذا النمو السريع في عدد التنزيلات خلال فترة قصيرة يعكس الاهتمام المتزايد من قبل الباحثين والمطورين حول العالم بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة التي توفرها “ميتا”، وبخاصة تلك التي تتميز بالانفتاح وسهولة التخصيص.
تعد عائلة “لاما” من أبرز النماذج اللغوية الكبيرة مفتوحة المصدر

حيث بدأت الشركة بإطلاق الإصدار الأول منها في عام 2023، ثم تبعته بإصدار “LLaMA 2” في منتصف عام 2024، مع وعود بتطوير إصدارات أكثر تقدمًا في المستقبل. وقد صُممت هذه النماذج لتكون أدوات قوية يمكن استخدامها في مجموعة واسعة من التطبيقات، بدءًا من تحليل النصوص وتوليد المحتوى، وصولًا إلى تطوير مساعدات افتراضية ذكية وتطبيقات مخصصة للأعمال.
وأكدت “ميتا” أن استراتيجية الانفتاح التي اعتمدتها في تطوير نماذج “لاما” تهدف إلى خلق بيئة تعاونية بين الباحثين والمطورين والمؤسسات التقنية، على عكس النهج المغلق الذي تتبعه بعض الشركات الأخرى في هذا المجال. كما أشارت إلى أن هذه النماذج تخضع باستمرار لتحسينات من قبل المجتمع التقني العالمي، مما يساهم في تسريع الابتكار وتحقيق نتائج أكثر دقة وفعالية.
قد أبدت جهات أكاديمية وتقنية عديدة اهتمامًا كبيرًا بنماذج “لاما”
نظراً لقدرتها على التكيف مع لغات متعددة وسياقات ثقافية متنوعة، وهو ما يجعلها خيارًا مثاليًا لمشروعات الذكاء الاصطناعي حول العالم. وتحرص “ميتا” على تعزيز هذا التوجه من خلال دعم المجتمعات البرمجية والمساهمة في الأبحاث ذات الصلة.
ويُتوقع أن تستمر وتيرة اعتماد نماذج “لاما” بالتصاعد، خاصة مع استعداد “ميتا” لإطلاق الجيل التالي من هذه النماذج، والذي قد يشمل تحسينات في الفهم اللغوي، وتقليل الانحيازات، وزيادة الكفاءة في استخدام الموارد. كما تواصل الشركة بناء شراكات مع مطورين من مختلف القطاعات لدعم دمج هذه النماذج في حلول واقعية تخدم المستخدمين والشركات على حد سواء.
في ضوء هذه التطورات، يبدو أن “ميتا” تسعى إلى ترسيخ مكانتها كأحد اللاعبين الأساسيين في مشهد الذكاء الاصطناعي، مستفيدة من سياسة الانفتاح والمشاركة المجتمعية التي تتبناها في تطوير تكنولوجيا المستقبل.
كبير مسؤولي المنتجات في شركة “ميتا”
كلمة رئيسية على المسرح كشف فيها عن التطور السريع الذي يشهده قطاع الذكاء الاصطناعي داخل الشركة. وأشار كوكس إلى أن هناك آلاف المطورين النشطين الذين يساهمون بشكل مباشر في إثراء النظام البيئي لنماذج “لاما”، حيث أنتجوا عشرات الآلاف من النماذج المشتقة، والتي يتم تنزيلها واستخدامها مئات الآلاف من المرات شهريًا حول العالم. هذا التفاعل الكبير من المجتمع التقني يعكس مدى اهتمام المطورين واعتمادهم على النماذج مفتوحة المصدر التي توفرها “ميتا”، والتي أصبحت حجر أساس في تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي الحديثة.
وأضاف كوكس في تصريحاته أن مساعد الذكاء الاصطناعي الخاص بالشركة، والمعروف باسم “ميتا إيه آي”، والمبني على نماذج “لاما”، قد وصل إلى قاعدة مستخدمين تقدر بحوالي مليار مستخدم. هذا الرقم الكبير يعكس نجاح “ميتا” في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في خدماتها ومنصاتها المختلفة مثل “فيسبوك” و”إنستغرام” و”واتساب”، مما يعزز من كفاءة التواصل ويقدم تجارب مستخدم أكثر ذكاءً وتفاعلاً.
نموذج “لاما” الخاص بـ”ميتا” شهد خلال الأشهر الأخيرة تسارعًا ملحوظًا
في وتيرة التطوير والاعتماد عليه، إذ أصبح أحد أبرز النماذج مفتوحة المصدر المستخدمة في أبحاث وتطبيقات الذكاء الاصطناعي. يتمتع “لاما” بقابلية عالية للتخصيص، مما يجعله مناسبًا لمجموعة واسعة من الاستخدامات، من توليد النصوص إلى المساعدة في البرمجة وتحليل البيانات.
رغم هذا النجاح الكبير، فإن “ميتا” تواجه تحديات متزايدة في ظل المنافسة الشرسة من شركات تقنية أخرى تسعى أيضًا لتصدر مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي. ففي بداية الأسبوع، أعلنت شركة “علي بابا” الصينية عن إطلاق مجموعة النماذج الجديدة “Qwen3″، والتي أظهرت أداءً تنافسيًا عاليًا في اختبارات ومعايير الذكاء الاصطناعي المختلفة. وتطمح “علي بابا” من خلال هذا الإطلاق إلى ترسيخ موقعها كلاعب رئيسي في هذا المجال، خصوصًا في السوق الآسيوية والعالمية.
تُظهر هذه التطورات المتلاحقة مدى التنافس الكبير بين الشركات العالمية
في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تسعى كل منها إلى ابتكار نماذج أكثر كفاءة ومرونة، وتقديم حلول ذكية تلبي الاحتياجات المتزايدة للأفراد والمؤسسات. وبينما تواصل “ميتا” استثمارها في تطوير تقنياتها وتعزيز انخراط المجتمع التقني في منصاتها، فإن التحدي الحقيقي يكمن في الحفاظ على هذا الزخم وسط السباق المحموم مع عمالقة آخرين مثل “جوجل”، “مايكروسوفت”، و”أمازون”.
في نهاية المطاف، يبدو أن مستقبل الذكاء الاصطناعي سيكون مشتركًا بين الابتكار المفتوح والتنافس الاستراتيجي، حيث تُشكل هذه النماذج حجر الزاوية في إعادة تشكيل كيفية تفاعل البشر مع التكنولوجيا.