هاتف إسكوبار

في تطور دراماتيكي لقضية شغلت الرأي العام لسنوات وأثارت كثيرًا من الجدل، اعترف أولوف كيروس غوستافسون، الرئيس التنفيذي لشركة “إسكوبار إنك”، بالذنب في قضية احتيال مالي وغسل أموال تبلغ قيمتها 1.3 مليون دولار، تتعلق بما أصبح يُعرف إعلاميًا باسم “هاتف إسكوبار”. هذه القضية، التي وُصفت بأنها واحدة من أكثر عمليات الاحتيال إثارة في عالم التكنولوجيا، بدأت قبل عدة سنوات عندما أعلنت الشركة عن إطلاق هاتف ذكي فاخر يُزعم أنه يحمل اسم الشقيق الراحل لزعيم تجارة المخدرات الكولومبي الشهير، بابلو إسكوبار.

غوستافسون، وهو رجل أعمال سويدي يبلغ من العمر 32 عامًا، قاد الشركة في حملات تسويقية مثيرة للجدل ومليئة بالوعود الزائفة، حيث زُعم أن الهاتف يقدم مواصفات فريدة بأسعار منخفضة، مع تصاميم مطلية بالذهب أو مغطاة بطبقات فاخرة، وهو ما جذب آلاف المستهلكين حول العالم. لكن سرعان ما بدأت الشكاوى تتراكم، إذ لم يتلق العديد من الزبائن منتجاتهم، بينما تلقى آخرون نسخًا مزيفة أو تالفة. وأدى ذلك إلى فتح تحقيقات دولية كشفت لاحقًا شبكة من الأنشطة الاحتيالية التي كانت تُدار عبر منصات إلكترونية، وشملت تحويلات مالية مشبوهة، واستخدام هويات مزورة، وإخفاء مصادر الأموال غير المشروعة.
وبحسب البيان الصادر عن مكتب المدعي العام الأميركي في ولاية كاليفورنيا، فإن غوستافسون قد يواجه حكمًا بالسجن لمدة تصل إلى 20 عامًا بتهمة الاحتيال، إضافة إلى 10 سنوات أخرى على خلفية اتهامات تتعلق بغسل الأموال. كما أُمر بدفع تعويضات مالية كاملة للضحايا الذين خُدعوا في عملية الاحتيال تلك. وأكد الادعاء العام أن هذه الخطوة تمثل انتصارًا للعدالة، ورسالة واضحة لكل من يستغل التكنولوجيا والأدوات الرقمية لارتكاب جرائم مالية.
من جانبه، لم يصدر بعد أي بيان رسمي من شركة “إسكوبار إنك” بخصوص اعتراف غوستافسون أو مصير الشركة بعد هذه الفضيحة، في حين لا تزال التبعات القانونية مستمرة، وقد تمتد لتشمل موظفين آخرين متورطين في القضية. وقد أثارت القضية تساؤلات واسعة حول ضعف الرقابة على بعض الشركات التقنية الناشئة، خاصة تلك التي تستغل أسماء شهيرة لأغراض تجارية مشبوهة، وضرورة وجود آليات حماية أقوى للمستهلكين في ظل الانتشار السريع للتجارة الرقمية.
القضية لا تزال تحظى باهتمام إعلامي كبير، وسط توقعات بأن تؤدي إلى تغييرات قانونية في كيفية التعامل مع عمليات الاحتيال الرقمي العابرة للحدود، خاصة في ما يتعلق بمنصات البيع المباشر والتسويق الإلكتروني.
هاتف من ذهب.. لكنه مزيّف
في عام 2020، تم الترويج لهاتف ذهبي قابل للطي يحمل اسم “إسكوبار”، قيل إنه مستوحى من تاجر المخدرات الكولومبي الشهير بابلو إسكوبار. بدا الهاتف للوهلة الأولى منتجًا فاخرًا بسعر مغرٍ، ما أثار اهتمام المستخدمين.
لكن الحقيقة لم تدم طويلًا. فقد كشف اليوتيوبر الشهير ماركيز براونلي (MKBHD) في فيديو شهير أن الهاتف ليس إلا نسخة من جهاز “غالاكسي فولد” الأصلي من سامسونغ، وقد غُلف بملصق ذهبي منخفض الجودة لإضفاء طابع فاخر زائف عليه.
المثير للدهشة أن الهاتف كان يُعرض بسعر 400 دولار فقط، بينما كانت سامسونغ تبيع النسخة الأصلية منه بنحو 2000 دولار.
خدعة “الملكية” وشحنات مزيفة
تشير التحقيقات إلى أن الشركة المروجة للهاتف كانت ترسل عددًا محدودًا من الأجهزة الحقيقية للمؤثرين على مواقع التواصل، لتوليد انطباعات إيجابية. أما المشترون الحقيقيون، فلم يتلقوا شيئًا يُذكر.
بدلاً من الهواتف، وصلت للمشترين كتب دعائية أو شهادات “ملكية” لا قيمة لها، وأحيانًا مجرد مغلفات فارغة.
وقد استخدمت الشركة تلك الشحنات الوهمية كدليل مزعوم على التسليم، ما ساعدها على التهرب من مطالبات استرداد الأموال المقدمة من البنوك أو شركات بطاقات الائتمان، مما تسبب في مئات الشكاوى.
دور الإنترنت والضغط الجماهيري
في عام 2024، عاد ماركيز براونلي بفيديو جديد تناول فيه تفاصيل عملية الاحتيال بالكامل، مما أثار ضجة واسعة على الإنترنت.
هذا الضغط الإعلامي والجماهيري دفع السلطات الأميركية، بما في ذلك مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، إلى فتح تحقيق رسمي أسفر عن إدانة المدعو غوستافسون، المتورط الرئيسي في العملية.
وهكذا، طويت واحدة من أبرز عمليات الاحتيال التقني في العقد الأخير، والتي استغل منفذوها هوس المستهلكين بالعلامات التجارية اللامعة والأجهزة المتطورة لخداعهم ببراعة.